هدى حسين

يختلف الاستعداد لشهر رمضان المبارك من عائلة إلى أخرى ومن منزل إلى آخر، فمع قرب قدوم الشهر تزداد حالات الاستنفار في السوبر ماركت والأسواق ومحلات الزينة والمطابخ والمنازل، وبين أصالة الماضي وحداثة الحاضر يختلف مدى التمسك بالعادات والتقاليد والأعراف بين الأسر البحرينية في طرق الاستعداد لهذا الشهر المبارك من منزل لآخر.

تصف لنا خديجة عباس التي تبلغ من العمر 45 عاما شعورها بقدوم شهر رمضان الفضيل وتبرز كيفية الاستعدادات له قائلة: "رمضان له طابع خاص في مملكة البحرين وبين أهلها الطيبين، والاستعدادات للشهر الكريم لها ذكريات ممتعة ننتظر إعادة تكوينها من جديد"، لافتة أن من أهم الاستعدادات ولازالت موجودة هي تجهيز القرآن الكريم في مجالس الرمضانية لتتاح لنا الفرصة لختم القرآن لأكثر من مرة.

ومن جهته، قال محمد جبار إن الاستعدادات لاستقبال رمضان سابقا كانت النفوس مستعدة لاستقبال الضيف وهو شهر رمضان قبل بإشعال الفوانيس بين الأزقة والشوارع، أما الآن فتستخدم أدوات الزينة في المنازل وفي الشوارع للتعبير عن استقبال شهر رمضان قبل تجهيز النفوس إلى ذلك للأسف الشديد.

وذكرت فاطمة هلال أن الاستعداد لشهر رمضان الآن يقومون الأمهات بتجهيز الأكل وتخزينه ليسهل عليهم الطبخ حتى تقطيع السمك والدجاج وتخزينه ليكون جاهزا للطبخ ، أما سابقا كل يوم "الايدام" مثل الدجاج والسمك يكون كل يوم بيومه ولا يتم تجهيز أي صنف من المطاعم من قبل، وكل شيء يجهز في وقته.

وتحدثت زهراء صالح قائلة: قديما كان الاستعداد لشهر الفضيل استعدادات بسيطة تنحصر على ترويض النفس على الصوم خاصة الأطفال، والحرص على المودة والتقارب وصفاء القلوب بين الأهل والأصدقاء والجيران ، تجهيز المجالس الرمضانية وتوزيع المصاحف عليها ، تجهيز الصفاري للطبخ ، فقط لا غير ، أما الآن كل شيء مبالغ فيه ، المطبخ وأدوات المطبخ وأدوات المائدة ، وزينة استقبال رمضان ، وكثرة البهرجة، كل هذا وصفاء قلوبنا ليست كما كانت في السابق.

أما جاسم حسين المختار المهتم بالتاريخ والتراث البحريني، فقال عن استعدادات رمضان بين الحاضر والماضي: شهر رمضان يعتبر بمثابة الضيف قريبا، كنا نشعر بأن هناك ضيف قادم ويجب استقباله أفضل استقبال ، كذلك يتجمع كبار الشيوخ في البحرين لرؤية هلال شهر رمضان ويتم الإعلان عنه عن طريق انتظار كبير المنطقة لهذا الشيوخ للإعلان عن رؤية هلال الشهر .

وأضاف : كما كان قديما الاستعداد لشهر رمضان يختلف عن الوضع الحالي أو في هذا الزمان في جوانب كثيرا ، أولها الجانب الروحي قديما الناس كانت تصوم 3 شهور رجب وشعبان ورمضان استعدادا لشهر رمضان ، ولهذا لا يأتي شهر رمضان إلا وهم مستعدين روحيا وللصوم والقيام الليل ومجالس الذكر والقرآن، أما بالنسبة للجانب الشعبي أذكر في مطلع الثمانينات لا يوجد إنارة في الطريق مثل الآن، فعند قرب شهر رمضان نقوم بشراء المصابيح ب٣٠٠ فلس و٥٠٠ فلس وبعد الإفطار نقوم بالمشي في الفريج مع الصبيان بالمصابيح حيث كل طفل يجب أن يكون لديه مصباح. كما كان هناك ألعاب شعبية في مساء شهر رمضان، وتجمع الناس.

وأكد كذلك على تجهيز المجالس القديمة المبنية من الحجر ونوافذها وأبوابها من الحطب، حيث يقومون بتنظيفها وتغيير المصابيح، وفي بعض الأشخاص يقومون ببناء المعتم لتجمع رجال الفريج فيه، هذا المعتم مكون من جذوع النخيل ويضعون فيه الفانوس وحصير والناس تجمع فيه وتقعد فيه في الهواء المفتوح بالليل نسهر فيه ، ايضا كذلك قديما لاستعداد رمضان تذهب النساء إلى سوق المنامة القديم لأخذ الاحتياجات والحلويات الرمضانية.

وقال عبدالرحمن جمال بومعجب كذلك مهتم بالتاريخ والتراث البحريني إن هناك عادة ربات البيوت الاستعداد لهذا الشهر الفضيل بأن يقوموا بإخراج الأطباق والأواني والقدور وإصلاح المعطب منه وشراء ما ينقص منها ويقومون بتنظيف المنازل وغسل الحصر والسجاد وتنقية والرز وطحن البهارات ومعظم هذه العادات مازالت مستمرة مع الاختلاف في توافر كل هذه الأشياء بسهولة ويسر.

وأوضح أن الأمهات في الزمن الجميل يجهزن حب الهريس، حيث يتم دقة الحب "بالمنحاز" ليصبح الحب نظيفا خاليا من الشوائب وهو عمل يقوم به الرجال والنساء على السواء، موضحا أن البحرين كانت أرضا من الأراضي الخصبة وذلك لتوافر عيون المياه العذبة فيها وكانت عين((الحنينة)) وهي تقع في روضة بين الرفاعين وأرضها من أخصب الأراضي الزراعية وكان يزرع بها القمح، وعند الحصاد جرت العادة بأن يجتمع أهالي الأحياء ومعهم طيران وطبول ويحضرون كمية من جريد النخل، ثم تجلب سنابل القمح وتفك من صورها وتكوم في شكل هرمي ويلتف حولها مجموعة من الرجال حاملين جريد النخيل ويبدأ الضرب بضرب السنابل بطريقة موحد، ة يصاحبها الإيقاع و المشاركة في الرقص، حيث يلتفون عند ضرب السنابل حول أنفسهم تاره، وطورا يتركون عصيهم ويقومون بالتصفيق ملتفين حول كومة السنابل وحول أنفسهم ويستمر الأداء بهذه الطريقة حتى يتم فصل الحب عن سنابله وهي تخلص الحب من القشرة، ليصبح جاهزا لإعداد وجبة الهريس وهي وجبة أساسية في شهر رمضان.