قرر مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس أمناء الجائزة، سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، منح مؤسسة (إدهي) EDHI الخيرية بجمهورية باكستان الإسلامية جائزة عيسى لخدمة الإنسانية للدورة الرابعة 2018 - 2019، بتوصية من لجنة التحكيم الدولية الخاصة بالجائزة التي اختارت مؤسسة (إدهي) من بعد عدة تصفيات بين مترشحين من مختلف دول العالم.

وكانت الأمانة العامة للجائزة بالتعاون مع لجنة التحكيم قد أجرت بحثاً ميدانياً مكثفاً تناول مواقع عمل المؤسسة والاطلاع على أساليب تقديم خدماتها والتحقق من منجزاتها والمعلومات الواردة في سجلاتها.

وقال سمو الشيخ محمد بن مبارك، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، بقصر القضيبية صباح الأحد، بحضور، نائب رئيس مجلس الوزراء النائب الأول لرئيس مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، ووزير الخارجية عضو مجلس أمناء الجائزة، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة: "نستذكر بتقدير وإجلال تلك الروح الكريمة الخيرة لسمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه والتي أنشأ صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، الجائزة باسم سموه لتبقى شعلة الخير مشتعلة احتفاء بمن يسهم في خدمة البشرية".

وأضاف: "مجلس أمناء الجائزة عمل خلال دوراته على استكشاف الأعمال الإنسانية على الساحة الدولية وبالذات ما هو متميز منها وبعيد عن الأضواء، وها نحن اليوم نستكشف جديدا ممن هم جديرون بالاهتمام والدعم والمساندة لنسلط الضوء على الجهود الخيرة التي تضع المحتاجين من البشر كلهم في مرتبة واحدة دون تفريق بين أي نوع".

وتبلغ قيمة الجائزة مليون دولار أمريكي، مرفقة بميدالية من الذهب الخالص وشهادة تقديرية عليا، تسلم في احتفالية ملكية كبرى يشرفها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، تقام في شهر نوفمبر 2019 وتحضرها شخصيات عالمية شهيرة إلى جانب وفود رسمية وأهلية.

ولاطراد النجاح الذي حققته جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دوراتها الثلاث الماضية بالكشف عن أعمال وجهود إنسانية بالغة التفرد والتميز، احتلت الجائزة مكانة مرموقة بين الجوائز العالمية مؤكدة انفتاحها الإنساني على مختلف الأجناس والأديان واقتصارها على الخدمات الإنسانية المحضة.

وكان صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى، قد أنشأ هذه الجائزة التي تمنح كل سنتين مرة، في العام 2008 تخليداً لذكرى والده سمو الأمير الراحل طيب الله ثراه، وخص بها المشتغلين في مجال الخدمة الإنسانية ممن تتميز أعمالهم وتتفرد بمنجزات غير عادية.

والمؤسسة الفائزة لهذه الدورة مؤسسة (إدهي) EDHI الخيرية بجمهورية باكستان الإسلامية تعد أكبر مؤسسة خيرية باكستانية معروفة على النطاق العالمي في مجال الخدمة الإنسانية.

ويغطي عملها كل البشر من جميع الملل والأديان والجنسيات دون تفريق، أسسها رجل الأعمال الخيرية المعروف عبدالستار إدهي Abdul Sattar Edhi، وهو فاعل خير وناشط اجتماعي وزاهد باكستاني معروف بـ"أبو الفقراء"و"ملاك الرحمة" وكان قد رشح مراراً لنيل جائزة نوبل للسلام.

ويحظى عبدالستار إدهي بتقدير وثقة واحترام كبيرين في بلاده، فقد كرس حياته لخدمة البشر الأكثر فقراً، فأسس مؤسسة خيرية عملاقة من دون أية مساعدات حكومية أو دعم عالمي بنت مستشفيات للولادة ومشارح وأماكن مجهزة لإيواء الأيتام وملاجئ ودوراً للعجزة، وظل إلى حين وفاته في 8 يوليو 2016 يعمل بجد في مؤسسته مكرساً حياته وحياة كل أفراد أسرته بأكملها لخير الناس.

