عيسى اجراغ
تفاقمت أزمة مشكلات خليج توبلي لتتحول إلى كارثة طبيعية، فبدءاً من الروائح المنبعثة منها وما تسببه من أعراض صحية كالربو والحساسية مروراً بتدمير بيئتها البحرية وتضاؤل الثروة السمكية فيها.
مؤخراً، تجاوزت تدفقات مياه الصرف الصحي قدرتها الاستيعابية مما أفضى إلى زيادة انبعاث الروائح الكريهة بتلك المحطة والمنطقة المحيطة بها، نتيجة لصعوبة التحكم في الغازات المصاحبة لمياه الصرف الصحي الإضافية التي تستلمها المحطة حسب ما ورد في تقرير سابق لديوان الرقابة المالية والإدارية.
وبيَّن التقرير أن كميات مياه الصرف الصحي التي تتدفق على محطة توبلي تتجاوز طاقتها الاستيعابية، حيث تراوحت نسب المتوسط اليومي للكميات التي استلمتها تلك المحطات خلال الفترة 2014-2017 بين 124% و 186% من الطاقة الاستيعابية للمحطة.
وأفاد التقرير أن وزارة الأشغال أنشأت في 2014 مصنعاً لمعالجة كمية المواد الصلبة الناتجة من عمليات المعالجة بمحطة توبلي "الحمأة" لتخفيف حدة الأزمة، وأوكلت مهام إدارة وتشغيل وصيانة المصنع منذ بداية تشغيله وحتى يناير 2017 إلى إحدى الشركات، بيد أن التقرير لاحظ وجود قصور في تنفيذ ومتابعة العقد الذي أبرمته الوزارة مع تلك الشركة، حيث ترتب عليه تضعضع حالة المصنع وتراجع إنتاجيته وتلويث خليج توبلي.
كما وذكر التقرير أن الشركة لم تستطع إنتاج الكمية المتفق عليها في العقد المبرم معها وهي 55 طناً في اليوم، حيث قلت نسبة إنتاجية المصنع مقارنة بطاقته الاستيعابية من 77% في سنة 2014 إلى 25% في يناير 2017، الأمر الذي أدى إلى تلويث خليج توبلي بسبب زيادة كمية المواد الصلبة الناتجة من عمليات المعالجة التي لم تقم الشركة بتصريفه بما يطابق المواصفات البيئية.
وصُنف خليج توبلي رسميًا منذ أكثر من 20 سنة كمحمية طبيعية بحسب التصنيف الدولي للمحميات، وتم إعلان المنطقة موقعاً ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة «رامسار» .
وعلى صعيد المشاكل البيئية التي ترتبت على تلوث خليج توبلي فإن نفوق الأسماك وتدهور الثروة السمكية هي الحصيلة الأولى المتضررة جراء ترسبات مياه الصرف الصحي.
ورغم المشكلات المتعددة التي أصابت المنطقة، إلا أن الأهالي لايزالون يستذكرون تلك الثروة الغذائية من الربيان التي كن نساء توبلي ينزلن البحر ليقمن بلمِّها عبر عباءاتهن، وما يفتأ بعض كبار السن يستدعون ذكريات رحلاتهم لصيد الميد الذي سرعان ما يشوونه في إحدى البساتين المطلة على خليج توبلي.
ولعل تلك المشاكل البيئية تعود لانخفاض تركيز الأكسجين المذاب في المياه نتيجة تأكسد الرواسب القاعية الغنية بالمواد العضوية والتي تجمعت بمرور السنين نتيجة تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الخليج، بالإضافة إلى انبعاث غازات غير حميدة كالميثان وثاني أكسيد الكربون من أهم عوامل تهديد الحياة الفطرية والبحرية في الخليج التي تتمتع بغطاء طبيعي يشكله نبات القرم والطحالب الممتدة بمواقع متعددة على طول الخليج حسب ما ورد في تقرير حسب تقرير سابق أصدرته إدارة التقويم والرقابة البيئية بالمجلس الأعلى للبيئة .
كما أضاف التقرير أن البكتيريا المصرفة مع مياه الصرف الصحي لها دور كبير في نفوق الأسماك في خليج توبلي، حيث بينت تقارير صيف 2001 بشأن نفوق ما لا يقل عن 2500 طن من الأسماك النافقة وخصوصاً أسماك الميد بسواحل الكويت كان بسبب تعرضها لهجوم ميكروبي من بكتيريا Streptococcus agalactia وهي أحد أنواع البكتيريا المستوطنة بمواقع مياه الصرف الصحي .
ويشار إلى أن وزارة الأشغال ستقوم بتطوير المحطة لتطرح مناقصة تم إرساؤها منتصف العام الماضي بقيمة 138 مليون دينار تشمل الأعمال الانشائية بقيمة 77.8 مليون دينار و60 مليون دينار لأعمال التشغيل والصيانة لمدة عشر سنوات.
ومع أنباء بتطوير وتوسعة الطاقة الاستيعابية للضعف يبدو طرح السؤال عن السبل المفضية إلى تنقية مياه الخليج وإحيائه مهماً، فتوسعة استيعابية المحطة خطوة متقدمة لحل الأزمة البيئية في توبلي، بيد أن ما خلفته المحطة على مدار سنين طويلة من تلوث بالخليج يجعلنا نقف أمام معضلة أخرى تحتاج للدراسة، كما ولابد من طرح خطة زمنية مستعجلة لتنفيذ مشاريع إنقاذ خليج توبلي تحول دون المزيد من التدهور الذي يطال البيئة الفطرية والطبيعية بالخليج.
