أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى " إن إيران لا تزال هي الراعي الأول للإرهاب بما يشكله من تهديد سافر ليس على أمن واستقرار دولنا فحسب، بل وعلى الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عبر تدخلاتها في شؤون الدول العربية ودعمها متعدد الوسائل للعنف والتطرف والإرهاب والتنظيمات الإرهابية وإثارة الفوضى وزرع الفتن للإضرار بأمن دولنا واستقرارها ومصالح شعوبها".
ووجه جلالة الملك المفدى كلمة إلى القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين التي بدأت أعمالها في الجمهورية التونسية الأحد، ألقاها نيابة عن جلالته سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء لدى ترؤس سموه وفد مملكة البحرين المشارك في أعمال القمة.
وأعرب جلالة الملك المفدى في كلمته عن خالص تمنياته للرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة بالتوفيق والسداد، وللجمهورية التونسية وشعبها المزيد من التقدم والازدهار والنماء.
كما أعرب جلالته عن بالغ الشكر والتقدير لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة لما بذله من جهود كبيرة ومباركة لدى ترؤسه أعمال القمة العربية السابقة.
وفيما يلي نص كلمة حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى للقمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يسرنا أن نتقدم لأخينا فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة بخالص التهنئة على تسلمه رئاسة القمة العربية في دورتها الاعتيادية الثلاثين، متمنين لفخامته كل التوفيق في قيادة مسيرة العمل العربي للفترة المقبلة لما فيه خير قضايانا العربية العادلة وتحقيق مصالحنا المشتركة في ظل الدور الهام الذي تلعبه الجمهورية التونسية الشقيقة والمكانة التي تحظى بها على المستويين الإقليمي والدولي.
كما نعرب عن عميق شكرنا وبالغ تقديرنا لأخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، على جهوده المباركة ومساهماته الكبيرة في تعزيز العمل العربي المشترك، أثناء ترؤسه أعمال القمة السابقة.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،
تنعقد هذه القمة في ظل ما تشهده منطقتنا العربية من تحديات ومخاطر في هذه المرحلة من تاريخها الحديث، الأمر الذي يستوجب منا توحيد الصف والعمل على تطوير آليات عملنا المشترك سواء في إطار جامعتنا العربية وزيادة التنسيق والتشاور والتعاون بين دولنا الشقيقة في ضوء ما ينص عليه جدول أعمال هذه القمة وما سوف يخرج به من توصيات وقرارات تحقق المصالح المشتركة لأمتنا العربية في التنمية الشاملة التي تقوم على تطوير التعليم وبناء الاقتصاد وصيانة الأمن والاستقرار.
وبناء على ما تقدم فإن تحقيق ذلك يقوم على إقرار السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة يأتي في مقدمته حل القضية الفلسطينية ونيل الشعب الفلسطيني الشقيق حقه المشروع كغيره من الشعوب في قيام دولته المستقلة الكاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية التي ندعو إلى المحافظة على وضعها بالنسبة للعرب والمسلمين وطابعها التاريخي العريق استناداً إلى ما جاء في مبادرة السلام العربية، ووفقاً لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،،،
تابعنا ونتابع باهتمام وقلق الأوضاع غير المستقرة في بعض من دولنا العربية الشقيقة ونأمل أن تسفر الجهود الوطنية والدولية في إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها ووحدة ترابها.
فبالنسبة للوضع في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، نؤكد على أهمية حماية استقلالها واستقرارها ووحدتها الوطنية، وسلامتها الإقليمية، ونبارك الجهود الهادفة إلى التوصل لحل سياسي وفق بيان جنيف 1 وقرارات الأمم المتحدة، بمشاركة فعالة ودور عربي نشط بما يضمن سيادتها على جميع أراضيها، بما فيها هضبة الجولان المحتلة منذ عام 1967م، رافضين أي ادعاءات أو قرارات خارجية بهذا الشأن مؤكدين موقفنا الثابت بأن الجولان أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة.
كما نؤكد دعمنا لجهود التخلص من الجماعات الإرهابية والتدخلات الإقليمية والدولية، تحقيقاً لطموحات الشعب السوري الشقيق في الاستقرار والتنمية، مؤكدين في هذا السياق دعمنا لجهود السيد غير بيدرسون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا.
