أوصى مؤتمر المياه الخليجي الثالث عشر، الذي عقد أخيراً بدولة الكويت الشقيقة تحت رعاية صاحب السمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس الوزراء، ضرورة اعتماد نهج "المدينة الذكية" في التخطيط الحضري ودمج قطاع المياه مع مكونات المدينة الأخرى للطاقة، والتنقل، والبنية التحتية، والبيئة المبنية.

ورفعت جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية توصيات المؤتمر، إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د.عبد اللطيف الزياني، في خطوة لعرضها في اجتماعات اللجنة الوزارية للمياه ومتابعة تنفيذها من قبل وزارات الكهرباء والماء بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى جانب تعميمها على المنظمات الاقليمية والمحلية ذات العلاقة بالمياه ومنتديات المياه.

ودعا المؤتمر الذي استضافه معهد الكويت للأبحاث العلمية دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز الجهود الخليجية المشتركة لتوطين صناعة تحلية المياه وزيادة قيمتها المضافة لاقتصاديات دول المجلس، بما في ذلك الاستثمار المشترك، وتنسيق البحوث، وبرامج التعليم والتدريب، للمساهمة في تحقيق استدامة وأمن قطاع المياه البلدية.

كما دعا، إلى تحسين مخزون المياه الجوفية من خلال نظام إدارة التغذية الصناعية من خلال مختلف الخطط التقنية "التخزين-والاسترجاع، التخزين-المعالجة-الاسترجاع، المعالجة بالتربة والمياه الجوفية"، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر الصحية والبيئية عند استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، من أجل المساعدة في جهود إعادة تأهيل خزانات المياه الجوفية وتوفير احتياطي استراتيجي من المياه الجوفية للحالات الطارئة، أو للاستخدامات الأخرى مثل تلبية متطلبات القطاع الزراعي.

وجاء في توصيات المؤتمر الدعوة إلى تنظيم استخدام أحواض المياه الجوفية من خلال سن وتنفيذ تشريعات شاملة تعيد تأكيد ملكية المياه الجوفية للدولة، وإنشاء آلية مؤسسية مناسبة لمشاركة أصحاب المصلحة، وتنفيذ أدوات التحفيز الاقتصادية من خلال فرض تعريفات مناسبة على استخدام المياه الجوفية على أساس القيمة الاقتصادية لها، من أجل توفير آلية لإصدار إشارة للسعر ولزيادة الوعي بقيمة المياه الجوفية للمساعدة في جهود إعادة تأهيل المياه الجوفية.

كما دعا إلى تعظيم استخدام المياه السطحية من خلال تطوير وتنفيذ برامج حصاد مياه الامطار والسيول للتخفيف والاستفادة من أحداث الفيضانات المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ.

وفي مجال مياه الصرف الصحي البلدية، دعا المشاركون إلى تعظيم معدلات تجميع مياه الصرف الصحي، ورفع مستويات المعالجة، وتعظيم معدلات إعادة استخدامها في القطاعات المناسبة من خلال استراتيجيات وخطط واضحة لإعادة استخدامها والتعامل مع المخاطر الصحية والبيئية بما فيها تلك الناجمة عن المواد الصيدلانية والمخلفات الثانوية للمطهرات.

كما دعا إلى تنظيم وتحفيز القطاع الخاص لاستخدام هذا المصدر المتجدد، إلى جانب دعم جهود البحث والتطوير المتعلقة بزيادة الاستفادة من مياه الصرف الصحي إلى أقصى حد، بخلاف الاستخدام التقليدي في الري، مثل برامج تحويل النفايات إلى طاقة واستخدام النافع للحمأة في صناعة الأسمدة.

وأكد المشاركون في المؤتمر ضرورة اعتماد نهج "المدينة الذكية" في التخطيط الحضري ودمج قطاع المياه مع مكونات المدينة الأخرى للطاقة، والتنقل، والبنية التحتية، والبيئة المبنية من خلال الاستفادة الكاملة من فرص تكنولوجيا المعلومات لتحقيق نظام إدارة مياه ذكي وفعال في دول مجلس التعاون الخليجي، وإعطاء الأولوية لرفع كفاءة الطاقة في قطاع المياه من خلال تدقيق معدلات استخدامه للطاقة، ومقارنتها بأفضل الممارسات، وتطوير برامج كفاءة استخدام الطاقة، واعتماد تقييم دورة الحياة والتقييم المتكامل في اختيارات التكنولوجيا في قطاع تحلية المياه ومياه الصرف الصحي، وتنويع مصادر الطاقة بزيادة استخدام الطاقات المتجددة في قطاع المياه.

