هدى حسين
أظهرت بيانات ارتفاع نسب الإصابة بالنوبات القلبية عند ممارسي الرياضية في مماشي البحرين وحدائقها، فهل هنالك علاقة بين ممارسة النشاط الرياضي والنوبات القلبية، خاصة أن
المختصيين حذروا من تفاقم خطر هذه الحالات الصحية لدى هواة ممارسة الرياضة والتدريبات في المنتزهات والمضامير والقاعات الرياضية؟ وهل هناك حلول لأعراض النوبات القلبية لاسيما أن حوادثها أصبحت تكثر يوما بعد يوم؟ وكيف تحوّلت ممارسة الرياضة من نعمة "الجسم السليم في العقل السليم" إلى نقمة أعراض "صامتة" للنوبة القلبية قد تحول دون نجاة المصاب؟ أسئلة كثيرة حملتها "الوطن" إلى المختصين في الصحة والسلامة، والعاملين في ميدان الإسعاف والوقاية، والقائمين على الرياضة والتدريب، للوقوف على حقيقة الموت الفجائي أثناء ممارسة الرياضة، وما يجب أن يخضع له الأعضاء في الأندية والرياضيون في المضامير.
مشكلة القلب
يقول قال د. حسن عبد الجبار: في البداية لابد من معرفة أن فقدان الوعي والإغماء سببه الرئيسي أن الدم لا يصل بصورة كافية للدماغ ، لهذا الفرد يسقط مغشيا عليه، وفقدان الوعي له أسباب وأنواع كثيرة على حسب الشخص، منها أن تكون هناك مشكلة في القلب وهذا السبب تقريبا مسؤول بنسبة 15% من أسباب فقدان الوعي، منبها أنه من الممكن أن يكون هبوط في السكر ، أو نتيجة اختلال بعض الوظائف الحيوية، ولكن السبب المميت المنتشر في أثناء ممارسة الرياضة هو سببه القلب.
وأضاف د.حسن أن هناك أسباب عدة متفرعة للسبب الوحيد المميت أثناء ممارسة الرياضة وهو سببه القلب، منها أما أن تكون مشكلة في كهربة القلب، أو مشكلة في تكوين القلب مثل تضخم ومشكلة في صمام القلب.
وذكر د. حسن أن الإنسان إذا سقط مغشيا عليه، يستوجب، حسب البروتوكول العالي للطب، أن يسعف هذا الفرد في أسرع وقت، لكي يتم إعادة نبض القلب إليه مرة أخرى في أسرع وقت ممكن، ويجب أن يكون ذلك في وقت قياسي جدا على يد مسعف متمكن جدا من الإسعافات الأولية، مشيرا إلى أن هناك جهازا عالميا، وهو جهاز يستخدم لإسعاف القلب لا يوجد للأسف هنا في المضامير الرياضية في البحرين والنوادي الرياضية الموجودة، وهذا الجهاز يستخدم عندما يسقط الشخص ويضع عليه للتأكد من هناك مشكلة في كهربة القلب أم لا، فإذا كانت المشكلة موجودة يحتاج إلى صعقة كهربائية ممكن أن يتم إنقاذ حياة هذا الشخص بمجرد إعطائه صعقة كهربائية عن طريق هذا الجهاز ، وفعلا نحتاجه في البحرين وأتمنى توفيره.
ولفت د.حسن إلى الكيفية التي يتم فيها إسعاف الشخص بعد الإغماء عليه أثناء الرياضة، من خلال الإسعافات الأولية عن طريق الإنعاش القلبي الرئوي، ويجب أن يكون هذا الشخص المسعف يستطيع أن يقوم بالإنعاش بالطريقة الصحيحة بعد إدخاله عدة دورات في الإسعافات الأولية، قائلا: نحن كأشخاص لنقي أنفسنا للتفادي من الوصول لهذه الحالة أثناء الرياضة يجب أن نتوقف عن اللعب في حال الشعور بالألم أو ضربات غير طبيعية في منطقة الصدر وعليه مراجعة الطبيب لمعرفة أن هذه الحالة طبيعية أم لا أم بسبب مرض معين أو مشكلة، ومعالجتها قبل الحدوث في مشكلة أو الوصول إلى حالة الإغماء.
