هدى حسين

يقدم صاحب اليد البيضاء صدقته في الظلال بعيدا عن الأضواء، عن طيب نفس بشيء مباح دون تحديد الزمان والمكان والنصاب. وقد تكون الصدقة بشكل معنوي كنصيحة أو الكلمة الحسنة ، أو بشكل مادي كالأموال وغيرها من المواد الغذائية من مختلف الأصناف أو الملابس أو ما شابه ذلك، وهي تختلف عن الزكاة لأن الزكاة واجبة، قال تعالى "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".

وفي السنة النبوية يقول الرسول عليه الصلاة والسلام "من تصدَّق بعَدْلِ تمرة من كسْبٍ طيِّب، لا يقبل الله إلا الطيِّبَ، فإن الله يتقبَّلُها بيمينه، ثم يُرَبِّيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل" .

وفي شهر رمضان يكثر الناس من العبادات والأعمال الصالحة خاصة الصدقة، ويحرص المسلم على تقديم الصدقات في هذا الشهر فهي في رمضان أفضل وأكثر أجرًا ومثوبةً عن غيره من أيام وأشهر السنة لاجتماع الصيام وبركة هذا الشهر .

يقول الشيخ صلاح الجودر إن الصدقات تكثر في شهر رمضان المبارك لعدة أسباب ، أبرزها لأنها تجمع ما بين مضاعفة الأجر وشرف الزمان، فهي تجبر ما يحدث في الصيام من خلل أو نقص،وتكون سببا في تعاظم أجره عند الله تعالى وقبول عمله في هذا الشهر الفضيل.

ويضيف قائلا: "كذلك لأن المتبرعين و المحسنين يقومون بتوقيت أوقات تقديم صدقاتهم ل8 الأصناف في شهر شعبان وأواخر شعبان وشهر رمضان، "إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْعَٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"، فالصدقات لهؤلاء المذكورين دون عداهم، لأنه حصرها فيهم، وهم ثمانية أصناف‏، تعطى للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا، وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم، وللسعاة الذين يجمعونها، وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين، أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين، وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين، وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين، ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا، وللغزاة في سبيل الله، وللمسافر الذي انقطعت به النفقة، هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها، والله عليم بمصالح عباده، حكيم في تدبيره وشرعه ".

ويتابع الشيخ صلاح الجودر: "أشار إلى اهتمام المحسنين بالصدقات له جانب أنساني ، لأنهم بأمس الحاجة في هذا الشهر ، لذلك تكثر الصدقات في شهر الخير ،و فضل الصدقة عند الله سبحانه وتعالى عظيم ، وأجره كبير"، لافتا أنه يجب أن نوضح أن الإنسان حين يقوم بالتصدق في الشهر الفضيل لا ينظر إلى الفقير إنما ينظر إلى نفسه ، لأن النفس تحتاج في يوم القيامة إلى تثقيل الموازين ، وتثقيل الموازين ليس فقط بالصلاة والصيام ، هناك أبواب الخير كثيرة ومنها الصدقات والزكاة .

وهناك أمر آخر كذلك، حيث يجب على المحسن ألا يصرف أمواله في للخارج فقط دون النظر إلى الأقارب، فالأقربون أولى بالمعروف، كما يجب أن ينظر لذوي القربى، إلى جانب ألا يغفل عن أن هناك أسرا قريبة منه يجب مساعدتها، ثم ينتقل لنطاق أوسع .

كما يجب أن يخرج الزكاة بنفسه ولا يقول إنه عاجز وغير قادر ، ويجب عليه معرفة الفقراء أين والبحث عنهم بنفسه ومساعدتهم ، ثم الانتقال إلى الصناديق والمؤسسات الخيرية، لأن تلك لمؤسسات لديها قوائم معينة.