انطلق الثلاثاء منتدى "مئة عام على التعليم النظامي في مملكة البحرين" الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف". وركزت الأوراق المقدمة في اليوم الأول للمنتدى على المكانة التعليمية الرائدة التي وصلت إليها البحرين بعد مئة عام على انطلاق التعليم النظامي، بشهادة تقارير دولية مرموقة ومعروفة بمهنيتها على مستوى العالم.ورعى وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي افتتاح المنتدى، بحضور وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، والأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري، وعدد من المسؤولين بقطاعات الدولة المختلفة، وشخصيات أكاديمية وتربوية وفكرية من داخل المملكة وخارجها.وألقى وزير التربية والتعليم كلمة افتتاحية قال فيها إن المنتدى يأتي ضمن الفعاليات العديدة التي تنظمها البحرين، احتفاء بهذه المناسبة الوطنية الكبيرة وهي مئوية التعليم، من خلال استعراض ما حققته المسيرة التعليمية المباركة من إنجازات ونتائج مشرفة منذ بدء التعليم النظامي في العام 1919، وتبيان دور التعليم البارز في رفد جهود التنمية الشاملة في البلاد، معرباً عن خالص التهاني والتبريكات لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.وأكد الوزير أن البحرين نجحت في تبوؤ مكانة تعليمية رائدة دولياً، أكدتها تقارير عالمية مرموقة، وخاصة تصنيفها ضمن الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع، حسب تقارير منظمة اليونسكو، وتحقيقها أكبر نسبة تقدم عربي وفق مؤشرات التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمركز الأول عربياً و47 عالمياً في مؤشر رأس المال البشري، حسب تقرير البنك الدولي، والمرتبة الرابعة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر التعليم، حسب تقرير مجموعة بوسطن الاستشارية، وتحقيقها أكبر نسبة تقدم على المستوى العالمي في الاختبار الدولي للرياضيات والعلوم "تيمس"، بمعدل 45 درجة معيارية.وألقت رئيسة اللجنة المنظمة للمنتدى رئيسة مجلس إدارة شركة "ميد بوينت" الشيخة نورة بنت خليفة آل خليفة كلمة أوضحت فيها أن مشاركة منظمة "اليونيسيف" في المنتدى هي الأولى من نوعها، وأن المنتدى سيتطرق إلى مناهج ومهارات المستقبل، والجهود المبذولة لتمكين طلبتنا منها، وأهمية الأيدي العاملة والقطاع الخاص في التعليم، وكيفية تطوير ثقافة الامتياز في التعليم العالي، كما سيتضمن المنتدى حديثاً مطولاً عن أجندة عمل الشباب وقصص نجاحهم، معربةً عن شكرها وزير التربية وجميع العاملين في الوزارة على الدعم والمساندة التي قدموها من أجل نجاح فعاليات المنتدى.من الهداية الخليفية إلى التمكين الرقميوانطلقت الجلسة الأولى للمنتدى بإدارة وكيل وزارة التربية والتعليم للموارد والخدمات د.محمد مبارك جمعة، ومشاركة وزير التربية، ووزير النفط، والأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة.وقدم وزير التربية عرضاً بعنوان "مئة عام على التعليم النظامي الحكومي، من الهداية الخليفية إلى التمكين الرقمي"، تناول خلاله مراحل تطور المسيرة التعليمية الوطنية، وصولًا إلى الإنجازات التعليمية في ظل العهد الزاهر لجلالة الملك المفدى، ولا سيما توفير التعليم للجميع، مع ضمان جودته وشموليته، وتمكين المرأة في المجال التعليمي، وسد الفجوة بين الجنسين في التعليم، وتشجيع الاستثمار في التعليم الخاص، والانتقال إلى التعليم الإلكتروني من خلال تدشين مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل في العام 2005، الذي تم تعميمه بنجاح في 2009، ثم الانتقال إلى مرحلة متقدمة هي التمكين الرقمي في التعليم.وتطرق الوزير إلى مشروع المدرسة المعززة للمواطنة وحقوق الإنسان، الذي عمم على جميع المدارس، في ضوء ما حققه من نجاح متميز في نشر قيم التسامح والتعايش والحوار في الفضاء المدرسي، من خلال أنشطة ومشاريع مبتكرة اشترك في تنفيذها الطلبة والتربويون، فضلاً عن الإشادات الدولية التي نالها المشروع، ووصفته بأنه تجربة رائدة عالمياً، مشيراً إلى خطوة الوزارة في المشاركة في الاختبارات الدولية مثل "تيمس" و"بيرلز"، التي كانت لنتائجها انعكاسات على صعيد تطوير المناهج وتدريب المعلمين، إضافةً إلى ما حققته جائزة اليونسكو - الملك حمد لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال من نجاح عالمي باهر في مجال تشجيع المبادرات الهادفة لاستخدام التقنيات الرقمية في توفير التعليم للجميع.وسلط الوزير الضوء على مشروع كلية البحرين للمعلمين، الذي حقق نقلة نوعية في تأهيل الكوادر التدريسية والقيادات التربوية الكفؤة، حيث تمكنت الكلية من تخريج 916 طالباً وطالبة ضمن برنامج البكالوريوس في التربية، و522 معلماً ومعلمة ضمن برنامج الدبلوم العالي في التربية، و639 مديراً ومديراً مساعداً ضمن برنامج الدبلوم العالي في القيادة التربوية، إضافة إلى تمهين 13 ألفاً و828 معلماً ومعلمة ضمن برنامج التنمية المهنية المستمرة، مشيراً إلى جهود الوزارة على صعيد استحداث المناهج والتخصصات المواكبة لمتطلبات سوق العمل ومهارات القرن الحادي والعشرين، وجهود الإرشاد الأكاديمي والمهني لتوعية الطلبة بالتخصصات الأكبر طلبًا.