في المنامة، وقبل ثمانين عاماً، وتحديداً في شهر مارس من العام 1939، صدر العدد الأول من صحيفة "البحرين" السياسية الأسبوعية، لتكون الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي، وقاعدة هامة لانطلاق نهضة إعلامية وثقافية رائدة في المملكة، ومنذ ذلك الحين، والسلطة الرابعة تحظى باهتمام رسمي بالغ، تجسد من خلال مواقف حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، الداعمة للصحافة وإشادته المستمرة بها في شتى المناسبات، وهو ما اعتبر الدافع الرئيس وراء ما حققته من إنجازات.



ولقد أسهمت توجيهات جلالة الملك المتواصلة لجميع الوزارات والجهات الحكومية بالتعاون مع الصحفيين، في توفير فرص أكبر من حرية التعبير للصحافة الوطنية، ومشاركة المواطنين بالمزيد من المعلومات المهمة، وتفعيل دور الصحافة باعتبارها إحدى أدوات الرقابة المجتمعية في المجتمعات الحديثة.

اهتمام رسمي متصاعد

وتخصص المملكة السابع من مايو من كل عام للاحتفاء بالصحافة البحرينية، في إطار مشاركتها للعالم الاحتفال بيومها العالمي الموافق لتاريخ 3 مايو، وبهذه المناسبة وجه جلالة الملك رسالة سامية أكد فيها "لقد كنا حريصين منذ بداية مشروعنا الإصلاحي قبل عقدين على تعزيز حرية الصحافة والإعلام، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان في المعرفة والتعبير عن رأيه وفكره بحرية ومسؤولية، وشاهدا حيوياً على استدامة نهجنا الديمقراطي في إطار دولة القانون والمؤسسات الدستورية على أسس من العدالة والمساواة واحترام الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، استناداً إلى تشريعات متطورة، وقضاء عادل ونزيه، ومجالس تشريعية وبلدية منتخبة، ومؤسسات حقوقية مستقلة، ومجتمع مدني فعال".

وفي واحدة من أبرز مظاهر الاهتمام الرسمي بالصحافة، جاءت جائزة "خليفة بن سلمان للصحافة" لتمثل محطة بارزة ومناسبة مهمة للصحافة البحرينية، يسلط من خلالها الضوء على الوجه المشرق للصحافة والديمقراطية البحرينية، وما تمثله الصحافة من مكانة وأهمية لدى المسؤولين، حيث إن تقدير صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في مملكة البحرين، لأصحاب الأقلام الحرة والوطنية، هي رسالة واضحة وصريحة بأن حكومة البحرين متمسكة لأبعد الحدود بتعزيز أجواء الديمقراطية وحرية التعبير ومناخ الحريات بوجه عام.

الصحافة دعامة الاستقرار

وفي السياق نفسه، حرص سمو رئيس الوزراء على توجيه رسالة إلى العالم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أكد فيها أن المتغيرات المتسارعة والتحديات التي تشهدها المنطقة والعالم تلقي على كاهل رجال الصحافة والإعلام مسؤولية كبيرة في التمسك بأمانة الكلمة وترسيخ دور الصحافة في استنهاض طاقات المجتمع وتحفيزه نحو التقدم" (...) إن الصحافة كانت وستظل حصناً هاماً في تحقيق الأمن والاستقرار، إذا ما استندت إلى الكلمة المسؤولة والقيم الرفيعة للعمل الصحفي، ولاسيما وأننا نعيش في عالم يشهد في كثير من مناطقه حالة من الفوضى في تداول المعلومات".

ولقد تجذر هذا الاهتمام الرسمي من خلال مجموعة من الضمانات الدستورية والمؤسسية، ومن أهمها تأكيد ميثاق العمل الوطني والدستور الوطني الذين كفلا حرية الصحافة والتعبير، مما شكل أساساً متيناً للممارسة الصحفية والإعلامية الحرة والمسؤولة.

