مشروع إحياء منطقة المحرق في البحرين هو أحد المشاريع الواعدة التي تم اختيارها مؤخراً ضمن قائمة المشاريع المرشحة لجائزة الآغا خان للعمارة في دورتها الحالية لعام 2019.
وتعتبر الجائزة من أهم وأقدم الجوائز المرموقة في مجال العمارة على الصعيد العالمي، وتبلغ قيمتها المالية مليون دولار أمريكي.
وبالإضافة لمشروع إحياء منطقة المحرق في البحرين، تضمنت القائمة تسعة عشر مشروعاً فريداً ومتميزاً من أنحاء مختلفة من العالم، من بينها تسعة مشاريع من سبع دول عربية هي الإمارات العربية المتحدة، لبنان، فلسطين، جيبوتي، عمان، البحرين وقطر.
وتقع جزيرة المحرق على مقربةٍ من العاصمة المنامة، وقد كانت في وقت مضى العاصمة والمركز السياسي القديم للبحرين. ولإعادة إحياء هذا الموقع التاريخي الهام، وتسليط الضوء على أهميته الاقتصادية والاجتماعية ودوره التاريخي في مهنة قديمة لطالما اشتهرت بها البحرين، تم تنفيذ مشروع طموح في المنطقة من قبل هيئة البحرين للحفاظ على الثقافة والآثار على مساحة شاسعة تزيد عن 330 ألف متر مربع. ورغم أن المشروع تم تدشينه في عام 2013، إلا أن العمل لم يتوقف في الموقع منذ ذلك التاريخ بل استمر بوتيرة متصاعدة. وفي الوقت الذي كان فيه هذا المشروع يهدف إلى الحفاظ على البنى القديمة والتاريخية في المنطقة، تم التركيز أيضاً على إنشاء مبانٍ جديدة بطريقة عصرية مدروسة تندمج بشكل رائع ومتناغم ضمن الموقع، ضمن مقاربة فريدة للحفاظ على التراث وتخطيط المساحات العامة المعاصرة.
ضمن هذا الإطار تتحدث نورة السايح، رئيس الشؤون المعمارية في هيئة البحرين للثقافة والآثار، عن هذا المشروع بالقول: "المشروع هو عبارة عن مشروع تجديد حضري كبير، وهو جزء من مشروع لترميم المباني التاريخية التي نسعى للحفاظ عليها ونقوم بإعادة تأهيلها أيضاً من جديد. في البداية، قمنا بتنفيذ أشياء أساسية، حيث حافظنا على الساحات العامة في المدينة، والشوارع، والمستديرات العامة، وواجهات الأبنية التي تحتاج حقاً للاستثمار، وفي المقابل، قمنا بإعادة تقديم البرامج المعاصرة التي ربما لم يعد يجري تنفيذها وإعادة استثمارها في المدينة."
وتضيف نورة السايح: "في الواقع، واجهنا بعض التحديات في البداية، لأن ما تم القيام به كان جديداً إلى حد ما بالنسبة للمدينة، وكان المفهوم الشائع أن هذه المباني القديمة هي مباني حساسة وهشة، وكان يعتقد أن إعادة الاستثمار فيها هي ضياع للأموال والجهد. ولكن، من الواضح أنه بمجرد أن بدأنا بإعادة استخدام هذه المباني وعادت الحياة إليها من جديد، بدأت في جذب الناس من مناطق أخرى في البحرين، بل ومن مناطق أخرى في المنطقة...كان تأثير هذا المشروع إيجابياً للغاية."
بالإضافة إلى دوره الأساسي في ترميم عدد من المباني القديمة التي كانت تعاني من ضرر كبير وإعادة إحياء هذه المنطقة الهامة بشكل عام، يركز هذا المشروع بشكل أساسي على تجارة اللؤلؤ في شبه الجزيرة العربية، وهي التجارة التي ازدهرت بها البحرين خلال القرن التاسع عشر. ضمن هذا الإطار يتضمن جزء هام من المشروع، يحمل عنوان "طريق اللؤلؤ"، العمل في مجموعة من الأبنية ومراقد المحار وأجزاء من شاطئ البحر، ويغطي كل جانب من جوانب اقتصاد صيد وتجارة اللؤلؤ. كما يقدم "طريق اللؤلؤ"، الذي يمتد على مسافة 3.5 كيلومتر بدءًا من هيرات (مغاصات) اللؤلؤ بالقرب من ساحل قلعة بوماهر وصولاً إلى قلب جزيرة المحرّق، رحلة رائعة للزوار لاستكشاف حقبة زمنية في البحرين ومنطقة الخليج العربي كان اقتصادها يعتمد على اللؤلؤ، إلى جانب مركز للزوار تم بناؤه حديثاً وساحتين عامتين.