توفير جهاز (AED)
وينصح د.حسن بأنه في البداية لابد أن نؤسس مجتمعا يفقه التعامل في مثل هذه المواقف، ولهذا أقترح إدخال هذا المنهج "الإسعافات الأولية" إلى مناهج الدراسة، أما بالنسبة للمماشي والنوادي الرياضية والمسابح وبرك السباحة، فيجب أن يكون هناك شخص متخصص في الإسعافات الأولية لتفادي أي حدث ممكن أن يحدث والتقليل من نسبة الوفيات، لافتا أنه يطمح أن يتوفر جهاز (AED)في جميع الأماكن العامة التي تتراودها الناس، وهو جهاز صدمات القلب الكهربائية الخارجي الآلي جهازًا لفحص قلب المريض وتوفير صدمة كهربائية في حال توقّف القلب عن النبض بشكل طبيعي.
ومن جانبه، قال مدرب الإسعافات الأولية صلاح العرادي، وهو موظف في خدمات الطوارئ بمستشفى السلمانية الطبي حيث يستقبل الحالات الحرجة: بالنسبة إلى عدد الحالات، لا توجد إحصائية دقيقة بهذا الشأن، لأن معظم حالات الوفاة يتم تحويلها للمشرحة مباشرة، أما الناجون من الوفاة، فيتم تشخيصهم على نوع الحالة، مثلا جلطة القلب، أو نزيف الدماغ ، ولا يتم تصنيفهم أو عمل إحصائية على السبب الذي أدى لهذا الحالة مثل الرياضة، أو اخذ بعض الأدوية أو الحالة النفسية أو غيرها.
برنامج تثقيفي
أما بخصوص غياب الإسعافات الأولية، فذكر العرادي أنه دائما توجهه التهمة في حالات الوفاة لغياب الإسعافات الأولية، ولكني رأيي مختلف قليل، فلتفادي حالات الوفاة، نحتاج إلى برنامج وقائي وتثقيفي أكثر من مجرد برنامج إسعافات أولية، برنامج يشمل تدريب الناس ومتابعتهم في برنامج الإسعافات الأولية ، توفير أدوات الإسعافات الأولية مثل جهاز AED جهاز إزالة الرجفان البطيني الآلي في الأماكن العامة، وهو جهاز يعتبر رخيص نسبيا مقارنة بأهميته، يجب توفير جهاز واحد على الأقل في كل مكان تمارس فيه الرياضة، ويكون هذا الجهاز سهل الوصول له، من خلال وضع علامات تدل على مكانه.
برنامج الفحص الشامل
ونبه العرادي إلى ضرورة الارتقاء بخدمات الإسعاف، عبر برنامج فحص شامل للبحرينيين، لاكتشاف الناس الأكثر عرضة للموت عند ممارسة الرياضة ، والأهم معرفته أن معظم الوفيات ترجع لمشاكل القلب، والقليل بسبب أمراض الجهاز التنفسي، أو العصبي أو غيرها، مضيفا أنه لو نظرنا لأمراض القلب، فإن معظم الشباب الذين يموتون بسبب تضخم في عضله القلب غير مكتشف أو عيوب خلقية في القلب، أما بالنسبة للذين عمرهم أكثر من 35 سنة، فتكون الأسباب هي أمراض القلب وتصلب الشرايين، فالأولى هو استحداث برنامج لاكتشاف هذه الأمراض، مثل الحملة القائمة لاكتشاف سرطان القولون، مثلا حملة تشمل دراسة عضلة القلب عند الرياضة، وهي موجودة في المستشفيات في البحرين.
أما بخصوص تدريب الإسعافات الأولية، فقال العرادي إننا نلاحظ أن المنخرطين في هذه الدورات هم من مبتعثي المصانع والشركات، والذين تجبرهم وزارة العمل على توافر مسعفين أولين ، لكن هذه الدورات قلت، وقل عدد المتدربين فيها بعد غلق برنامج التدريب بوزارة العمل LEAVY، إضافة لهذا، عدم المتابعة من قبل مراكز التدريب، لمستوى المتخرجين في برامج الإسعافات الأولية، فنحن نحتاج لمنظومة شاملة تبدأ من وزارة الصحة، الشركات، أماكن الرياضة، مراكز التدريب، المسعفين الأولين، والناس أنفسهم.