وفي بداية حياته، انخرط في تجارة الأقمشة التي يمتهنها والده ولكنه سرعان ما هجر مهنة أبيه، ومع نفر من أصدقائه أنشأ مستوصفاً صغيراً من حجرة واحدة في حي ميثادار في مدينة كراتشي القديمة.

امتلك سيارة صغيرة وأصبح يتجول بها في المدينة ناقلاً المرضى وجرحى الحوادث إلى المستشفيات للإسعاف.

ومن هذه البداية المتواضعة أفلح في العام 1951 في إنشاء مؤسسة استهوت الآلاف من المتطوعين الذين يتبرعون بوقتهم وجهدهم لمساعدة الآخرين.

يدير أبناؤه وبناته في الوقت الراهن 300 مركز للطوارئ منتشرة في كل أقاليم الباكستان، تعمل على مدار الساعة بأسطول قوامه 1500 سيارة إسعاف و28 قارب إنقاذ وثلاث طائرات إسعاف صغيرة إثنتان مستأجرتان وتم امتلاك الثالثة، وتتلقى المؤسسة 6 آلاف مكالمة يستقبلها 200 مخابر هاتفي لطلب خدمة الإسعاف يومياً.

وبات لمؤسسة إدهي ملاجئ للأيتام ملحقة بالمدارس الابتدائية والثانوية ودور للمعاقين والأطفال المشردين، وأخرى للمدمنين على تعاطي المخدرات ومساكن للنساء المعتدى عليهن.

وهناك مراكز للأمومة ولتنظيم الأسرة ومعاهد لتدريب الممرضات وبنوك للدم ومستوصف للدرن ومستشفى للسرطان.

وتقدم المؤسسة عدة خدمات طبية، حيث تدير 8 مستشفيات مجانية، وعدة مستشفيات للعيون، ومراكز لمرضى السكر، ووحدات جراحية، ومستشفى صغيراً للسرطان، وعدة مستوصفات متنقلة، فضلاً عن بنكين للدم في كراتشي وحدها.

وتوفر المؤسسة الغذاء والضروريات الأخرى للسجناء، كما أن هناك 15 مركزاً تابعاً للمؤسسة باسم "بيتنا" تقدم خدمة الإيواء للأطفال المعوزين والهاربين وذوي الاحتياجات الخاصة، كما تدير عدداً كبيراً من مراكز رعاية الأطفال مجهولي النسب باسم "مهد الأطفال" تضم ما يقرب من 20,000 طفل، إضافة إلى عدد من دور الأيتام تضم 50,000 يتيم.

وتدير المؤسسة 330 مركزاً للرعاية في ريف ومدن باكستان، تقدم الطعام والمأوى وإعادة تأهيل النساء والأطفال المهجورين، وتطبب المعاقين ذهنياً.

وقامت المؤسسة بأعمال إغاثية في كل من إفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة القوقاز وشرق أوروبا والولايات المتحدة (أثناء إعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية عام 2005).

أسس الراحل عبدالستار إدهي قبل وفاته عام 2016 مشروع (إدهي) للخمسين كيلومتراً، ويهدف لتقديم الخدمات الضرورية والأساسية لسكان الريف والحضر، حيث يركز المشروع على إنقاذ حياة المسافرين في الطرقات الداخلية والخارجية لكل مناطق باكستان والذين هم عرضة لحوادث السير.

ومنحت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دوراتها الثلاث الماضية على التوالي إلى د.الماليزية جميلة محمود، وإلى البروفيسور الهندي أشيوتا سامنتا، وإلى مستشفى سرطان الأطفال بجمهورية مصر العربية.

وتتميز جائزة عيسى لخدمة الإنسانية بين الجوائز العربية كونها أول جائزة عربية في الخدمة الإنسانية تحظى بسمعة دولية ويتقدم إليها كل عام مترشحون من مختلف دول العالم، وتقع مسئولية تحكيم أعمالهم على لجنة تحكيم من ذوي الخبرة يمثلون قارات العالم.