وتم إدراج هذا الموقع الهام ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو كثاني موقع يتم اختياره ضمن القائمة في المملكة (بعد قلعة البحرين التي تمّ تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 2005). وفي محاولة رشيدة للحفاظ على روح هذه المدينة التاريخية، تم تنفيذ عدد من مشاريع الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى بعض المباني والمخططات الجديدة للأماكن العامة من قبل منظمة غير حكومية بالتشارك مع المنظمة الحكومية. وحول أهمية هذا الموضوع تقول السيدة شادية طوقان من منظمة اليونسكو: "يوجد الآن نوع من التعاون بين القطاعين الرسمي وغير الرسمي وكذلك القطاع الخاص، وهم جميعاً متحدون اليوم للقيام بشيء ما للحفاظ على تراثهم وتقديمه، مما يدل حقاً على أن إدراج المشروع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كان له أثر إيجابي للغاية على المجتمع."
بالمحصلة، يتجاوزهذا المشروع أهميته المعمارية ودوره التاريخي ليشمل جوانب أخرى لاتقل أهمية وحضوراً مثل الجانب الاجتماعي والاقتصادي، فهو لم يكتفِ بإعادة إحياء منطقة كانت تعاني من الكثير من التحديات، بل عمل أيضاً على الحفاظ على التراث الجميل وإعادة إحياء عدد من الحرف القديمة والتراثية التي تتميز بها مملكة البحرين، وخلق فرص جديدة للعمل والنمو في المنطقة. وهذا ماتؤكد عليه معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، بالقول: "هنالك أهمية كبيرة لاستثمار هذا النوع من الحرف المحلية وتوظيف الأماكن الأصلية لكي تكون ايضاً مصدراً للاستدامة ولضرب أبواب جديدة للعمل. كذلك الحرف القديمة، والتي يكاد البعض منها أن يندثر، مثل حياكة الكورار وهي مهنة أصيلة كادت أن تندثر، يمكن تحقيق الاستفادة اليوم عبر تقديم الجيل الجديد لممارسة هذه المهنة وتوظيفها أيضاً للحصول على مدخول ومردود مناسب."
أما فرخ درخشاني مدير جائزة الآغا خان للعمارة فيقول عن اختيار مشروع إعادة إحياء منطقة المحرق ضمن قائم المشاريع المرشحة للجائزة في دورتها الحالية: "إن الجهد المبذول لإعادة إحياء منطقة المحرق يتميز برؤية واضحة للحفاظ على روح هذه المدينة التاريخية". ويضيف السيد فرخ درخشاني قائلاً: "يوضح المشروع مقاربة حساسة للحفاظ على التراث وتخطيط المساحات العامة المعاصرة."
{{ article.visit_count }}
وتعتبر الجائزة من أهم وأقدم الجوائز المرموقة في مجال العمارة على الصعيد العالمي، وتبلغ قيمتها المالية مليون دولار أمريكي.
وبالإضافة لمشروع إحياء منطقة المحرق في البحرين، تضمنت القائمة تسعة عشر مشروعاً فريداً ومتميزاً من أنحاء مختلفة من العالم، من بينها تسعة مشاريع من سبع دول عربية هي الإمارات العربية المتحدة، لبنان، فلسطين، جيبوتي، عمان، البحرين وقطر.
وتقع جزيرة المحرق على مقربةٍ من العاصمة المنامة، وقد كانت في وقت مضى العاصمة والمركز السياسي القديم للبحرين. ولإعادة إحياء هذا الموقع التاريخي الهام، وتسليط الضوء على أهميته الاقتصادية والاجتماعية ودوره التاريخي في مهنة قديمة لطالما اشتهرت بها البحرين، تم تنفيذ مشروع طموح في المنطقة من قبل هيئة البحرين للحفاظ على الثقافة والآثار على مساحة شاسعة تزيد عن 330 ألف متر مربع. ورغم أن المشروع تم تدشينه في عام 2013، إلا أن العمل لم يتوقف في الموقع منذ ذلك التاريخ بل استمر بوتيرة متصاعدة. وفي الوقت الذي كان فيه هذا المشروع يهدف إلى الحفاظ على البنى القديمة والتاريخية في المنطقة، تم التركيز أيضاً على إنشاء مبانٍ جديدة بطريقة عصرية مدروسة تندمج بشكل رائع ومتناغم ضمن الموقع، ضمن مقاربة فريدة للحفاظ على التراث وتخطيط المساحات العامة المعاصرة.
ضمن هذا الإطار تتحدث نورة السايح، رئيس الشؤون المعمارية في هيئة البحرين للثقافة والآثار، عن هذا المشروع بالقول: "المشروع هو عبارة عن مشروع تجديد حضري كبير، وهو جزء من مشروع لترميم المباني التاريخية التي نسعى للحفاظ عليها ونقوم بإعادة تأهيلها أيضاً من جديد. في البداية، قمنا بتنفيذ أشياء أساسية، حيث حافظنا على الساحات العامة في المدينة، والشوارع، والمستديرات العامة، وواجهات الأبنية التي تحتاج حقاً للاستثمار، وفي المقابل، قمنا بإعادة تقديم البرامج المعاصرة التي ربما لم يعد يجري تنفيذها وإعادة استثمارها في المدينة."