حرارة الجسم والتعرق
ولفت العرادي إلى أنه في حالة الجو الشديد، فإن الجسم ترتفع حرارته من خلال الحرارة الخارجية ، وتزيد حرارة الجسم، بسبب الحرارة الناتجة من المجهود العضلي الشديد في حالة ممارسة الرياضة، فكل رد فعل من الجسم لعملية التبريد، الجسم يقوم بعملية التعرق، وفي هذه الحالة يفقد سوائل وأملاح كثيرة ، وفقدان الأملاح وتغير توازنها بالإضافة إلى السوائل يؤثر على عمل عضلات القلب، وبالتالي تؤدي إلى توقفها والوفاة، بالإضافة إلى أنه عند زيادة المجهود الرياضي، يزيد ضغط العمل على عضله القلب، وبالتالي توقفه.
وختتم العرادي حديثه قائلا: في الحقيقة، هذه هي أهم الأسباب، ويلقى السبب الأغلب على مشاكل القلب، سواء تضخم العضلة، التشوهات الخلقية في القلب أو مشاكل الشرايين، بينما توجد أسباب أخرى منها جلطة الدماغ، هبوط مستوى السكر، جرعات الأدوية المقوية لممارسة الرياضة، آو جرعات الأدوية المخدرة .
خدمة الإسعافات الأولية
أما حسن شعبان رئيس لجنة في جمعية الصحة والسلامة البحرينية، فتحدث لـ "الوطن" قائلا: للأسف الشديد غير متوفر إسعافات أولية في المماشي أو الحدائق والمنتزهات، حتى لا يوجد بها حقائب إسعافية، ونحن كجمعية صحة وسلامة قد بادرنا بطرح أسئلة على مرتادي الممشى بضرورة وجود إسعافات أولية في هذه المماشي والحدائق فاكتشفنا أن غالبية الناس لا يعرفون شيئا اسمه إسعافات أولية.
وتابع شعبان حديثه: قمنا أيضا بطرح أسئلة على بعض الحراس الأمن في المماشي والمنتزهات اكتشفنا أنهم غير ملمين بخدمات الإسعافات الأولية ، حتى إن البعض لا يعرف رقم الطوارئ ولا يعرف كيف له أن يتصرف في هذه الحالات، واعتمادهم الكبير على الناس المتواجدين في أماكن حدوث المشكلة، وهذا خطأ ، يجب أن يكون في كل ممشى وكل حديقة ومنتزه وفي المجمعات أيضا حقائب الإسعافات الأولية وغرفة للإسعافات، ومكان بارد ومهيأ لنقل المريض الذي يحتاج إلى رعاية .
وقال: نحن كجمعية صحة وسلامة نوصي بنشر ثقافة الإسعافات الأولية على جميع الناس ، ويجب على الحكومة وجميع المحافظات أثناء توقيع عقد الشركات والمؤسسات لإقامة إي مشروع يكون هناك شرط إلزامي بتعليم حراس الأمن الإسعافات الأولية وان يكون ملم بالإسعافات ولديه خبره في الحريق أيضا .
ولفت شعبان إلى أنه علينا ألا نضع المسؤولية الكبرى على حراس الأمن في الحدائق والممشى، ممكن يكون حارس الأمن مدرب حقا على الإسعافات الأولية ولكنه غير مؤهل وغير متمكن لإنقاذ شخص، فيجب على جميع المحافظات في البحرين عمل دورات تثقيفية إلى الأهالي للإسعافات الأولية ودورة السلامة ودورة الحريق لمعرفة جميع القوانين والقواعد والاشتراطات ليكون شخص متمكن ولديه إلمام بتقديم خدمات الإسعافات الأولية ، ووضع بوسترات وتركيب شاشات عرض تحتوي على فيديو تعليمي عن الإسعافات الأولية وكيفية عملية الإنقاذ .
