حوراء الصباغ

تعد الرياضة عنصر هام لعيش حياة صحية بعيدة عن الأمراض، فهي تساعد على الوقاية من معظم أمراض العصر، كمرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الدهون الثلاثية والكوليسترول في الدم، والعديد من الأمراض. ففي الآونة الأخيرة، جاءت نتائج أحدث الأبحاث لتشير إلى أن الرياضة ممكنها أن تقي حتى من الأمراض النفسية والوقاية من أمراض الذاكرة كالزهايمر. معظم الأشخاص يمتلك الوعي بأهمية هذا السلاح الرخيص السحري، ولكن مع حلول شهر رمضان المبارك، تهيج التساؤلات عن وقت الرياضة المناسب صحياً، وعن خطورة ممارستها في بعض الأوقات خلال فترة الصيام. فهل من الممكن مواصلة مختلف أنواع الرياضات في هذا الشهر الكريم؟ وهل يوجد خطر على صحة جسم الإنسان عند ممارسة الرياضة في فترة الصيام؟

الطبيب العام والأكاديمي في جامعة الخليج العربي وأخصائي التغذية الرياضية والمدرب الرياضي عبدالعزيز الجودر أجاب عن جميع تلك التساؤلات، إذ قال في لقاء مع "الوطن" أنه في الوضع الطبيعي يكون مصدر الطاقة الأساسي في جسم الإنسان هو عملية تكسير الكربوهيدرات.

أما خلال فترة الامتناع عن الطعام فيتم تكسير الكربوهيدرات لتوفير الطاقة اللازمة لعمل الأنشطة اليومية. وأوضح أن الكربوهيدرات تخزن في جسم الإنسان على هيئة مركب "جلايكوجين" في الكبد والعضلات. وبعد نفاذ هذا المخزن، يتم استغلال الطاقة من الدهون المخزونة. وفي بعض الأحيان عند ممارسة رياضات مرهقة ونفاذ معظم المخازن من الدهون والكربوهيدرات، يتم تكسير البروتينات لإنتاج الطاقة، مشيرا إلى كونها عملية معقدة وصعبة ولا يفضلها جسم الإنسان.

وقال د. الجودر إن الرياضة في شهر رمضان يجب أن تستمر ولا يجب الخوف من ممارستها، ولكنها مشروطة باتباع بعض الإرشادات لضمان صحة الجسم. فإذا كان الشخص مبتدئ فيجب عليه أن يمارس رياضة منخفضة الشدة وتدريجياً يزيد من شدتها. لافتا إلى أن ممارسة الرياضة يفضل أن تكون بعد الإفطار بساعتين إلى ثلاث ساعات، ولكن لا مانع من رياضة منخفضة الشدة قبل الإفطار.

وأشار د. الجودر إلى أنه من المفاهيم المتداولة أن الرياضة تمارس في الساعات الأخيرة من الصوم، وقبل الإفطار بساعة على سبيل المثال، تحرق الدهون وتساعد على إنقاص الوزن. وقال: عند النظر إلى الكيمياء الحيوية وآلية حرق الدهون، قد ندرك أن هذا الاعتقاد صحيح، ولكن في الحقيقة لا تتم هذه العمليات بهذه البساطة، فعملية حرق الدهون تختلف عن عملية خسارة الدهون.

وأوضح أن عملية حرق الدهون وصنع الدهون تحدثان في جميع الأوقات ولكن بنسب متفاوتة، إذ أن عملية خسارة الدهون في الوجه الآخر تعتمد اعتماد شبه كلي على كمية السعرات الحرارية طوال اليوم، فمن الممكن أن يمارس شخص ما رياضة ما يتم من خلالها حرق كمية شاسعة من الدهون، ولا يخسر جرام واحد من الدهون في نهاية اليوم بسبب زيادة السعرات الحرارية من التغذية!

وفيما يتعلق بالتساؤلات حول خطورة ممارسة الرياضة على جسم الانسان، قال د. الجودر إن إجابة ذلك تعتمد على صحة الشخص وشدة الرياضة، فالشخص الطبيعي الصحي الذي لا يعاني من أمراض يمكنه أن يمارس رياضة منخفضة الشدة كالمشي السريع قبل الإفطار. في حين أن الشخص المصاب بمشاكل في الكلى أو مريض بالسكري أو أي مرض، يجب عليه أن يستشير طبيبه المختص. ولكن بشكل عام، الرياضة المنخفضة الشدة يمكن ممارستها قبل الإفطار والرياضات المتوسطة والعالية الشدة، كالجري السريع، "الكروس فت" وحمل الأثقال، يفضل ممارستها بعد تناول وجبة متكاملة ولا ينصح بها قبل الإفطار لتجنب الجفاف وما يسببه من مضاعفات وخيمة.

ووجه د. الجودر نصيحة وقال: ممارسة الرياضة في شهر رمضان لا تقل أهميتها عن ممارستها في الأشهر الأخرى ولا يجب أن يبتعد عنها، مارسوا الرياضة في الوقت الذي يناسبكم ويناسب نمط حياتكم، واحرصوا على شرب كمية كافية من الماء لتعويض ما فقد. واجعلوا وجباتكم متوازنة ومتكاملة، وختاما لا تنسوا أن شهر رمضان شهر عبادة وليس شهر أكل ولذة.