{{ article.visit_count }}
تفاقمت أزمة مشكلات خليج توبلي لتتحول إلى كارثة طبيعية، فبدءاً من الروائح المنبعثة منها وما تسببه من أعراض صحية كالربو والحساسية مروراً بتدمير بيئتها البحرية وتضاؤل الثروة السمكية فيها.
مؤخراً، تجاوزت تدفقات مياه الصرف الصحي قدرتها الاستيعابية مما أفضى إلى زيادة انبعاث الروائح الكريهة بتلك المحطة والمنطقة المحيطة بها، نتيجة لصعوبة التحكم في الغازات المصاحبة لمياه الصرف الصحي الإضافية التي تستلمها المحطة حسب ما ورد في تقرير سابق لديوان الرقابة المالية والإدارية.
وبيَّن التقرير أن كميات مياه الصرف الصحي التي تتدفق على محطة توبلي تتجاوز طاقتها الاستيعابية، حيث تراوحت نسب المتوسط اليومي للكميات التي استلمتها تلك المحطات خلال الفترة 2014-2017 بين 124% و 186% من الطاقة الاستيعابية للمحطة.
وأفاد التقرير أن وزارة الأشغال أنشأت في 2014 مصنعاً لمعالجة كمية المواد الصلبة الناتجة من عمليات المعالجة بمحطة توبلي "الحمأة" لتخفيف حدة الأزمة، وأوكلت مهام إدارة وتشغيل وصيانة المصنع منذ بداية تشغيله وحتى يناير 2017 إلى إحدى الشركات، بيد أن التقرير لاحظ وجود قصور في تنفيذ ومتابعة العقد الذي أبرمته الوزارة مع تلك الشركة، حيث ترتب عليه تضعضع حالة المصنع وتراجع إنتاجيته وتلويث خليج توبلي.
كما وذكر التقرير أن الشركة لم تستطع إنتاج الكمية المتفق عليها في العقد المبرم معها وهي 55 طناً في اليوم، حيث قلت نسبة إنتاجية المصنع مقارنة بطاقته الاستيعابية من 77% في سنة 2014 إلى 25% في يناير 2017، الأمر الذي أدى إلى تلويث خليج توبلي بسبب زيادة كمية المواد الصلبة الناتجة من عمليات المعالجة التي لم تقم الشركة بتصريفه بما يطابق المواصفات البيئية.
وصُنف خليج توبلي رسميًا منذ أكثر من 20 سنة كمحمية طبيعية بحسب التصنيف الدولي للمحميات، وتم إعلان المنطقة موقعاً ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة «رامسار» .
وعلى صعيد المشاكل البيئية التي ترتبت على تلوث خليج توبلي فإن نفوق الأسماك وتدهور الثروة السمكية هي الحصيلة الأولى المتضررة جراء ترسبات مياه الصرف الصحي.
ورغم المشكلات المتعددة التي أصابت المنطقة، إلا أن الأهالي لايزالون يستذكرون تلك الثروة الغذائية من الربيان التي كن نساء توبلي ينزلن البحر ليقمن بلمِّها عبر عباءاتهن، وما يفتأ بعض كبار السن يستدعون ذكريات رحلاتهم لصيد الميد الذي سرعان ما يشوونه في إحدى البساتين المطلة على خليج توبلي.
ولعل تلك المشاكل البيئية تعود لانخفاض تركيز الأكسجين المذاب في المياه نتيجة تأكسد الرواسب القاعية الغنية بالمواد العضوية والتي تجمعت بمرور السنين نتيجة تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الخليج، بالإضافة إلى انبعاث غازات غير حميدة كالميثان وثاني أكسيد الكربون من أهم عوامل تهديد الحياة الفطرية والبحرية في الخليج التي تتمتع بغطاء طبيعي يشكله نبات القرم والطحالب الممتدة بمواقع متعددة على طول الخليج حسب ما ورد في تقرير حسب تقرير سابق أصدرته إدارة التقويم والرقابة البيئية بالمجلس الأعلى للبيئة .
كما أضاف التقرير أن البكتيريا المصرفة مع مياه الصرف الصحي لها دور كبير في نفوق الأسماك في خليج توبلي، حيث بينت تقارير صيف 2001 بشأن نفوق ما لا يقل عن 2500 طن من الأسماك النافقة وخصوصاً أسماك الميد بسواحل الكويت كان بسبب تعرضها لهجوم ميكروبي من بكتيريا Streptococcus agalactia وهي أحد أنواع البكتيريا المستوطنة بمواقع مياه الصرف الصحي .
ويشار إلى أن وزارة الأشغال ستقوم بتطوير المحطة لتطرح مناقصة تم إرساؤها منتصف العام الماضي بقيمة 138 مليون دينار تشمل الأعمال الانشائية بقيمة 77.8 مليون دينار و60 مليون دينار لأعمال التشغيل والصيانة لمدة عشر سنوات.
ومع أنباء بتطوير وتوسعة الطاقة الاستيعابية للضعف يبدو طرح السؤال عن السبل المفضية إلى تنقية مياه الخليج وإحيائه مهماً، فتوسعة استيعابية المحطة خطوة متقدمة لحل الأزمة البيئية في توبلي، بيد أن ما خلفته المحطة على مدار سنين طويلة من تلوث بالخليج يجعلنا نقف أمام معضلة أخرى تحتاج للدراسة، كما ولابد من طرح خطة زمنية مستعجلة لتنفيذ مشاريع إنقاذ خليج توبلي تحول دون المزيد من التدهور الذي يطال البيئة الفطرية والطبيعية بالخليج.