حوار - حوراء الصباغ
رغم صغر سنها استطاعت أن تصنع اسماً لامعاً من العدم وحولت هوايتها في الطبخ إلى مهنة أهلتها لتكون اليوم شيفاً معتمداً عالمياً وعلى مستوى الشرق الأوسط، وتحقق إنجازات في أوقات قياسية.
الشابة خولة السيب تتميز بخفة ظل وحضور مميز على الشاشة بلهجتها البحرينية المميزة، ما جعلها تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة على مواقع وسائل التواصل.
تقول خولة لـ"الوطن"، إن رسالتها تمكن في السعي لنشر ثقافة الطهي وتأسيس جمعية طهاة بحرينية تندرج تحت جمعية طهاة العالم، مشيرة إلى ضرورة الالتفات لمهنة الشيف ودعمها إذ يمكن من خلالها تمثيل البحرين في المحافل الدولية ونشر ثقافة المطبخ البحريني عالمياً.
وتلفت إلى أنها استطاعت تصحيح الثقافة السائدة عن المطبخ البحريني وعادات وتقاليد البحرين من خلال كونها سفيرة المطبخ البحريني والخليجي، ما أهلها لنشر أصول وتفاصيل الأطباق البحرينية في أوروبا.
وفيما يلي نص الحوار:
حفرت اسمك في مجال الطبخ وتركت بصمة واضحة وأصبحت مثالاً يحتذى، فمن هي الشيف خولة، وكيف كانت بدايتها في الطبخ؟
أبلغ من العمر 31 عاماً. تعلمت الطبخ على يد جدتي فكنت موجودة معها دائماً في المطبخ. وأصبحت هاوية وأطبخ في المنزل منذ الصغر. ورغم اكتسابي ثقافة الطبخ من جدتي فإنني لم أتخصص في الأكلات الشعبية بل في الأطباق العالمية وخصوصاً الحلويات، إذ سعيت لاكتساب ثقافة أوسع في مجال الحلويات وإتقان الأصول والأساسيات.
أعمل مسؤولة طهاة في وزارة الداخلية. متزوجة ولدي بنت وولد؛ غزلان وطلال. وزوجي هو الداعم والمساند الأول لي في مسيرتي المهنية.
لم أتعلم الطبخ في معهد أو أكاديمية بل بالتعلم الذاتي وأؤمن أن الخبرة العملية وحدها لا تكفي في مجال الطبخ ويجب أن تكملها الخبرة الأكاديمية، لذلك أطمح للدراسة في "كوردن بلو". وسمعت أن هناك مخططاً لفتح معهد ضيافة في البحرين، أنوي الالتحاق به.
بدأت مشواري المهني من خلال المنزل عبر مشروع منزلي لبيع الأطباق المختلفة عن طريق "الانستغرام" واتجهت حينها للاشتراك في المعارض المختلفة. وبعد فترة واكتساب قاعدة ثقافية بمجهودي الشخصي ودون الالتحاق بأكاديمية للطبخ قررت الانتقال إلى تعليم مهارات الطبخ، حيث استعنت بـ"الانستغرام" و"السناب شات" بصورة أوسع لتعليم مهارات وأسس الطبخ للأفراد، ما ساهم في إنشاء قاعدة جماهيرية لي عبر حب الآخرين لأدائي وعفويتي وطريقة إيصالي المعلومة. وهذا شكل حافزاً لي للاستمرار في رسالتي التي تكمن في نشر ثقافة الطهي بطريقة صحيحة لأبعد مدى.
أين كانت نقطة التحول والقفز للنجاح والعالمية؟
نقطة التحول تكمن في اشتراكي في معرض "هوريكا" للضيافة ومسابقات الطبخ في الرياض. تمكنت حينها من الحصول على المركز الثالث عند منافستي لأكثر من 260 فندقاً وكنت المرأة الوحيدة بينهم. كما جعلت مني الدورة شيفاً معتمداً في الخليج. ومنذ ذلك سعيت لأثقف نفسي بصورة أكبر وعملت على تطوير خبراتي، وشاركت في فعاليات ومسابقات الطبخ في داخل وخارج البحرين، وحصلت على المراكز الأولى، ونظمت دورات طبخ للصغار والكبار. أصبحت عضواً في 3 جمعيات طهاة عالمية هي جمعية الطهاة العالمية، وجمعية الطهاة الإماراتية، ومنظمة التذوق والمطاعم العربية التي منحتني منصب سفيرة المطبخ الخليجي والبحريني. كما عملت في التقديم التلفزيوني لبرامج الطبخ.
