أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى قيادة المملكة العربية السعودية السياسية والروحية للعالم الإسلامي، مضيفاً أن "خادم الحرمين الشريفين هو راعي المبادرات الجامعة والمواقف الموحدة، التي نقف مساندين لها في السراء والضراء، ونتطلع إلى تحقيقها لأهدافها السامية في إحلال أجواء السلام والتوافق والاعتدال لتتفرغ شعوب المنطقة ودولها للبناء والتقدم".

وألقى العاهل المفدى كلمة أمام أعمال الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت الجمعة في قصر الصفا بمكة المكرمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية.

وقال جلالة الملك المفدى إن "الظروف الإقليمية الراهنة تتطلب تبني صيغة عملية لحلول ومعالجات حاسمة وفورية، لما نشهده من قضايا وأزمات وبتداعياتها التي نحن في غنى عنها، ونجد في إطالة أمدها سبباً في هدر مواردنا، وتهديد مصالحنا، وإرباك مسيرتنا الإنسانية نحو العيش المشترك والحياة الطيبة الآمنة التي تستحقها شعوبنا".

وفي ما يلي نص كلمة جلالة الملك المفدى:

"بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظه الله ورعاه، رئيس الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية،



أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي،

أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إنها لمناسبة هامة أن نجتمع معاً في جوار البيت العتيق في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل، ونحن نمر في مرحلة تاريخية دقيقة، لا يسعنا فيها إلا أن نتوجه بالشكر وبالتقدير لأخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس القمة، على دعوته الكريمة التي تأتي في توقيت صائب، بما يؤكد قيادة المملكة العربية السعودية السياسية والروحية للعالم الإسلامي، وبأن خادم الحرمين الشريفين هو راعي المبادرات الجامعة والمواقف الموحدة، والتي نقف مساندين لها في السراء والضراء، ونتطلع إلى تحقيقها لأهدافها السامية في إحلال أجواء السلام والتوافق والاعتدال لتتفرغ شعوب المنطقة ودولها للبناء والتقدم، وصولاً لما نطمح له من رفعة ومنعة لأمتنا الإسلامية.

وفي تقديرنا، فإن الظروف الإقليمية الراهنة تتطلب تبني صيغة عملية لحلول ومعالجات حاسمة وفورية، لما نشهده من قضايا وأزمات وبتداعياتها التي نحن في غنى عنها، ونجد في إطالة أمدها سبباً في هدر مواردنا، وتهديد مصالحنا، وإرباك مسيرتنا الإنسانية نحو العيش المشترك والحياة الطيبة الآمنة التي تستحقها شعوبنا.

وفي مقدمة تلك القضايا أيها الأخوة، الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، متطلعين في هذا الشأن إلى الدور الفاعل لمنظمة التعاون الإسلامي وتنفيذ كافة قراراتها المرتبطة بسبل نيل الشعب الفلسطيني الشقيق لحقه المشروع في قيام دولته المستقلة الكاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقاً لمبادرة السلام العربية ولحل الدولتين والمرجعيات الدولية ذات الصلة.



كما نأمل بأن توفق أعمالنا، في الخروج بمبادرات طويلة المدى، تؤكد على المسؤولية المشتركة في إرساء دعائم الأمن الشامل والاستقرار في المنطقة، ومساندة المجتمع الدولي في تأمين وحماية تدفق إمدادات النفط وحركة الملاحة، وبيان الدور المؤثر والمسؤول لدول المنطقة في المحافظة على مستويات الاستقرار للأسواق العالمية.

ونرى بأن صوت العقل الذي تنادي له هذه القمة الموقرة، سيأتي بتصورات شاملة لمستقبل علاقاتنا وتحالفاتنا، بالتأكيد على ضرورة الالتزام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل لسيادة واستقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، لنصل إلى مرحلة متقدمة تتقارب فيها مواقفنا وسياساتنا تجاه صد قوى التطرف والإرهاب، وردع المحاولات المغرضة التي تتعمد شق الصفوف وإثارة الفتن وإضعاف جسد الأمة، عافانا الله من شرورها، وأعاننا في مواجهتها، على التمسك بمنهجنا المنطلق من شريعتنا الغراء الداعية للتسامح والاعتدال، والحاضنة لقيم التعايش والسلام، لما فيه خير البشرية جمعاء.

وفي الختام، نكرر تقديرنا الكبير وامتناننا العميق لخادم الحرمين الشريفين على مبادرته الطيبة بعقد هذا الجمع المبارك، بإذن الله، وترؤسه لأعمال الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي التي يمر على إنشائها نصف قرن، وهي ذكرى جديرة بالاعتزاز والإشادة بالنظر لمتانة هذا الصرح وثراء مسيرته الهادفة إلى تفعيل دور الكتلة الإسلامية عبر توحيد مواقفها، وإعلاء كلمتها، ولتكون أمتنا، كما وصفها سبحانه وتعالى في محكم كتابه، "كنتم خير أمة أخرجت للناس" بإحقاقها للحق وردع كل باطل.

شاكرين لأمانة المنظمة وفريق عملها، بقيادة أمينها العام الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، سعيهم الحثيث للارتقاء بعمل المنظمة، وإسهامهم الواضح في الإعداد لأعمال القمة، داعين المولى في علاه، أن يكلل مساعينا جميعاً بالخير والتوفيق، وأن يهدينا للعمل الخالص لصلاح وفلاح أمتنا، وكل عام وأنتم في رفعة وأمن وأمان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".