جاء تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى بافتتاح معرض البحرين الدولي للإنتاج الحيواني "مراعي 2019"، ليؤكد على معنيين مهمين، أحدهما: أن مملكة البحرين مع أي مبادرة تستهدف الترويج للمنتج المحلي وتشجيع رواد الأعمال، وبخاصة في قطاعات الإنتاج الزراعي والحيواني لما يمثله من أهمية قصوى في الحفاظ على الموروث الحضاري للشعب البحريني والمعنى الآخر يتعلق بالجهود الدؤوبة التي تبذلها المملكة وبتوجيهات ورعاية كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الأمن الغذائي الذي بات يحتل أولوية قصوى ضمن برنامج عمل الحكومة من خلال متابعة اللجنة التنسيقية للأمن الغذائي، ويمثل ضرورة ملحة لتحقيق التنمية الشاملة وركيزة أساسية لرفع معدلات الأمن الغذائي الوطني وضمان استدامته.



وانطلقت النسخة الخامسة من معرض البحرين للإنتاج الحيواني "مراعي 2019"، وذلك بمشاركة أكثر من 1000 عارض من المتخصصين العاملين في مجالات إنتاج اللحوم بأنواعها والألبان والمنتجات النباتية المختلفة، وبما يستهدف توفير احتياجات البحرين من مواد الغذاء محليا، وتشجيع وتحسين قدرة الشركات المحلية على العمل والإنتاج في هذا القطاع.

وقد اكتسب هذا المعرض السنوي الذي يمتد حتى الـ 13 من أبريل الجاري أهمية كبيرة، وذلك لأنه يحظى برعاية خاصة من جانب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، كما إنه يعد واحدا من آليات الرفع التي اعتمدتها المملكة لتوسيع عملية إنتاج المواد الغذائية بداخل البلاد، وتقليل الاعتماد على استيرادها من الخارج، ومن ثم تعظيم العائد، ورفع قيمة مساهمة القطاع الزراعي بمشتملاته في الناتج الإجمالي.

ويجيء معرض هذا العام وسط اهتمام متعاظم باستراتيجيات المملكة الموضوعة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة ومن ثم الأمن الغذائي، سيما بعد أن قوبلت بعض الإجراءات والاستراتيجيات المتخذة في هذا القطاع بتقدير وترحاب من جانب الأوساط المتخصصة، فضلا عن العاملين في الحقل الزراعي والإنتاج الحيواني.

وكان من بين هذه الاستراتيجيات المتبناة: العمل على توفير الأراضي الكافية لاستثمارها زراعيا، ودعم صغار المزارعين والمزارع، والتي بلغت أكثر من 900 مزرعة، والإسراع في زيادة الإنتاج المحلي من الخضروات إلى 30 % بحلول عام 2030، وما نسبته 30 % من احتياجات البلاد من الأسماك حتى عام 2021، والوصول بالمحميات الزراعية إلى 8 آلاف بيت محمي.

ونجحت وزارة الأشغال والبلديات خلال الفترة الأخيرة في إعداد عدتها بالتعاون مع الجهات المعنية لاستقبال جمهور المعرض الذي بدأ بالتوافد وبأعداد كبيرة على فعاليات المعرض الذي افتتح للجمهور يوم الاربعاء، ويرجع ذلك إلى زيادة الإقبال الجماهيري عليه سنويا، وبمعدل يدفع إلى مزيد من الاهتمام بالفعاليات التي تقام على هامشه.

والمتابع لفعاليات الافتتاح للجمهور يمكن أن يتأكد من نجاح المعرض في استقطاب فئات جديدة من الجمهور له، إذ بالإضافة إلى المهتمين والمشتغلين في حقل الإنتاج الزراعي والحيواني، فضلا عن المستثمرين والتجار والمربين، فإن المعرض بات واحدا من أهم فعاليات البحرين التي تجذب عشاق التراث الوطني من المواطنين، فضلا عن الزوار من المقيمين والسياح، وبات واحدا من أهم الفعاليات التي تحرص كثير من العائلات وبخاصة من الأطفال والنشء على زيارتها.



وقد لاقى معرض مراعي منذ انطلاق نسخته الأولى عام 2010 اهتماما جماهيريا واسعا، واستطاع أن يكون على رأس قائمة الفعاليات والبرامج والأنشطة الجاذبة للجمهور بالمملكة بجانب المعارض الفنية والمتخصصة الأخرى، حيث حظيت نسخته الرابعة عام 2018 بنحو 200 ألف زائر من داخل وخارج المملكة، وهو عدد يفوق النسخ السابقة، ويتوقع معه أن تحظى نسخة هذا العام بإقبال أكبر مع حجم الاهتمام الذي يحظى به المعرض وأنشطته.



