عبدالقادر عقيل
القصة القصيرة هي فن اللحظة، الومضة التي تسطع فجأة في قلب الظلام فتتبدى للعين الكثير من الأشياء التي كانت متوارية. القصة هي محاولة للكشف عن الأعماق البشرية، للولوج الى الداخل، والوصول الى القاع.
ولأن عصري ومجتمعي وبيئتي تطرح علي الأسئلة، فإنني أحاول الإجابة عليها من خلال القصة القصيرة، فأكتشف أنني بدوري أطرح الأسئلة التي تخلق الأسئلة. القصة القصيرة هي فن السؤال.
حين بدأت أنشر ما أكتبه قبل عشرة أعوام لم أسأل نفسي: لماذا أريد أن أصبح كاتب قصة قصيرة، ولم لا أصبح مؤلفا موسيقيا، مع أنني أعشق كلا الفنين؟ لذلك فانني أرى أن كتابتي للقصة القصيرة لا علاقة لها بالسنوات العشر الماضية، انما هي في الحقيقة مجموع ما عشته في السنوات العشر الأولى من حياتي .. انها هي التي حددت بالضبط سبب لجوئي لفن القصة القصيرة، أما بقية سنوات حياتي فقد كانت تنويعا على تلك السنوات الأولى.
عشت طفولة غريبة وعجيبة، ومع ذلك فكثيرا ما أتحسر على أنني كبرت. لقد مررت بتجربة مرض طويل، وكان غريباً، في الصيف يأخذ شكلاً وفي الشتاء يأخذ شكلاً آخر، لذا فإنني كنت أصاحبه طوال العام. عشت خوفا خرافيا في سنوات الطفولة: أخاف من كل شيء، وكان حلول الظلام كل ليلة يعني رعبا جديدا بالنسبة الي.
رأيت الفقر وحياة التنقل من بيت الى بيت آخر. والعائلة المحشورة في حجرة واحدة. أبي كان يعمل عاملا لتفريغ حمولات السفن الكبيرة وكان أحياناً يسافر أو يتغيب عن البيت بسبب ظروف العمل، وفي كل مرة كنت أتوقع أن شخصاً ما سيجيء ويخبرنا عن وفاته. وكانت فكرة الموت هذه تزلزلني. من سيحميني من هذا العالم المرعب إذا فقدت أبي؟
حين كبرت انتقلت فكرة الموت إلى داخلي. فقد عشت فترة طويلة معتقداً أنني سأموت في وقت مبكر، وهذا ما دفعني إلى أن أسرع في كل شيء، أن أسابق الزمن قبل أن تحين الساعة وأرحل عن هذا العالم.
أكتب منذ عام 1972، وخلال هذه السنوات القصيرة كتبت الكثير من القصص القصيرة، وأصدرت مجموعة قصصية، وأنا الآن بصدد إصدار مجموعة جديدة، لكنني لا أعرف - حقاً إلى أين وصلت، وماذا أنجزت. أحاول ألا أكرر نفسي في قصصي، أن لا أقف في محطة معينة، ألا أتعلب في قالب معين ويحرمني من حرية الحركة.
{{ article.visit_count }}
القصة القصيرة هي فن اللحظة، الومضة التي تسطع فجأة في قلب الظلام فتتبدى للعين الكثير من الأشياء التي كانت متوارية. القصة هي محاولة للكشف عن الأعماق البشرية، للولوج الى الداخل، والوصول الى القاع.
ولأن عصري ومجتمعي وبيئتي تطرح علي الأسئلة، فإنني أحاول الإجابة عليها من خلال القصة القصيرة، فأكتشف أنني بدوري أطرح الأسئلة التي تخلق الأسئلة. القصة القصيرة هي فن السؤال.
حين بدأت أنشر ما أكتبه قبل عشرة أعوام لم أسأل نفسي: لماذا أريد أن أصبح كاتب قصة قصيرة، ولم لا أصبح مؤلفا موسيقيا، مع أنني أعشق كلا الفنين؟ لذلك فانني أرى أن كتابتي للقصة القصيرة لا علاقة لها بالسنوات العشر الماضية، انما هي في الحقيقة مجموع ما عشته في السنوات العشر الأولى من حياتي .. انها هي التي حددت بالضبط سبب لجوئي لفن القصة القصيرة، أما بقية سنوات حياتي فقد كانت تنويعا على تلك السنوات الأولى.
عشت طفولة غريبة وعجيبة، ومع ذلك فكثيرا ما أتحسر على أنني كبرت. لقد مررت بتجربة مرض طويل، وكان غريباً، في الصيف يأخذ شكلاً وفي الشتاء يأخذ شكلاً آخر، لذا فإنني كنت أصاحبه طوال العام. عشت خوفا خرافيا في سنوات الطفولة: أخاف من كل شيء، وكان حلول الظلام كل ليلة يعني رعبا جديدا بالنسبة الي.
رأيت الفقر وحياة التنقل من بيت الى بيت آخر. والعائلة المحشورة في حجرة واحدة. أبي كان يعمل عاملا لتفريغ حمولات السفن الكبيرة وكان أحياناً يسافر أو يتغيب عن البيت بسبب ظروف العمل، وفي كل مرة كنت أتوقع أن شخصاً ما سيجيء ويخبرنا عن وفاته. وكانت فكرة الموت هذه تزلزلني. من سيحميني من هذا العالم المرعب إذا فقدت أبي؟
حين كبرت انتقلت فكرة الموت إلى داخلي. فقد عشت فترة طويلة معتقداً أنني سأموت في وقت مبكر، وهذا ما دفعني إلى أن أسرع في كل شيء، أن أسابق الزمن قبل أن تحين الساعة وأرحل عن هذا العالم.
أكتب منذ عام 1972، وخلال هذه السنوات القصيرة كتبت الكثير من القصص القصيرة، وأصدرت مجموعة قصصية، وأنا الآن بصدد إصدار مجموعة جديدة، لكنني لا أعرف - حقاً إلى أين وصلت، وماذا أنجزت. أحاول ألا أكرر نفسي في قصصي، أن لا أقف في محطة معينة، ألا أتعلب في قالب معين ويحرمني من حرية الحركة.