وقبل بدء المحاضرة، أشادت الدكتورة ضياء الكعبي بمستوى العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة، لافتةً إلى تميز العلاقات الثقافية بشكلٍ خاص، وذلك يتضح من خلال التاريخ والشخصيات، والحقائق التي تبقى إلى هذا اليوم شاهدةً على قوة تلك العلاقات وازديادها عمقاً يوماً بعد يوم.
ثم انطلقت الدكتورة ضياء الكعبي لتقدّم وصفاً دقيقاً لواقع الثقافة في مملكة البحرين منذ نشأتها الأولى مع الريادات التأسيسية التي شكلت البنية الأساسية للثقافة البحرينية، كما أشارت إلى العلاقات الثقافية الوطيدة بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والتي تزامنت مع بداية النهضة الثقافية في البحرين. الأمر الذي اتضح جلياً من خلال وجود بعض المثقفين كالكاتب القدير الراحل غازي بن عبدالرحمن القصيبي ومجموعة كبيرة من المثقفين والكتّاب والأدباء السعوديين، حيث كان لجميعهم إسهاماً فعلياً في تعزيز الحراك الثقافي في البحرين.
وسلّطت الدكتورة ضياء الضوء على مرحلة الطباعة وظهور الصحف والمجلات في البحرين، وتأسيس دوائر ووزارات معنية بقطاعات حيوية مهمة كالإعلام، وصولاً لنشأة كيانٍ مستقلٍ للثقافة في البحرين، الأمر الذي يعد نقلةً نوعية، عاشت البحرين المملكة بعدها مرحلة استثنائية، حيث تخطت ثقافة البحرين حدود المحلية، لتصل للمجتمع الإقليمي والدولي بفضل مشاريع ومبادرات ثقافية كبرى، كمشاريع هيئة البحرين للثقافة والآثار من ضمنها " التاريخ الشفهي"، "نقل المعارف"، عدا عن المشاريع الإنشائية الهادفة لصَون الإرث الإنساني المادي مثل "طريق اللؤلؤ"، وغير المادي كدار الرّفاع ودار الممحرّق للفنون الشعبية.
وانتقلت بعدها الدكتورة ضياء الكعبي لمحورٍ آخر، ناقشت خلاله مفهوم "الاستثمار في الثقافة" والذي ترى بأنه تأسيسٌ ثقافي حقيقي، وبادرة لظهور اقتصاد مغاير، أو فيما يطلق عليه اليوم "الاقتصاد المعرفي"، مشيرةً إلى أن هذا المشروع "الاستثمار في الثقافة، الذي أطلقته معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، أصبح اليوم نافذةً تتنفس منها الثقافة وترى النور عبر شراكة القطاع الخاص في صنع المنجز الثقافي، الذي هو في نهاية المطاف، منجزٌ وطنيّ.
وفي نهاية المحاضرة، كرّم القائمون على معرض الرياض الدولي للكتاب الدكتورة ضياء الكعبي تقديراً لمشاركتها ومداخلتها القيّمة التي أثرت البرنامج الثقافي للمعرض. ويذكر أن مشاركة الدكتورة ضياء الكعبي في فعاليات المعرض تتضمن تدشين كتاب "الحكايات الشعبية البحرينية ألف حكاية وحكاية" وهو ثمرة مشروع جمع وتدوين جماعي، قام عليه مائة طالب وطالبة من جامعة البحرين، على مدى عشر سنوات، وذلك تم تحت إشرافٍ مباشر من قبل الدكتورة الكعبي، وبدعمٍ مادي ولوجيستي من المنظمة الدولية للفن الشعبي، وهو منجز يحسب لمملكة البحرين لأنه أكبر مجموعة حكائية شعبية عربية على مستوى الوطن العربي، وأول مسح ميداني أيضاً للحكايات الشعبية على مستوى البحرين وفقاً للشرائط العلمية. ووفقاً للدكتورة ضياء الكعبي، فإن ما تم إنجازه، هو المرحلة الأولى من خمس مراحل قادمة حيث سيتم خلال الفترة القادمة العمل على ترجمة الكتاب للغة الإنجليزية، إضافة إلى مشاريع أخرى مهمة في ذات السياق.