حدثينا عن إنجازاتك كسفيرة المطبخ الخليجي والبحريني؟
حصولي على المنصب حقق رسالتي التي تتلخص في نشر ثقافة الطبخ، إذ عملت على نشر ثقافة وأصول المطبخ البحريني في دول أوروبا مثل فنلندا وإسبانيا. وقدمت عروضاً شاملة متكاملة عن المطبخ الخليجي والبحريني وتفاصيل السفرة البحرينية بشكل خاص وتمكنت من تغيير الفكرة السائدة عند الغرب في أن الشعوب الخليجية لا تملك ثقافة في الطبخ. كما غيرت الأفكار الخاطئة المتداولة عن الأطباق الخليجية التي يعتقدون بأنها مليئة بالبهارات وذات طعم سيئ.
ونقلت أصول الضيافة في البحرين وطرق التقديم وسر البهارات البحرينية وقصص تاريخ المطبخ البحريني وأدوات الطبخ. وكانت المتعة الحقيقية والفخر الكبير عند رؤية تعابير وجوههم ومتعتهم بتذوق الأطعمة والإحساس بنزعة الأمومة في الطعام كما وصفوه. وحرصت على تثقيفهم في جميع جوانب المطبخ البحريني عبر إهدائهم عينات من أدوات الطبخ البحرينية ومجموعة من أواني الطهي التقليدية البحرينية. فضلاً عن تذوقهم أفضل الأطباق الشعبية البحرينية، كما تمكنت من الحصول على دبلوم الطهي في تلك الدول واكتساب ثقافاتهم والتمكن من إعداد أطباقهم.
لماذا تخصصت في الحلويات فقط؟
أميل للمطبخ العالمي أكثر، ولست بالمستوى المحترف مثل "يدتي" في الأكل الشعبي، ونظراً لكوني أعلم بأساسيات وقواعد الحلويات بصورة أوسع وأملك خلفية واسعة عنها تخصصت فيها وبشكل خاص في "الجيز كيك" المخبوز. وبالمناسبة الحلويات لها أصول وقواعد وتقنيات معينة وليست سهلة كما يظنها كثيرون.
دخلت مجال التقديم في التلفزيون، فكيف كانت التجربة؟
بعد شهرتي في مواقع التواصل الاجتماعي، تلقيت عرضاً من قناة "سما دبي" بفرصة التقديم مع اثنين من الطهاة في برنامج "هني وعافية" وكنت البحرينية الوحيدة بينهم. واكتشفت حينها أنني صديقة ممتازة للكاميرا وأمتلك سرعة الاستجابة مع الكاميرات. وبعد زيادة عدد المشاهدات في البرنامج تلقيت فرصة تقديم البرنامج باسمي في العام التالي طيلة شهر رمضان المبارك. وكانت كل الأطباق من إعدادي وتقديمي. لم يكن الأمر سهلاً، إذ كنت أصور 4 حلقات يومياً. ولم أتخل عن لهجتي البحرينية لأنها فخري. البرنامج أضاف لي ثقة أكبر وشهرة أوسع. وجعلتني تجربة التقديم أدرك أن المرأة البحرينية قادرة على ترك بصمة في جميع المجالات. وتعلمنا ذلك من خلال جهود المجلس الأعلى للمرأة برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة السباقة دائماً في مساندة المرأة وإثبات أن العنصر النسائي البحريني قادر على إنجاز المستحيل.
ماذا عن مشاركتك في برنامج المسابقات والطبخ الشهير "توب شيف" الشرق الأوسط؟
كنت أول امرأة بحرينية تشارك في البرنامج للحصول على لقب أفضل شيف في العالم العربي بين 16 مشتركاً وبوجود لجنة تحكيم من طهاة عالميين. البرنامج بكل صراحة كسر غروري وهز ثقتي بنفسي وأعطاني دافعاً قوياً للتعلم بصورة أكبر لأنني كنت أعتبر نفسي محترفة ووصلت للمستوى المطلوب، لكن تعلمت من خلال مشاركتي في البرنامج أنه مهما كنت طاهياً عالمياً فذلك لا يعني التوقف عن التعلم والتطور.