ويقول شعبان: للأسف الشديد على مستوى البحرين توضع القرارات الصادرة بعد حدوث المشكلة وتغلغلها في المجتمع ، كما يجب من الآن وضع الإسعافات الأولية من حقائب وغرف ودورات لتعليم الإفراد في جميع المؤسسات والشركات وعلى مستوى المحافظات ،مشددا على أن من المهم جدا أن نكون جميعنا متدربين على الإسعافات الأولية ونكون مؤهلين مباشرة للتدخل السريع والعاجل لإنقاذ حياة الأشخاص وإزالة الخطر عنهم ، كذلك سيمنع من حدوث أي مضاعفات خطيرة للمصاب، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمصاب وتشجيعه على تحمل الآلام إلى حين وصوله للمستشفى، ومنع تفقم الأعراض الذي قد تصيب المريض مثل حالات النزيف والكسور الصعبة .
طرق الإنقاذ
وذكر شعبان أنه من الممكن إنقاذ حياة شخص سقط مغشيا عليه أثناء ممارسة الرياضة قبل وفاته ، عن طريق أولا قياس درجة الاستجابة عند الشخص وانظر إلى بطنه إذا كانت امرأة لأن وقت التنفس المرأة يرتفع بطنها ، والرجل ينظر إلى صدره أثناء التنفس ، فإذا كان يتنفس أستطيع أن أنقذ الشخص مباشرة وأقدم له إسعافات أولية ، إما بالنسبة السكتة القلبية أولا يجب أن يكون المكان آمن ثم التأكد من استجابة المصاب ثم اطلب خدمات الطوارئ ، ثم أباشر في عملية تدليك القلب واضغط إلى حين وصول سيارة الإسعاف.
نظام غذائي سيء
أما المدرب الرياضي رائد فؤاد عبد الله قال أن الأكل السيئ و غير المتزن يسبب نتائج سلبية تراكمية و من ضمنها ضعف و هلاك الأعضاء و عدم القدرة على القيام بدورها في عملية الأيض بشكل صحيح ومكمل لاستمرار حياة الجسم بشكل صحيح ، حيث إن كثيرا من الرياضيين يتمرنون بشكل صحيح بس التغذية غير متزنة، مما يسبب اضطرابات صحية تتفاوت أعراضها بين الألم البسيط في أجزاء معينة في الجسم أو ظواهر و أعراض خفيفة وبين سكتات وجلطات وفشل أعضاء مما يؤدي إلى الوفاة.
البيئة الحارة
وأشار إلى أن البيئة الخارجية تلعب دور ثانوي في التأثير الإيجابي أو السلبي على الجسم و تأثير الرياضة عليه، و لكن في بعض الأحيان يصل الجسم إلي مرحلة القشة التي قسمت ظهر البعير، ويكون تأثير البيئة الخارجية هو السبب في استكمال فشل الجسم على الاستمرار في البقاء على قيد الحياة، تحاشي التمرين في الأماكن الحارة أو الأيام الحارة إذا كان خارجيا.
وفي هذا الجانب، قال المهندس حسام حمدي إنه لتقليل تعب الرياضيين أثناء ممارسة الرياضة في المضامير الرياضية من الناحية الهندسية يجب أن تكون المماشي والمنتزهات التي تحتوي على ممشى تظليلها بمظلات لحمايتهم من أشعة الشمس، بالإضافة إلى تركيب مراوح دافعة للماء لترطيب أجسام الرياضيين أثناء المشي أو ممارسة الرياضة وتقليل حرارة الجسم واستقرار الجسم في حالة صحية آمنة وتخفيف الجهد على عضلة القلب، كذلك أقترح بوضع برادات للماء على طريق الممشى بأكمله، بالإضافة إلى تصمي غرفة إسعافات أولية بوجود حقائق إسعافية في كل ممشى.
الإجهاد العضلي
أما بالنسبة إلى المدة و نوع الرياضة و درة التحمل مرتبطة بالإمكانية الجسدية لممارس الرياضة و الإجهاد العضلي مطلوب من ممارس الرياضة، قال يجب أن لا يتعدى مرحلة إجهاد القلب والذي من شأنه السبب الرئيسي في السكتات القلبية أثناء ممارسة الرياضة. مضيفا أن المدة والوقت مثلا ممكن شخص يتمرن ٢٠ دقيقه جهد عالي يوازي شخص يتمرن ٦٠ دقيقه فنرجع مثلما ذكرت سابقا لازم لا يتعدى التمرين مرحلة إجهاد القلب، لافتا أن الرياضة من شأنها تقليل الإصابة بالسكتات والنوبات القلبية إذا تمت بطريقة صحيحة وتحت رقابه شخص فاهم.