فاطمة يتيم
أكد خبير الصناعات الفضائية العسكرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS دوغلاس باري، حاجة دول مجلس التعاون للاستقلال بقدراتها الاستطلاعية قدر الإمكان، لافتا إلى ضرورة تطوير قدراتها العسكرية في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع إلى حد بلوغها مرحلة الاكتفاء الذاتي والاستقلال شبه التام عن الاستعانة بما يقدمه حلفاؤها في المنطقة، لتتمكن من الرصد المسبق لمخاطر الهجمات المحتملة وإحباط إمكانية تنفيذها والتصدي لها في الوقت المناسب.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها مؤخراً في فرع المعهد للشرق الأوسط في المنامة، شدد فيها على ضرورة إعادة تقييم الإمكانيات والقدرات المتوفرة وتعريف ثغرات القصور في أجهزة ومعدات وأساليب رصد المساحات السيادية لدى دول مجلس التعاون والدول العربية، التي تشهد مواجهات حدودية مع أطراف فاعلة مستقلة أو ميليشيات مدعومة خارجياً، مؤكدا أن السبب في ذلك سباق التطوير المستمر للطائرات المسيّرة والمقذوفات المبرمجة ومهارات فرق التخريب الخاطف التي تتبعها الدول المارقة وجماعات العنف الطامحة إلى السلطة من جهة، مقابل المنجزات المضادة لدى الدول المتقدمة الحليفة لدول المنطقة.
وأكد باري على أهمية القوة السيادية والقانونية التي توفرها قدرات الاستطلاع ضد الخصوم أمام المجتمع الدولي، مشيراً إلى توليفة الردع المبكر والاستباقي بالتزامن مع توثيق محاولات الاختراق الأمني أو الهجمات وإمكانية تقديمها كدليل للمفاوضات الدبلوماسية الثنائية أو عند الاحتكام إلى المجتمع الدولي.
وأضاف باري، أن دول مجلس التعاون بمقدورها اقتناء التقنيات المطلوبة لبلوغ المستوى المطلوب من التحوط الاستباقي، بحيث لا يبقى لديها ما تحتاج إلى حلفائها فيه سوى الرصد الفضائي، الذي يبقى المجال الاستطلاعي الوحيد الذي ما زال في بداياته لدى هذه الدول.
وفي سياق شرحه لأهمية تطوير الإمكانيات، أكد باري أن العملية مكلفة جداً لكن لا غنى عنها، ذلك أن الدولة التي تتخلف عن ركب الرصد التحوطي والاستطلاع تصبح رهينة في أفضل الأحوال لحليف قد لا يتمكن من إشعارها بكل ما يتهددها إذا ما استنفر كافة إمكانياته للتركيز الحصري على مصالحه عند الطوارئ، وفي أسوء الأحوال قد يلحق عطل أو خطأ بإمكانيات الحليف، بل حتى يؤدي تغير المواقف السياسية إلى عدم مشاركة الدولة الجارة للمعلومات مع جارتها.
ودعا الخبير باري إلى عدم التركيز على اقتناء وتطوير معدات ومنصات الاستطلاع والرصد فحسب، وإنما تطوير الهياكل التنظيمية القائمة على تشغيلها واستقاء المعلومات بواسطتها وسرعة تحليلها وإخطار خطوط الدفاع الأولى عنها في الوقت المناسب، مؤكداً على ضرورة تأهيل العناصر البشرية لتتمكن من تحليل ما تقدمه لها العناصر التقنية والرقمية بسرعة تناسب الأهمية الآنية للحدث المرصود بما يسمح للتصدي لضرره المرتقب قدر الإمكان.