لم تكن التحديات سهلة أبداً، وكان الضغط شديد للغاية وهو ما تسبب في خروجي. ومهما كانت الظروف كان يجب علينا الإبداع كوننا أفضل طهاة في الشرق الأوسط. أنا لم أخسر أبداً فقد تعلمت تحمل المسؤولية والعمل تحت مختلف الظروف والتفكير خارج الصندوق ونقلت الثقافة البحرينية ولم أتخل عن لهجتي البحرينية وشعار البحرين المعلق في مريلة الطبخ اللذين يشعرانني بالفخر. كما أن البرنامج سلط الضوء على الخصال التي نتمتع بها نحن أهل البحرين وهي حب ومساعدة الآخرين إلى جانب اكتسابي ثقافة مختلف البلدان وأصدقائي المنافسين من جميع البلدان العربية. لكنني حزنت عند خسارتي لأنني لم أبدع ولم أستطع تمثيل البحرين بالصورة التي تصورتها بسبب الضغط، ولكن أعد الجميع بأنني سأكون الأفضل.
ما الأطباق التي تميز الشيف خولة؟
الحلويات بالطبع و"الجيز كيك" تحديداً بأنواعه المخبوز والبارد والذي أستطيع تحويله لأي طبق آخر.
الجيز كيك المخبوز طريقته أصعب وألذ من البارد في الواقع وله تقنيات معينة في الخبز. وما يميزني أنني أخلط الثقافة الغربية والشرقية لتظهر بمزيج رائع عصري كجيز كيك بالخنفروش البحريني وجيز كيك بالبقلاوة والزعفران على سبيل المثال. أنقل وصفاتي للجميع لكن وصفتي السرية التي تميزني هي جيز كيك "البستاشيو" أو الفستق. ولا أستغني في مطبخي عن الشوكولاتة وكريمة الخفق والكريمة الحامضة والجبن الكريمي.
ما الصعوبات والتحديات المهنية التي واجهتك خلال مسيرتك؟
التحدي يكمن في عدم حصولي على الدعم الكافي إعلامياً ومادياً، فلا بد من دعم الجهات لي للتمكن من تمثيل البحرين عالمياً بصورة أكبر. أدعو الجهات للالتفات لمهنة الشيف فهي تعتبر في مستوى الرياضة والأنشطة الأخرى التي تحصل على الدعم للتمثيل العالمي باسم البحرين، فوت كثيراً من الفرص بسبب ذلك وأبرزها هي تمكني من الحصول على منصب حكم دولي كأول بحرينية وخليجي تصل للمستوى التحكيمي لكن ينقصني الدعم.
كيف هي علاقتك بالجمهور؟
أنا أرحب بالجميع بكل رحابة صدر وأدير حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي بنفسي وأرد على جميع الرسائل التي تصلني سواء كانت إيجابية أو سلبية. وأحب تشجيع الآخرين ورؤية تطبيقهم وإبداء النصائح لتطويرهم للأفضل والسعي لنشر حب الطبخ وتغيير الممارسات والعادات الخاطئة في المطبخ بصورة أكبر. فارتكاب الأخطاء ضرورة في عالم الطبخ مهما بلغ الاحتراف. وهناك معلومات يجهلها الكثيرون مثل طرق تصنيف الكعك وأخطاء خفق الطحين بكثرة وأن الخميرة صديقة السكر فقط وأسس التذويب وغيرها. وهذا ما دفعني للظهور في مواقع التواصل لتصحيح جميع الممارسات والاعتقادات الخاطئة بقدر الإمكان.
ما الجديد الذي ستقدمينه؟ وما طموحاتك المستقبلية؟
عما قريب سأصدر أول كتاب بعنوان PIEACE OF CAKE مترجم للغتين العربية والإنجليزية. الكتاب يتحدث عن أصول الحلويات، والمقادير المستخدمة والأكواب المعيارية والتقنيات في الحلويات بشكل عام، إلى جانب وصفات الحلويات الشعبية الممزوجة بطابع غربي حديث تتمكن كل ربة المنزل من تطبيقه بطرق سهلة، وأطمح لنشره على مستوى عالمي وسأعرضه على موقع أمازون.
أتمنى الوصول لمستوى عالمي كحكم في المسابقات الدولية، وأؤسس جمعية طهاة بحرينية تندرج تحت جمعية طهاة العالم.