إعداد تشريع عصري للصحافة

وتبذل الجهات المعنية في المملكة جهوداً حثيثة حالياً، لإصدار قانون عصري للصحافة، يواكب أحدث التطورات العالمية في هذا المجال المهم، وخصوصاً أنه من المتوقع أن يتناول أنماط ووسائل الإعلام الجديد، وهو ما سوف يمثل إضافة مهمة وخطوة متقدمة لتعزيز مناخ الحريات في المملكة، خصوصاً وأن المرسوم بقانون رقم (47) لسنة ‏2002‏‏ بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، نص على أن الصحافة تؤدي رسالتها بحرية وباستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين، وأنه لا يجوز مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها إلا بحكم من القضاء، وكذلك بيّن أن الصحفيين مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون.

المرأة البحرينية رائدة إعلامياً

إلى ذلك، أسهمت جمعية الصحفيين بدور بارز في تنسيق جهود الإعلاميين والصحفيين في المملكة، وشهدت الجمعية خطوة لافتة باختيار امرأة للمرة الأولى لرئاستها منذ تأسيس الجمعية في عام 2000، الأمر الذي يعكس النهضة الحضارية وأجواء الانفتاح التي تتميز بها المملكة، وكذلك مستوى الوعي المجتمعي ومدى الثقة في قدرات المرأة البحرينية التي تشارك في جميع مواقع العمل الوطني، وتبوأت أرفع المناصب بكل كفاءة ومسؤولية.

وتقول رئيسة الجمعية عهدية أحمد إن "فوز ٤ نساء بانتخابات مجلس إدارة جمعية الصحفيين أكبر دليل على المكانة المتقدمة التي حققتها المرأة الإعلامية في عهد جلالة الملك، من منطلق إيمان جلالته بدورها في المجتمع، وهو الأمر الذي تحقق فعلياً من خلال وصول النساء للعديد من المناصب القيادية في شتى المجالات".

وتعمل الجمعية على حفظ حقوق الصحفيين ومكانتهم كسلطة رابعة في المجتمع، وتبنت الجمعية مؤخراً مشروع توظيف الصحفيين الذين تم تسريحهم من وظائفهم من خلال التنسيق بين المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة لإيجاد وظائف تنسجم مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية في مجال الصحافة.

وفي ترجمة لما تحظى به الصحافة البحرينية من عوامل الدعم والاهتمام غير المسبوق، فقد حققت تقدماً كبيراً خلال الأعوام الماضية، في ظل توفير المناخ الملائم لممارسة العمل الصحافي باحتراف وموضوعية، وهو ما أهلها لنيل العديد من الجوائز، ومنها فوز صحيفة "البلاد" بجائزة الصحافة العربية العام الماضي عن فئة "الصحافة الاستقصائية" وهي أرفع جائزة عربية في هذا المجال، فيما حصدت وكالة أنباء البحرين، جائزة أفضل وكالة أنباء عربية، ضمن جوائز "أوسكار" الإعلام العربي السياحي، للعام نفسه، وهو العام الذي شهد أيضاً فوز المملكة، ممثلةً في الإعلامية البحرينية سوسن الشاعر، بجائزة التميز الإعلامي العربي في مجال التلفزيون ، والمقدمة من جامعة الدول العربية، وهو ما اعتبر إنجازاً مشرفاً للإعلام البحريني وللمرأة البحرينية.

الصحفي البحريني عنوان النجاح

ويمكن القول، بأن جملة العوامل التي مهدت الطريق أمام الصحفي البحريني الذي بات يشكل عماد العمل الصحفي والإعلامي وعنوان تميزه ونجاحه، أفسحت الطريق أمامه لتعزيز ما يتحلى به من المهارة والاحتراف، وما يقوم به من دور مخلص وبناء، للعب دور إيجابي في المسيرة التنموية الشاملة، أسوة بجيل الرواد الأوائل، الذين ينتمي إليهم الأديب عبدالله الزايد، مؤسس صحيفة "البحرين" الأولى خليجياً، التي يحمل تلفزيون البحرين الشعار نفسه لهذه الصحيفة الرائدة، وهو ما يؤكد الاعتزاز بالدور التاريخي الذي لايزال الصحفيون والإعلاميون البحرينيون يحملونه على عاتقهم، من أجل توصيل الرسالة الإعلامية الصادقة التي تعكس الوجه الحضاري المشرق لوطنهم، وتصحيح أي صور أخرى مشوشة والتي تحاول بعض وسائل الإعلام المغرضة رسمها وترويجها عن البحرين.