د.عبدالقادر المرزوقي

الثقـافة بحـر جـارف لا يتوقف هـديـره أمام العـوائق، بحـر تتجـدد فيه الميـاه، تتخلـق فـيه أفكـار ورؤى ونسـيج يظللـه روح الحـياة لعـالم يسـوده الحـب، وهـنا يبرز السـؤال المفصلـي هـل الفعـل الثقـافي ترف فكـري أم أنـه آلـية لتلاقـح الأفكـار وتقـريب المسـافات المـادية والمعـنوية لتكـون الكلمـة مـن أجـل الانســان، الكلمـة التواقـة لسـبر أغـوار البشـرية في سـعيها الـدؤوب لـرفـد الوعـي الإنسـاني.

فالثقـافة سـمت حضـاري يعـبر عـن رقي الانسـان في حـركة تفـاعله سـلوكـيا ومعـرفيا مع الآخـرين ممـا يحفز الفكـر والإبـداع في جمـيع مفاصـل الثقـافة من شـعر وسـرد وموروث شـعبي ومسـرح وموسـيقى، لـذلك فهـي وسـيلة لقياس المـدى التطـوري للبيـئة والمجـتمع، وهـي في الوقت ذاتـه تعكس مـدى تطـور الفكـر والإنجـاز الإبـداعي.

وانطـلاقا مـن هـذا المفهـوم تعمـل أسـرة الأدبـاء والكـتاب علـى تكـريس هـذا النهـج في تعـاطيها مـع الثقـافة لصـقل شـخصية المـبدع باحتضـانه في مسـيرة الابـداع مـن أجـل زيـادة ورفـد الوعـي الثقـافي الفـردي والمجـتمعي دفعـا للتنمـية الحـياتية، ونحـن حينمـا نتحـدث عـن الثقـافة فإننا نرنـو إلى الثقـافة اللامـادية المتعلـقة بالإنجـاز الأدبـي بمـا يشـمل المفاهيم القيمية والجمـالية في مسـيرة الفـرد، ولعـل النشـاط الفـاعل في احتفـالية الأسرة بيوبيلها الذهـبي يتـرجم ذلك المـبدأ من خلال استضـافة المـبدعين الـرموز في العـالم العـربي لخلـق صـورة من التكـامل الفكـري والجمـالي بين مكونات المشـهد الثقافي محليـاً وعـربياً.

ومـا استضـافة الشـاعرة السـودانية روضـة الحـاج في أمسـية نوعـية نظمتها أسرة الأدباء إلا فعـل ثقـافي تـراكمي يؤسـس كـياناً ووعـياً معـرفياً يصـقل الـذائقة الجمـالية في التـواصل بين الفـرد الكلمـة.