وأكدوا أهمية تحقيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية لمرافق إمداد مياه الشرب والصرف الصحي، والتي تشمل رضاء العملاء، وجودة الخدمة، وبرامج بناء القدرات والقيادات، وترشيد التشغيل والتعافي، والاستدامة المالية، واستقرار البنية التحتية، والالتزام البيئي، وإدارة مستويات المياه عديمة الإيراد (NRW ) وفق أفضل الممارسات الدولية من أجل تعزيز كفاءة إمدادات المياه البلدية، وخفض تكاليف الإمداد، وتعزيز الاستدامة المالية للمرافق.

وفي مجال إدارة المياه الزراعية أوصى المؤتمر بدعم جهود البحث والتطوير لتعزيز إنتاجية المياه وكفاءة المياه في القطاع الزراعي ودمج مناهج الزراعة الصحراوية في الأراضي الجافة بهدف تقليل الاستهلاك الكلي للمياه في القطاع الزراعي، وفي مجال إدارة المياه الصناعية تم التأكيد على ضرورة زيادة كفاءة استخدام المياه وإدارة الطلب في قطاع النفط والقطاع الصناعي، وهو قطاع ناشئ كمستخدم رئيسي للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي، وإنفاذ برامج معالجة المياه العادمة الصناعية وإعادة استخدامها من خلال سن التشريعات المناسبةـ أما في مجال حماية الصحة و البيئة فتم التأكيد على ضرورة تبني وسن التشريعات لإعداد وتنفيذ خطط سلامة مياه الشرب والصرف الصحي المبنية على أسس تقييم المخاطر وإدارتها من قبل جميع مرافق المياه المسؤولة عن هذين القطاعين في دول مجلس التعاون الخليجي.

وجاء في التوصيات أيضا الدعوة إلى التخطيط وتنفيذ عمليات رصد فعالة لأنظمة الصرف الصحي وغيرها من التدخلات لإدارة المخاطر ضمن إطار تنظيمي لضمان إعادة استخدام مياه الصرف الصحي الآمنة في الري الزراعي وبما يتفق مع المبادئ التوجيهية الوطنية أو الدولية، وسن وإنفاذ التشريعات المتعلقة بحماية البيئة البحرية من مياه الصرف الصحي البلدية والصناعية ومياه الرجيع من محطات تحلية المياه.

وفي مجال استدامة وأمن المياه تم التأكيد على ضرورة مواصلة البناء على الاستراتيجية الخليجية الموحدة للمياه، والتي اعتمدتها دول مجلس التعاون الخليجي كوثيقة إرشادية لتطوير الاستراتيجيات الوطنية، وتفعيل مبادراتها المشتركة على المستوى الإقليمي بواسطة الأمانة العامة، وبذل كل الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه والتي توفر إطارًا عمليًا لتحقيق أمن واستدامة المياه، والمساهمة في تحسين منهجيات حساب مؤشرات أهداف التنمية المستدامة الحالية وخاصة تلك المتعلقة بالتحديات المرتبطة بالمياه الجوفية وعلى أساس الاحتياجات الإقليمية والمعرفة الحالية، والبحث في الروابط بين أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة بالمياه في المنطقة وتحديد أوجه تآزرها ومقايضاتها، ورصد هذه الأهداف بانتظام من أجل تحديد التقدم والضعف لصياغة السياسات المناسبة والمثلى لتحقيقها.

إلى ذلك، دعا المؤتمر إلى تشجيع الحكومات والمؤسسات البحثية والباحثين على الاستفادة من المخرجات الفنية لمشروع المبادرة الإقليمية لتقييم آثار تغير المناخ على الموارد المائية وقابلية التأثر الاجتماعية-الاقتصادية في المنطقة العربية "RICCAR"، من خلال منصة المعرفة الإقليمية لتقييم قابلية التأثر لقطاع المياه لتغير المناخ وللمساعدة في صياغة خطط التكيف.

وحضر المؤتمر أكثر من 250 مشارك من المختصين في مجال المياه من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والعالم، من التنفيذيين والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، وقد نظم المؤتمر جمعية علوم وتقنية المياه بالتعاون مع وبضيافة كريمة من معهد الكويت للأبحاث العلمية، والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وبدعم من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية: اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، مكتب اليونسكو بالقاهرة، المركز الإقليمي لصحة البيئة/منظمة الصحة العالمية، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، المركز الدولي للزراعة الملحية، الاتحاد العالمي للتحلية، الجمعية العربية لمرافق المياه، الجمعية الأوروبية للتحلية، جامعة الخليج العربي، وزارة الكهرباء والماء الكويتية، وجمعية المياه العمانية.