أما الجمهورية اليمنية الشقيقة، فإن الوضع لا يزال يشكل مصدر قلق كبير لنا ولدول المنطقة، وخاصة في ظل التدخلات الإيرانية المباشرة ودعمها المتواصل لجماعة الحوثي الانقلابية التي تعمل على تعطيل تنفيذ جميع ما تم ويتم الاتفاق عليه وخاصة في اجتماع ستوكهولم الأخير، وذلك بغية استمرار الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وإزاء ما يجري، فإننا نؤكد دعمنا الكامل للشرعية في اليمن ووحدة أراضيه واستقلاله وضرورة التوصل الى حل سياسي شامل مبني على الثوابت الاساسية التي تقوم عليها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر الرياض وقرار مجلس الأمن 2216 لعام 2015م، بمساهمة فاعلة من الأمم المتحدة، مؤكدين على الدور الهام للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وجهود قوات الحكومة الشرعية في استعادة الأمن والاستقرار في جميع أرجاء اليمن الشقيق.
وإزاء ما تشهده ليبيا الشقيقة من اضطراب وعدم استقرار، فإننا نجدد دعمنا لكافة الجهود الهادفة للمصالحة الوطنية واعادة بناء الدولة، لتكون قادرة على القيام بمهامها في التصدي للإرهاب بمختلف صوره وأشكاله، بما يحفظ لليبيا استقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وننوه بجهود المبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة للتوصل لحل سياسي وتحقيق المصالحة والتوافق الوطني، مشيدين بالدور الإيجابي لدول الجوار الليبي لحل هذه الأزمة.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،
يزخر جدول أعمال القمة ببنود في غاية الأهمية بما فيها ما يخص الإرهاب ومكافحته وصيانة الأمن القومي العربي من هذا الوباء المدمر وما نتج وينتج عنه من حصد للأرواح وتدمير الدول، مجددين في هذا الصدد موقفنا الثابت في إدانة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وأيًا كان مكانه ومرتكبوه ودوافعه، وحيثما ارتكبت، مع التأكيد على أهمية تكاتف الجهود الدولية لمكافحة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية وتجفيف منابعها الفكرية والمالية، مجددين في هذا الصدد إدانتنا لتلك الأعمال الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام أو تلك التي تستهدف المسلمين الأبرياء في جميع أنحاء العالم، حيث أنها أعمال إرهابية مدانة ومنافية لجميع المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية.
فخامة الرئيس الحضور الكرام،،،
في ظل ما يواجهه الإرهاب من إدانة فإن إيران لا تزال هي الراعي الأول للإرهاب بما يشكله من تهديد سافر ليس على أمن واستقرار دولنا فحسب، بل وعلى الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عبر تدخلاتها في شؤون الدول العربية ودعمها متعدد الوسائل للعنف والتطرف والإرهاب والتنظيمات الإرهابية وإثارة الفوضى وزرع الفتن للإضرار بأمن دولنا واستقرارها ومصالح شعوبها.
كما وإن مواصلة إيران تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية مخالفة صريحة لقرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية، ويمثل تهديداً لأمن المنطقة وشعوبها الأمر الذي يستوجب تكاتف الجهود للتصدي لهذا الخطر وزيادة الضغط على إيران للالتزام بمبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول واستقلالها وفق ما نصت عليه المواثيق الدولية.
وفي سياق تهديدات إيران لأمن المنطقة فإن استمرار احتلالها لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، يستوجب مطالبتها بضرورة التجاوب مع المساعي الحثيثة لدولة الإمارات لحل قضية الجزر الثلاث من خلال التفاوض المباشر أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية ، مجددين دعمنا التام لحق الأمارات في السيادة على هذه الجزر.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،
إذ نجدد تمنياتنا لأعمال هذه القمة بالتوفيق والنجاح، يسرنا الإشادة بالجهود التي يبذلها معالي أمين جامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط وجهاز الامانة العامة لتطوير وتعزيز دور الجامعة العربية وتمكينها من تحقيق الأهداف التي انشئت من أجلها، وبما قاموا به من عمل للتحضير والإعداد لهذه القمة مجددين شكرنا وتقديرنا للشقيقة تونس لاستضافة القمة وتوفير عوامل النجاح لأعمالها، داعين الله التوفيق للعمل لما فيه خير وصالح أمتنا العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،