حوراء الصباغ

من أكثر التساؤلات التي تشغل أذهان المرضى مع حلول شهر رمضان المبارك هو كيفية تحقيق تنظيم تغيير وقت تناول الأدوية وتأثير الصيام على فعاليتها كون وقت تناول الأدوية أحد أهم العوامل التي تتحكم في فعالية الدواء، فضلا عن لجوء الكثيرين للأدوية لعلاج حالات مشاكل الهضم المتكررة في رمضان.

ويقوم البعض باستشارة الأطباء والصيادلة للقيام بتنظيم أوقات تناول الأدوية في أيام رمضان، في حين يقوم آخرون بتغيير مواعيد تناول الأدوية أو مضاعفة وتقليل الجرعات دون استشارة الطبيب فيرتكبون أخطاء كثيرة قد تسبب مضاعفات.

الصيدلاني علي يونس استعرض في تصريح لـ"الوطن"، أهم الإرشادات الخاصة واستخدامات الأدوية في شهر رمضان، موضحاً أن الطلب يزداد على الأدوية المختصة بعلاج المشاكل المتعلقة بالمعدة واضطرابات الجهاز الهضمي في شهر رمضان، وهو ما يعد دليلا ومؤشرا كبيرا على أن الكثير من الأشخاص يتأثرون بتغيير النظام الغذائي وأوقات تناول الطعام في الشهر الفضيل، فضلا عن اتباع أساليب غذائية خاطئة وتغيير نوعية الطعام وكثرة تناول الحلويات والأطعمة الغنية بالدهون..

وقال "نتيجة ذلك يلجأ هؤلاء للأدوية لعلاج هذه الحالات، ويعد كل من الإمساك، انتفاخات البطن والغازات والحموضة أكثر الحالات شيوعا".

أدوية الإمساك

وأضاف أن معظم هذه المشاكل نتيجة النظام الغذائي الخاطئ، فاتباع نظام غذائي سليم يغني عن استخدام جميع الأدوية، وعند الحديث عن مشكلة الإمساك طيلة شهر رمضان فهي تكمن عن عدم احتواء النظام الغذائي على الألياف، وهي مشكلة شائعة نتيجة عادة خلو السفرات الرمضانية من السلطات وامتلائها باللحوم والأطباق الشعبية التي تحتوي على نسبة ألياف قليلة جدا.

وأضاف أن الدواء يحل مشكلة الإمساك بشكل مؤقت فقط، إذا لم يقم الشخص بتعديل نظامه الغذائي، لافتا إلى أن الدواء قد يعرض المريض لأعراض جانبية لأنه صمم للاستخدام لفترة زمنية محددة حيث أن الجسم قد يعتاد عليه مما يؤثر على حركة الأمعاء الطبيعية، ونتيجة ذلك يصاب الشخص بالإمساك المزمن. مضادات الحموضة.

وقال علي: "مشكلة الحموضة هي الأخرى متعلقة بالنظام الغذائي، فعندما يفاجئ الصائم معدته بالأطعمة والحلويات المشبعة بالدهون ينتج عن ذلك اضطرابات معوية وغازات، ويكمن الحل بدلا من تناول مضادات الحموضة طيلة الشهر والتي قد تؤدي أعراضها الجانبية إلى قلوية المعدة الزائدة وتسبب حالات إمساك وانتفاخات تتحول إلى حالة مرضية عبر تغيير النظام الغذائي والتدرج في تناول الطعام بدلا من تفاقم المشكلة".

مسكنات الألموفيما

وأشار الصيدلاني علي إلى وجود شريحة من الأشخاص تقوم باستخدام مسكنات الألم طيلة الشهر، إلى جانب من يقومون يوميا بتناول مسكنات الصداع قبل حلول الفجر خوفا من الإصابة بالصداع طول اليوم.

