سماهر سيف اليزل



مع دخول العطلة الصيفية تنتشر إعلانات كثيرة عن البرامج الصيفية، حيث يأتي الصيف بمساحته الزمنية الحرة التي يتمتع خلالها الأطفال والطلبة بالأنشطة المتنوعة بعد سنة دراسية مرهقة ، ولكن وسط سيل من البرامج ، ثمة حاجة إلى التنوع ، وحاجة أخرى إلى الانتقاء والاختيار.

الصيف هو فترة تخريج طاقاتهم وابتكاراتهم وإبداعهم في مجال الترفية والسمر، وهو فترة لممارسة الهوايات، ولكن هذه الفترة قد تكون عبئا على بعض الأسر بحيث أن البرامج والأنشطة الصيفية تحتاج لميزانية خاصة فأسعار الأنشطة والبرامج في ارتفاع ويصعب على الأسر متعددة الأبناء ومتوسطة الدخل تحملها ، وهذا الأمر يخلق مشكلة لأن الأطفال والشباب بحاجة لإخراج طاقتهم السلبية الناتجة عن ضغوطات فترة الدراسة ولتجديد النفسية للاستمرار والتقدم والنمو السليم ، كما أن البرامج لا يجب أن تقتصر على الترفية فقط بل من الواجب أن يكون بها جانب تربوي وعلمي وعملي مفيد حتى يحصل الطفل أو الشباب على الغرض المرجو منها .

وفي ظل وجود حرص من الجهات الأهلية والمراكز الشبابية والأندية على توفير كم مختلف ومتنوع من البرامج.. كان لابد من الوقوف عند جدوى وأثر هذه البرامج، ووضعها موضع النقاش مع نخبة من المختصين والتربويين الذي نستعرض آراءهم.

البداية مع أولياء الأمور الذي سألناهم حول نوعية البرامج والأسعار.. إذ قالت فاطمة العلوي : إن أسعار بعض البرامج جيدة جدا وتكون في متناول الجميع، وهي تتراوح بين 20 و100 دينار والبرامج الصيفية المعروضة متنوعة تتواءم مع مختلف الأعمار، فأغلب البرامج مفيدة وتجمع بين الترفية والتعليم فهي تشغل أوقات الأطفال وتبعدهم عن الملل وضياع الوقت في العطلة، كما أن أوقاتها منظمة، ومن الجيد أن نجد بعض البرامج تؤمن المواصلات مما يريح أولياء الأمور .

ويؤيدها جعفر تقي قائلا : إن الأنشطة مفيدة ولها الأثر الملحوظ على نفسية الأطفال ، والملفت أن البرامج تزداد وتتنوع في كل صيف مما يتيح للفرد أن يختار ما يناسبه ويتماشى مع هوايته ، فهناك برامج السباحة وركوب الخيل وكذلك برامج تعليم الانجليزي والكمبيوتر ، ولكن بعض الأسعار تكون مرتفعة ولا تتناسب مع الأسر الكبيرة ، والمراكز الاجتماعية تقبل بأعداد محددة للمشاركين بكل برنامج ، وإذا زاد سعر الاشتراك عن 20 دينارا فهذا يحتاج لميزانية خاصة .

أما ريان محمد فيقول: البرامج مفيدة وجديدة ومتنوعة ، لكن أغلبها يضع مبالغ مرتفعة للاشتراك، وأعتقد أنه من الضروري زيادة برامج الأندية والجمعيات الأهلية والخيرية وزيادة عدد المشاركين فيها لإتاحة الفرص لأكبر عدد ممكن من الأطفال .



أنشطة وتنمية اجتماعية



وعن الأثر الاجتماعي، تحدثت عضو جمعية الاجتماعيين البحرينية وعضو الجمعية الخليجية للاجتماعيين وأخصائية التدريب رحاب حداد قائلة: تعتبر الإجازة الصيفية فرصة ذهبية ومتنفساً يتيح فترات لتقارب الأبناء والآباء واستثمار الوقت بالنافع والمفيد ،وتعتبر فسحة لتنمية المهارات والقدرات وصقل المواهب بعيدا عن ضغوطات الجدول الدراسي والواجبات المدرسية حيث يتمكن الطلبة من الالتحاق ببرامج متنوعة هادفة ذات هيكلة لبناء المخزون المهاري للطلبة ، وتعد مسؤولية البرامج الصيفية قائمة على معدي البرامج من الجهات الرياضية والنوادي والجمعيات والمؤسسات التربوية والتدريبية الأهلية إلى جانب أولياء الأمور وأيضا أن لا تغيب الرقابة الرسمية لنوعية البرامج ومتابعة دورية لاشتراطات السلامة المهنية لمواقع تنفيذ هذه البرامج ، حيث يتخرج الطالب مشبعا بمخزون فكري و مهاري جديد وصقل لإبداعات تساعده على الترقي والتطور وخلق علاقات اجتماعية سليمة مع مختلف الأقران والمدربين .

وتضيف حداد : "كلما كانت أهداف البرامج معدة سلفا حسب الإطار العلمي وتلبي احتياجات الأفراد المشاركين نضمن نسبة عالية من تحقيق النتائج بالشكل المطلوب والهادف لبناء بحرين قوية بجيل الغد المشرق . ولا يغيب عن الأذهان مراعاة عناصر نجاح البرامج الصيفية أن تكون ضمن القدرة المالية وفي حدود ميزانية الأسرة البحرينية بمراعاة مصروفات البرنامج مع مداخلاته ومخرجاته وهنا تقع مسؤولية الجهات التنظيمية والإشرافية والأسرة والجهات الرسمية تعمل يدا بيد من أجل نجاح البرنامج الصيفي ."



