سماهر سيف اليزل
نوف نبيل شابة بحرينية تتسم بالهدوء والخجل، اختارت أن تكون الكتابة وسيلتها في التواصل وإرسال الرسائل، أسرها الأدب بمختلف أنواعه، وأخذتها الكتابة إلى عالم ساحر .. تنقلت بين صنوف الأدب ومن ثم أضافت لتجربتها الشعرية كتابة الرواية، فاتحتها "حياة سرية ..حجاز ونهاوند " التي حملت في ثناياها الصراعات المختلفة للإنسان.وحول رحلتها في عالم الكتابة والشعر ، وتجربتها في الرواية كان لـ "الوطن" هذا الحوار مع الشاعرة والكاتبة الشابة نوف نبيل عبد الرحمن..
كيف توجهت نوف للكتابة ومتى كانت بدايتها؟بدأت حكايتي مع الكتابة على مقاعد الدراسة، كنت طفلة هادئة، وخجولة، لجأت كما يلجأ الأطفال إلى كتابة الرسائل للعائلة عوضا عن الحديث بشكل مباشر، واستمر معي الأمر إلى الآن؛ إذ لازلت أستخدم الكتابة كخيار أول للتواصل مع الآخر، في المدرسة (وإن لم يكن الأمر واضحا بالنسبة لي آنذاك) إلا أنني جذبت أنظار معلماتي من خلال ما أكتب، ونلت ثناء دفعني للمواصلة. ولا أستطيع الحديث عن البدايات دون أن أتطرق إلى دور عائلتي في تخصيص الوقت اللازم لزيارات المكتبات الدورية فأنت لن تكتب ما لم تكن قارئا، دفعني فضولي للمعرفة إلى الإطلاع على أنواع مختلفة من الأدب حتى دون وعي مني بخصائص كل نوع لحداثة سني لكنها كوّنت لي محصلة جيدة بالنسبة لكاتب، شعرت دائما بأن الأدب يأسرني واللغة تفعل بي ما يفعله الساحر بالمسحور ، كان العالم مهيئا من حولي لأن أختار هذا الطريق.
بمن تأثرت في البحرين خصوصا وفي العالم العربي بشكل عام ؟هناك الكثير من الأسماء بطبيعة الحال، وكل كاتب له تأثيره المختلف علي، لكنني أحب أن أشدد على هذا الأمر... لا أملك ولاء لأي كاتب أو صاحب تجربة وإنما أقف في صف النص أو النتاج الإنساني و أحب دائما أن أفصل الاسم عن إنتاجه لأنك حين تفعل لن تتحيز و لا يجب أن تتحيز في الأدب مادمت راغبا في التعلم من الجميع و تكون جزأ متصل من تجارب الجميع.
الرسائل الموجهة من خلال روايتك ؟رسائل متشعبة، لم أرغب في أن أكتبها للقارئ بشكل مباشر أو كنوع من الوصاية التي ينتهجها بعض الكتاب، وإنما حرصت على أن يحصل كل شخص على رسالته الخاصة التي يستنتجها من خلال وعيه، بناء على حالته الفكرية أثناء القراءة وكيف يسقط تلك الرسائل على تجاربه ومن ثم على النص السردي الذي أمامه، الرسائل تتفاعل مع القارئ ويراها من جوانب مختلفة لكنها في المجمل حول الإنسان و صراعاته.
ما هي التحديات التي واجهتها؟هناك تحديات تواجه أي كاتب متعلقة بالأفكار و انقطاعها مثلا، أو الالتزام بخطة زمنية لإنهاء العمل، أو التشتيت والشعور باللا جدوى والرغبة في التوقف وهذه تحديات ذاتية وقعت فيها جميعها لاسيما وأنها تجربتي الأولى.
برأيك ما هي مقومات الروائي الناجح؟لا تعنيني المعايير بقدر ما تهمني حقيقة واحدة، وبعيدا عن كوني أقوم بفعل الكتابة فأنا أتحدث من وجهة نظري كمتلق أجد الروائي الناجح حين يقدم لي عملا ممتعا يدفعني للاستمرار في القراءة مهما كان المحتوى ومهما كانت الأفكار التي يقدمها أما المتعة فأنا ألخصها في المزج بين الأسلوب واللغة والبساطة والأفكار التي تهم القارئ.