ويوصف معرض مراعي البحرين بأنه الأول بمنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، حيث يعود تاريخيا إلى العام 1958، كما أنه يحفل بالعديد من السمات التي تميزه عن غيره، وتجعله محطا للأنظار والمتابعين من داخل المملكة وخارجها، خاصة خلال الأيام القادمة، ومن بين ذلك سوق المنتجات الزراعية الذي يقام على مساحة أكبر مقارنة بالسنوات السابقة، فضلا عن سلسلة كبيرة من الفعاليات الترفيهية والتثقيفية التي تستهدف كل فئات الجمهور من عروض وحفلات ومسابقات وجوائز وغير ذلك.



ويعول كثير من المهتمين على هذا المعرض السنوي، سيما لجهة عقد الصفقات التجارية، والتعرف عبر اللقاءات المباشرة على أوجه العلاقة بين المربين والمشتغلين في الحقل الزراعي والحيواني من جانب وبين المستثمرين والمستفيدين من جانب آخر سواء كانوا من شركات الأغذية وتجهيزاتها والفنادق ودور الضيافة والمطاعم.



وتسعى جهات كثيرة بالمملكة بشكل حثيث للاستفادة من منتجات الثروة الحيوانية والزراعية المحلية، وتعمل على تضمينها في قوائم خدماتها، سيما أن لها أهمية كبيرة بسبب جودتها، وتزيد من مستويات إقبال عملائها.



وتكفل المنتجات الزراعية والحيوانية المحلية المعروضة للعديد من المؤسسات العاملة في حقل الضيافة تحقيق مستوى عال من الاكتفاء الذاتي بوارداتها، وتقلل بالتالي من اعتمادها على الاستيراد من الخارج، الذي يخضع في كثير من الأحيان لتقلبات السوق وسوء التخزين وضعف سلسلة التوريد وما إلى ذلك من مشكلات.



ويعود هذا الاهتمام الكبير بالمعرض وفعالياته إلى ما يمثله القطاع الزراعي والحيواني بالمملكة والخليج العربي ككل من أهمية قصوى في تحقيق الأمن الغذائي، سيما مع الظروف المناخية والطبيعية التي تمر بالبلاد والمنطقة ككل، وبخاصة مع شح الموارد المائية، والتي تمثل المقوم الرئيسي لتحقيق الاستثمار الأمثل في هذا القطاع، وهو ما دفع الجهات المعنية بالمملكة إلى إيلاء عناية خاصة بأية وسيلة تضمن بها توفير المنتجات الغذائية محليا بشكل دائم ومستمر وبأقل تكلفة ممكنة.



وقد وضعت المملكة على رأس قوائم اهتماماتها قضية التنمية الزراعية، وبما يتماشى مع نجاحاتها في مجالات التنمية المستدامة، التي حظيت فيها البحرين بتقدير وإشادة من جانب المنظمات الدولية المتخصصة، حيث لا يخفى مدى الارتباط بين نجاح البلاد في مؤشرات القضاء على الفقر والجوع والحياة في البر وتحت البحر وغيرها وأهداف التنمية المستدامة المعتمدة دوليا، والتي ضمنت بها البحرين تحقيق مستويات عالية من الأمن الغذائي.



واستندت المملكة في رؤيتها للتنمية الزراعية على العديد من المقومات وميزات الإنتاج التي تتمتع بها، فبالرغم من ظروفها المناخية القاسية، لكنها استطاعت وبحسب المتاح تحقيق أعلى عائد ممكن من القطاع الزراعي والحيواني بمشتملاته، وبما يضمن استدامته، وذلك اعتمادا على خبرة قطاع من مواطنيها العاملين في القطاع، والدعم الحكومي المقدم لهم.



والمعروف أن المملكة قامت خلال الفترة الأخيرة برصد الميزانيات المخصصة لدعم المشروعات الزراعية والحيوانية المختلفة، ووضعت التشريعات المناسبة لحماية القطاع وحفظ موارد الدولة الطبيعية من أراض وماء، كما ترعى الأجهزة التنفيذية المختصة كل ما من شأنه رفع قيمة القطاع وحجم مساهمته في الناتج المحلي كإدخال التقنيات الحديثة والاستفادة من الخبرات العالمية.



يذكر أن مملكة البحرين كانت من بين الدول العربية التي وقعت مطلع إبريل 2019 الجاري وثيقة "إعلان القاهرة 2019"، التي انبثقت عن الاجتماع الأول المشترك لوزراء الزراعة ووزراء المياه العرب على هامش المؤتمر الثاني للأراضي والمياه، الذي عقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، ودعت في مجملها إلى تطوير السياسات لمواجهة التحديات الحالية والمخاطر المستقبلية المرتبطة بالأمن المائي والأمن الغذائي.