اعتبرت دراسة قانونیة تمت مناقشتها مؤخرا بجامعة العلوم التطبیقیة خطة المشرع البحریني في مواجهة الجرائم الجنسیة دفاعیة ومحدودة الفاعلیة، موصية بتجریم كافة صور العلاقات الجنسیة التي تتم في خارج إطار الرابطة الزوجیة الشرعیة.

وناقشت رسالة ماجستیر، الاثنين الموافق 29 أبريل 2019، في تخصص القانون بجامعة العلوم التطبیقیة بقاعة عبدالله ناس، والمقدمة من الطالب محمد حمد فارس العید والموسومة بعنوان "المواجهة الجنائیة للجرائم الجنسیة دراسة تحلیلیة مقارنة".

وتكونت لجنة المناقشة من د. حسین عبدالمهدي بني عیسى أستاذ مشارك ونائب عمید كلیة الحقوق ورئیس وحدة ضمان الجودة بجامعة العلوم التطبیقیة )رئیسا(، ود. عمر فخري الحدیثي أستاذ مشارك ونائب عمید كلیة الحقوق بالوكالة في جامعة المملكة (عضوا خارجیا)، د. علي محمود المساعدة أستاذ مساعد بكلیة الحقوق في جامعة العلوم التطبیقیة )عضوا داخلیا ومشرفا).

وشهدت المناقشة حضور رئیس جامعة العلوم التطبیقیة البرفیسور غسان فؤاد عواد، وعمید كلیة الحقوق بجامعة العلوم التطبیقیة د.جعفر المغربي، ومدیر الدراسات العلیا بكلیة الحقوق بجامعة العلوم التطبیقیة د.أمجد النقرش، ولجنة من التعلیم العالي، وعدد من طلاب الماجستیر والبكالوریوس في كلیات الحقوق بمملكة البحرین.

وهدفت هذه الدراسة إلى إبراز مدى فاعلیة الخطة التشریعیة الجنائیة التي یتبعها المشرع البحریني في مواجهة الجرائم الجنسیة بالمقارنة مع المشرع الكویتي والشریعة الإسلامیة.

نتائج وتوصيات

وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج وتوصیات، أهمها نتیجة أن خطة المشرع البحریني في مواجهة الجرائم الجنسیة تعتبر خطة دفاعیة محدودة الفاعلیة، فهي غیر كفیلة بمواجهة كافة صور الجرائم الجنسیة، وذلك لأنها تعلي من قیمة الحریات الفردیة بصورة تتعارض مع ما هو مستقر في وجدان وضمیر المجتمع البحریني من مبادئ، وما كان ذلك إلا نتیجة لتبني المشرع البحریني مبدأ الحریة الجنسیة الذي یبیح سائر الأفعال الجنسیة في حال تمت برضاء متبادل كأصل عام، واستثناء من هذا المبدأ یرد تجریم الأفعال الجنسیة في نطاق ضیق.

وأوصت الدراسة المشرع البحریني بتصحیح مسار المواجهة الجنائیة للجرائم الجنسیة من خلال عدد من التوصیات ومنها، أن یتم إلغاء المادة (316) من قانون العقوبات البحریني التي تنص على أنه "یعاقب الزوج الزاني بالحبس مدة لا تزید على سنتین. ویفترض علم الجاني بقیام الزوجیة ما لم یثبت من جانبه أنه لم یكن في مقدوره بحال العلم بها، ویقصد بالزوج في حكم في هذه المادة من تتوافر فیه هذه الصفة وقت وقوع الجریمة ولو زالت عنه بعد ذلك"، وأن تستبدل بالنص الآتي "یعاقب الجاني بالسجن إذا وقع فعل الجماع بین رجلا و امرأة أحدهما أو كلاهما مرتبطاً برابطة الزوجیة، ویعاقب بالحبس كل رجل أو امرأة ارتكبا فعل الجماع دون ان یكون بینهما عقد زواج صحیح شرعا"، وتبریر ذلك أن نطاق التجریم مقصورا فقط على من یحمل صفة الزوجیة، وهذا الأمر لا یستقیم مع أحكام الشریعة الإسلامیة التي هي مصدر رئیسي للتشریع في مملكة البحرین.

واعتبرت الدراسة أن النص الحالي تهاون في العقوبة بشكل لا یتناسب مع حجم الفعل، إذ یجب أن تكون ردة الفعل الاجتماعي متناسبة مع جسامته، إذ أن أثر الزنا لا یقتصر فقط على طرفي العلاقة بل یتعداهما لیطال المجتمع بأكمله.

وأوصت الدراسة أيضا بأن یتم إضافة مادة مكررة ملحقة بالمادة (316) وأن تنص على أنه "إذا واقع رجل رجلا آخر بلغ الحادیة والعشرین وكان ذلك برضا متبادل، عوقب كل منهما بالسجن"، وتبریر ذلك بأن قانون العقوبات البحریني خلا من النص على تجریم مثل تلك العلاقة التي یستهجنها المجتمع.

ودعت الدراسة إلى إلغاء قید الشكوى الوارد بالفقرة (أ) من المادة (9) من قانون الإجراءات الجنائیة البحریني بقولها: "لا یجوز رفع الدعوى الجنائیة إلا بناء على شكوى شفهیة أو كتابیة من المجني علیه أو وكیله الخاص إلى النیابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم الآتیة: أ- الزنا المنصوص علیه في المادة (316) من قانون العقوبات"، وتبریر ذلك أن جریمة الزنا تمس المجتمع بأكمله ولیست محصورة في نطاق الأسرة فقط، وبالتالي یعاد الأصل، كما كان علیه في اختصاص النیابة العامة بمباشر ة الدعوى الجنائیة دون قید علیها، وأيضا أوصت الدراسة بتجریم العلاقة الجنسیة التي تتم بین المحارم زنا المحارم- لما لها من مخاطر یهدد كیان الأسرة والمجتمع البحریني.

وبعد أن استمعت لجنة المناقشة إلى ملخص الرسالة الذي قدمه الطالب، أبدى كل مناقش ملاحظاته العلمیة وتقدیم بعض النصائح والتوصیات للطالب، ثم في ختام المناقشة أعلن رئیس لجنة المناقشة د. حسین عبدالمهدي بني عیسى قبول اللجنة للرسالة الموسومة بعنوان "المواجهة الجنائیة للجرائم الجنسیة دراسة تحلیلیة مقارنة" كجزء مكمل من متطلبات الحصول على الماجستیر في القانون، ومنح الطالب محمد حمد فارس العید تقدیر الامتیاز بالإجماع عن هذه الرسالة.