النفط الصخري يفتح مجالات جديدةوتحدث وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة عن الدور الذي اضطلع به قطاع النفط في مسيرة التنمية منذ اكتشاف النفط في المملكة العام 1932، بما في ذلك الدور المهم لشركة بابكو في دعم التعليم، حيث رصدت الموازنات المطلوبة لابتعاث الطلبة لدراسة العديد من التخصصات المتصلة بقطاع النفط والغاز، وإشراكهم في برامج تدريبية متخصصة، مشيراً إلى أبرز التخصصات المطلوبة في القطاع النفطي، ولاسيما الجيولوجيا والهندسة الكيميائية والميكانيكية والكهربائية.وأكد وزير النفط أن مرحلة اكتشاف النفط الصخري ستفتح المجال لوظائف جديدة في تخصصات متعددة، مشيراً إلى أهمية التعليم الفني والمهني، والخيارات الوظيفية المتعددة التي يوفرها للخريجين.التعلم مدى الحياة للمرأةفيما أكدت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري دور المرأة البحرينية في ترسيخ مكانة التعليم في البحرين على مدى تسعين عاماً، وتمكنها من التفاعل مع مستجداته في كافة المراحل ومهما كانت التحديات، مشيرةً إلى أن المرأة البحرينية استطاعت أن تتميز بحضورها وعطائها المتواصل، فأصبحت لها بصمات واضحة على مسيرة تعليمية ثرية بإنجازاتها، ورحبة بتطلعاتها، انطلقت منذ تأسيس مدرسة الهداية الخليفية قبل قرن من الزمان وحتى اليوم.ولفتت الأنصاري إلى تفرد المجتمع البحريني بخصوصية ثقافية وانفتاح حضاري تميز بدعمه لمسيرة المرأة التعليمية على مر الزمن، منوهة بدور الرجل البحريني ومواقفه الداعمة في هذا الشأن، سواء على مستوى القناعة السياسية المتمثلة في قرارات حكام البحرين من آل خليفة الكرام، على مر التاريخ، والتي جاءت مساندة لحق المرأة في التعليم، أو على مستوى الحراك الثقافي والأدبي للمجتمع البحريني، الذي تبنت منصاته ووسائله في حينه (كالصالونات الأدبية، والصحف، والمسرح المدرسي) مسألة تعليم المرأة كضرورة من ضرورات الحياة.وأضافت أن المجلس الأعلى للمرأة يركز في خططه لمتابعة تنفيذ الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية بالشراكة مع كافة مؤسسات الدولة، على محاور خاصة لتشجيع منهجيات وممارسات "التعلم مدى الحياة"، بإتاحة خيارات التطوير الذاتي ورفع قدرة المرأة في اكتساب معارف ومهارات جديدة، خصوصاً في ظل التطورات المتسارعة للاقتصاد الوطني التي تتطلب تخطيطاً متسارعاً ومستجيباً لمتطلبات السوق، واستعداداً خاصاً للفرص المهنية الجديدة في مجال علوم المستقبل.وكشفت الأنصاري أن المجلس الأعلى للمرأة سيعلن قريباً عن مبادرة وطنية جديدة تهدف إلى إدماج المرأة البحرينية في مجال علوم المستقبل في إطار من التوازن بين الجنسين، بالتعاون مع الجهات المعنية، متزامنة مع موضوع يوم المرأة البحرينية لهذا العام، الذي يهدف إلى إلقاء الضوء على دور المرأة البحرينية في مجال التعليم العالي، والتعرف على طبيعة الفرص المتاحة أمامها في المهن التي تتبنى تطبيقات العلوم الذكية.واستعرضت الأنصاري عدداً من المؤشرات النوعية التي رصدها المجلس وتسهم في قياس أثر تعليم المرأة على التنمية الوطنية، موضحة أن نسبة المستفيدات من البعثات والمنح الدراسية بلغت 67% من إجمالي المستفيدين. وبلغت نسبة المتفوقات لهذا العام الدراسي 70% من إجمالي المتفوقين، وتصل نسبة الطالبات في مؤسسات التعليم العالي الحكومية إلى 68%، و71% في درجات الماجستير والدكتوراه على التوالي.ونوهت الأنصاري بجهود وزارة التربية التي تصب في اتجاه الاستثمار الصحيح في برامج التعليم الوطني لتطوير نهضة البحرين التنموية.وشهدت الجلسة تكريم كافة المشاركين والجهات الداعمة للمنتدى.معرض للتوظيفويرافق المنتدى معرض يقدم فرصاً عدة للتوظيف في عدد من الشركات والمؤسسات المحلية، ويستعرض قصص نجاح 50 رائد أعمال في المملكة، مع تقديم منتجاتهم وخدماتهم.وشهد المنتدى في يومه الأول تقديم ست جلسات عمل، تناولت موضوعات عدة متصلة بالتعليم بمختلف مراحله، وقصص نجاحه وتطوره، وسبل تعزيز علاقته بسوق العمل، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين، بينهم نائب مدير منظمة اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخليج العربي نسيم أول، ورئيسة قسم الشراكة مع القطاع الخاص باليونيسيف ديبالي سود، إضافةً إلى عدد من الوكلاء والوكلاء المساعدين بوزارة التربية، وعدد من أساتذة الجامعات.ويتحدث في اليوم الثاني المحاضر والخبير العالمي في مجال تدريب الموارد البشرية كيفن عبدالرحمن، عن التعليم والتمكين، وخاصةً تمكين المرأة. ويقدم عدد من المدربين المعتمدين ورش عمل حول إعداد السيرة الذاتية، وتعليم الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعليم في القطاع الخاص.