عشر سنوات من التغيير

ومن جانبه، يقول المدرب التربوي سمير إبراهيم نور الدين : "أخذت برامج تدريب الشباب في الفترة الصيفية في السنوات العشر الأخيرة منحى مغايرا ومتطورا عما كان في السابق. فبدأت وزارة شؤون الشباب والرياضة بالتعاون مع تمكين بتنفيذ برامج مدينة الشباب للدورة العاشرة . بجانب اهتمام الأندية ومراكز الشباب بتوفير برامج متنوعة ، ولكن رغم كل ذلك مازال الشباب البحريني بحاجة إلى برامج لا تهتم فقط بالتدريب على ورش لفترة معينة وتنتهي العملية بنهاية الورشة ولا يوجد أثر للتدريب، فالمطلوب أن تكون بشكل مستمر وأن تتيح للمتدرب توظيف ما تدرب عليه في مشروع تجاري أو مبادرة تطوعية . كما لا توجد برامج لتبني المواهب الفنية والعلمية بشكل مستمر ومتواصل."

مشكلة غلاء الأسعار

وفيما يتعلق بمشكلة غلاء أسعار بعض البرامج يقول نور الدين : "يكمن الحل بالتعاون بين الأندية ومؤسسات المجتمع المدني الأهلي والتعاون مع النواب والمؤسسات الخيرية والمبرات والبنوك والشركات في المجتمع لتبني المشروعات التدريبية المجانية أو المدعومة والتي تقدم بسعر رمزي يتوافق مع المستوى المعيشي للمواطن البحريني، أما فيما يخص تطوير البرامج فقد كانت لي مشاركة في إعداد برنامج قمم وهو المعني بتكوين شباب قادة مبدع مبادر بالتعاون مع الزميلة المدربة سمية المناعي وفريق من الزملاء من فريق المختبر التدريبي الإبداعي حيث حرصنا على تطوير البرامج المقدمة بعدم حصرها في تقديم التدريب والأنشطة فقط في الإجازة الصيفية فقط وإنما توزع بشكل مستمر على جميع شهور السنة.بجانب إتاحة الفرصة للشباب لتحديد حاجته وتقديم مقترحاته لرعاية مواهبه وإمكانياته العلمية والفنية واختيار موضوع المبادرة وهدفها."

ويختم نور الدين بأهمية التركيز على قياس أثر البرامج التدريبية ضمن مشروعات ومبادرات تعمل طوال العام، بحيث يتم تطوير مهاراتهم أثناء العمل الفعلي في المشروعات أو المبادرات ، وهذا ما أنتج عدة مبادرات من اختيار الطلبة مثل مبادرة إيماءة ومبادرة كن صديقي ومبادرة يلا نتصالح.. وأرى أن ما يقدم من برامج يحوي النوعي والاعتيادي والتجاري، أما موضوع الإشراف التربوي فيعتمد على الجهة التي تقدم البرنامج والأسماء المشرفة على البرنامج ومدى تخصصها التربوي".

90 يوما من المتعة

وعن أهمية أن تكون البرامج المقدمة باشراف متخصصين تقول د حنان السويدي صاحبة مجلس العطاء ولها تجربة في تنظيم برنامج صيفي منوع هذا الصيف : " بدأت تجربتي مع الأنشطة الصيفية عندما وجدت ان النشاط الصيفي له دور فعال في اكتساب المهارات وهي احد الشروط الهامه للوصول بالطفل الي درجه الاتقان والوصول إلى الحقائق والمعلومات والمهارات الأساسية التي يكتسبها الأطفال في هذه المرحله العمرية، فالأنشطه الصيفية جزء لا يتجزأ من العملية التربوية والتعليمية وهي مكمل أحيانا لها وتعتبر تطبيقا وظيفيا لها أيضا".

وتزيد قائلة: "وياتي الصيف بالعديد من المزايا الجميله 90 يوما من الراحة والاستمتاع والترفيه فقدمت البرامج الصيفية في مجلسي بالتعاون مع منتسبات المجلس وهن امهات ولديهم الخبرة التي يحاولون بها أن يتمتع الطفل ويعبر عن طاقته وابتكاراته وإبداعه في مجالات السمر والترفيه والهوايات المتنوعة، وبحكم تخصصي في الصحة النفسية تؤكد النظريات التربوية والنفسية أن الاهتمام بالجانب الترفيهي للطفل يسهم بصوره كبيرة في بناء وتطوير شخصيته وتدعيم إرادته نحو النجاح والعيش بإيجابية".

وعن العقبات التي تواجه الأنشطة الصيفيه تقول د حنان : " العقبات التي تقف أمام البرامج الصيفية هي عدم التخطيط الجيد والمناسب لاهداف النشاط الصيفي، ولكن في النشاط الصيفي الخاص بمجلسي مجلس العطاء النسائي حرصت علي التخطيط الجيد والمناسب للاهداف وعدم خلط الأدوار فلكل منشط أو مدرب دوره الخاص وأيضا نقوم على تقسيم الفئات العمرية وأن يكون للطفل دوره ورأيه في التخطيط والتنفيذ لجميع الأنشطة التي تقدم له".