وتضيف نورة السايح: "في الواقع، واجهنا بعض التحديات في البداية، لأن ما تم القيام به كان جديداً إلى حد ما بالنسبة للمدينة، وكان المفهوم الشائع أن هذه المباني القديمة هي مباني حساسة وهشة، وكان يعتقد أن إعادة الاستثمار فيها هي ضياع للأموال والجهد. ولكن، من الواضح أنه بمجرد أن بدأنا بإعادة استخدام هذه المباني وعادت الحياة إليها من جديد، بدأت في جذب الناس من مناطق أخرى في البحرين، بل ومن مناطق أخرى في المنطقة...كان تأثير هذا المشروع إيجابياً للغاية."
بالإضافة إلى دوره الأساسي في ترميم عدد من المباني القديمة التي كانت تعاني من ضرر كبير وإعادة إحياء هذه المنطقة الهامة بشكل عام، يركز هذا المشروع بشكل أساسي على تجارة اللؤلؤ في شبه الجزيرة العربية، وهي التجارة التي ازدهرت بها البحرين خلال القرن التاسع عشر. ضمن هذا الإطار يتضمن جزء هام من المشروع، يحمل عنوان "طريق اللؤلؤ"، العمل في مجموعة من الأبنية ومراقد المحار وأجزاء من شاطئ البحر، ويغطي كل جانب من جوانب اقتصاد صيد وتجارة اللؤلؤ. كما يقدم "طريق اللؤلؤ"، الذي يمتد على مسافة 3.5 كيلومتر بدءًا من هيرات (مغاصات) اللؤلؤ بالقرب من ساحل قلعة بوماهر وصولاً إلى قلب جزيرة المحرّق، رحلة رائعة للزوار لاستكشاف حقبة زمنية في البحرين ومنطقة الخليج العربي كان اقتصادها يعتمد على اللؤلؤ، إلى جانب مركز للزوار تم بناؤه حديثاً وساحتين عامتين.
وتم إدراج هذا الموقع الهام ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو كثاني موقع يتم اختياره ضمن القائمة في المملكة (بعد قلعة البحرين التي تمّ تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 2005). وفي محاولة رشيدة للحفاظ على روح هذه المدينة التاريخية، تم تنفيذ عدد من مشاريع الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى بعض المباني والمخططات الجديدة للأماكن العامة من قبل منظمة غير حكومية بالتشارك مع المنظمة الحكومية. وحول أهمية هذا الموضوع تقول السيدة شادية طوقان من منظمة اليونسكو: "يوجد الآن نوع من التعاون بين القطاعين الرسمي وغير الرسمي وكذلك القطاع الخاص، وهم جميعاً متحدون اليوم للقيام بشيء ما للحفاظ على تراثهم وتقديمه، مما يدل حقاً على أن إدراج المشروع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كان له أثر إيجابي للغاية على المجتمع."
بالمحصلة، يتجاوزهذا المشروع أهميته المعمارية ودوره التاريخي ليشمل جوانب أخرى لاتقل أهمية وحضوراً مثل الجانب الاجتماعي والاقتصادي، فهو لم يكتفِ بإعادة إحياء منطقة كانت تعاني من الكثير من التحديات، بل عمل أيضاً على الحفاظ على التراث الجميل وإعادة إحياء عدد من الحرف القديمة والتراثية التي تتميز بها مملكة البحرين، وخلق فرص جديدة للعمل والنمو في المنطقة. وهذا ماتؤكد عليه معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، بالقول: "هنالك أهمية كبيرة لاستثمار هذا النوع من الحرف المحلية وتوظيف الأماكن الأصلية لكي تكون ايضاً مصدراً للاستدامة ولضرب أبواب جديدة للعمل. كذلك الحرف القديمة، والتي يكاد البعض منها أن يندثر، مثل حياكة الكورار وهي مهنة أصيلة كادت أن تندثر، يمكن تحقيق الاستفادة اليوم عبر تقديم الجيل الجديد لممارسة هذه المهنة وتوظيفها أيضاً للحصول على مدخول ومردود مناسب."
أما فرخ درخشاني مدير جائزة الآغا خان للعمارة فيقول عن اختيار مشروع إعادة إحياء منطقة المحرق ضمن قائم المشاريع المرشحة للجائزة في دورتها الحالية: "إن الجهد المبذول لإعادة إحياء منطقة المحرق يتميز برؤية واضحة للحفاظ على روح هذه المدينة التاريخية". ويضيف السيد فرخ درخشاني قائلاً: "يوضح المشروع مقاربة حساسة للحفاظ على التراث وتخطيط المساحات العامة المعاصرة."