لماذا انتقلت من الشعر إلى الرواية ؟لم أنتقل من الشعر بمعنى أنني لا أوجه إنتاجي للرواية بشكل كامل الآن، ولا يمكنني الانفصال عن تجربتي الشعرية مهما انتقلت لصنوف أخرى من الأدب، في المحصلة وكون المصدر واحد فأنا لم أغادر شيئا لآخر وإنما أضفت لتجربتي بعدا آخر وهذا ما أفعله باستمرار وأراه سمة تطور للتجربة وتمكنني من الكتابة بشكل يليق ويتماشى مع كل مرحلة أمر بها.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
بالنسبة للشعر فأنا أشارك في عدد من الأمسيات داخل البحرين وخارجها، خلال هذه الفترة ولي مشاركة قريبة أيضا خلال شهر رمضان ، أما الرواية فأنا أضع الخطوط العامة لعمل جديد وأتوقع أن يأخذ مني وقتا أطول في الكتابة.
كيف ترين الساحة الأدبية والثقافية في البحرين وهل هناك دعم كاف للكتاب والمثقفين في البحرين؟
ساحتنا في البحرين لها عدة سمات أولا لم ألاحظ وجود تفعيل حقيقي للمؤسسات الثقافية في البحرين، و لا أحد يقوم بصناعة الكاتب ولا يوجد احتضان حقيقي أو توجيه وقد يكون هناك زهو بأسماء معينة، لكنه زهو آني، في المطلق لن يضيف للكاتب شيئا ولن يطوره ، كما أن تمثيل الأديب البحريني بالداخل ضعيف بالإضافة إلى تواجده في خارطة الأدب في المنطقة بشكل عام ، وحقيقة لا أعلم السبب.
ومن جهة أخرى لاحظت الانقطاع بين الأجيال الأدبية في البحرين كما أنه لا يوجد امتداد ملموس، فالأدب جزء من الثقافة لأي بلد، وهي بالتالي إرث لا يجب أن ينقطع، وما يضيفه الشباب على الساحة محدود بسبب المساحة المحدودة الممنوحة لهم ، وجود الدماء الجديدة أمر حتمي .
وأخيرا فبالإضافة إلى التحزب لاحظت أن المجاملات بين المشتغلين بالكتابة أمر طاغٍ وهو ما يعرقل وجود كاتب نوعي أو محتوى نوعي يليق بهذه الحضارة التي ننحدر منها ، ولا أذكر هذه الملاحظات لأبرر الإحباط أو أعني بها بأن المشهد الثقافي في البحرين خاوي ولا يوجد به كتاب فهناك أسماء كثيرة تشق طريقها دون الالتفات لوضع الساحة ولكن لحرصي على أن يكون نشاطنا الثقافي نوعي وقادر على استقطاب المزيد من الجماهير كما هو الحال في المنطقة بشكل عام .
ما هي رسالتك للمواهب الصاعدة في هذا المجال ؟
محاولتي الأولى في كتابة الرواية كانت قبل ١٠ سنوات من الآن وكانت تحمل طابعا مختلفا بالتأكيد لكنها لم ترى النور لا لشيء وإنما وددت أن أتأنى، قد أكون كاتبة متميزة تمتلك أسلوبا شيقا وتراكيب فاتنة، ولكن تنقصك التجربة الحياتية لتدعم نصك أيا كان نوعه. أرى أن التأني مهم لأي موهبة، لا تندفع وراء نشوة الكتابة الأولى اقرأ المزيد ولا تترفع عن أي تجربة ولا تحصر إطلاعك في الأسماء الرنانة بل اطلع على كل ما يوجد وابتكر لغتك الخاصة وهذا ما سيأتي إليك من خلال القراءة .
ما الذي تقدمه نوف وما الاختلاف فيه؟
أحاول أن أقدم أعمالا حقيقية وأن أطور من تجربتي سواء في الشعر أو السرد لا لأجلي فقط وإنما من أجل المتلقي أيضا، أنت تنفصل عن كونك كاتبا لأحداث أو مشاعر خاصة حين تتحول للنشر، وعلى ذلك فأنك تكون واعيا بوجود المتلقي وعليك أن تكتب من أجله في هذه المرحلة.