ولفت إلى كونها عادات خاطئة وتنم عن نقص الوعي. فمن الممكن استخدام مسكنات الألم كمسكن "الباراسيتامول" في بداية أيام الشهر قبل الاعتياد على الصيام، ولكن أخذه طيلة الشهر بمعدل 3 جرعات في اليوم من الممكن أن يؤثر على وظائف الكبد على المدى البعيد وتظهر أعراضه الجانبية، إلى جانب مسكن "الدكلوفيناك" الخاص بآلام المعدة الذي قد يؤثر على المعدة وتظهر أعراضه الجانبية المتمثلة في الإصابة بقرحة المعدة، ففترة الصيام يقوم الجسم بالتخلص من سموم الأدوية، ويجب إعطاؤه فرصة لعدم زيادة السموم عبر تناول الأدوية بكثرة إلا إذا كانت حاجة ملحة كالأمراض المزمنة.

أدوية الأمراض المزمنة

وبالنسبة لمواعيد تنظيم أدوية الأمراض المزمنة، أشار إلى أن أدوية الضغط تؤخذ بشكل طبيعي فترة الإفطار كون معظم الحالات تتطلب تناولها مرة واحدة يوميا، وفي حالات أخذها مرتين يوميا فلا يوجد مانع لتناولها في فترتي الإفطار والسحور نتيجة امتداد مفعولها حتى 24 ساعة.

وكما هو الحال لأدوية الكوليسترول في عدم تغيير النظام فهي تؤخذ ليلا فقط قبل النوم، ولكن يبقى التحدي الأكبر مع تنظيم أدوية مرضى السكري، حيث أن مرضى السكري يجب أن يقوموا باستشارة الطبيب ليقرر إذا كان المريض ملائم للصيام، وكثير من الحالات ينصح بها الأطباء بعدم الصوم حتى لا تتأثر نسبة السكر وخوض تعقيدات كبيرة.

المضادات الحيوية

وفيما يتعلق بتنظيم أوقات المضادات الحيوية، أوضح الصيدلاني علي أن معظم المضادات الحيوية تؤخذ كل 8 ساعات أو كل 12 ساعة، ما يجعل تنظيم التوقيت صعب نظرا لقصر فترة الإفطار وطول فترة الإمساك التي قد تتجاوز 15 ساعة.

ونتيجة ذلك يستبعد الأطباء خيار صرف المضادات الحيوية التي تعطى كل 8 ساعات قدر الإمكان ويتم التركيز على التي يتم تناولها كل 12 سنة، وفي ظل ذلك يبقى هذا الخيار صعب هو الآخر، ومن الممكن اتباع استراتيجية تناول الجرعة الأولى من المضاد الحيوي بداية وقت الإفطار والأخرى قبل الإمساك، إلا أن هذه الاستراتيجية تشوبها صعوبات كثيرة أهمها وجود مشكلة في حال تأخر المريض ونسيان الجرعة الأولى بعد الإفطار مباشرة وتناولها بعد ساعة أو ساعتين، فينتج بذلك خلل في وقت تنظيم المضاد ووجود احتمالية تأثيره على فعالية العلاج، فضلا عن كون المريض معرضا لنسيان الجرعة بعد السحور

وأشار إلى أن تفويت جرعة المضاد الحيوي قد يعرض الجسم لمخاطر تقلل من فعالية الدواء نتيجة مقاومة البكتيريا للجرعة واختلال كورس العلاج، ويسبب بذلك زيادة مقاومة البكتيريا لنوع المضاد ما يجعله غير فعال مستقبلا ما يستدعي وجوب زيادة الوعي والحرص على عدم تفويت جرعات المضاد إذا تم صرفها خلال الشهر الفضيل.

ولفت إلى وجود خيار ثالث محدود جدا وهو وصف المضادات التي تستخدم مرة بجرعة واحدة فقط يوميا وقد تكون الخيار الأفضل في شهر رمضان إلا أنها من الممكن أن لا تصلح كخيار مناسب لنوع البكتيريا المستعملة ضده، إلى جانب ارتفاع أسعارها مقارنة بالمضادات الحيوية الأخرى.