أدرجت لجنة التراث العالمي موقع "تلال مدافن دلمون" على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، السبت خلال اجتماع اللجنة الثالث والأربعين في العاصمة الأذربيجانية باكو.
ويعد موقع تلال مدافن دلمون ثالث مواقع البحرين على قائمة التراث العالمي بعد موقع قلعة البحرين الذي أُدرج عام 2005م وموقع طريق اللؤلؤ في المحرق والذي أُدرج على القائمة عام 2012.
وبهذه المناسبة قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "تلال مدافن دلمون، هذا الشاهد على ما تمتلكه مملكة البحرين من تراث ثقافي استثنائي، استطعنا أن ننتقل به إلى العالمية ليكون تراثاً إنسانياً عالمياً مع تسجيله على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو"، وأضافت: "المنجزات الحضارية تتوالى يوماً بعد يوم، والبحرين الآن تقدّم نموذجاً ناجحاً وأصيلاً في العمل على استثمار المقدّرات الثقافية لصناعة سياحة ثقافية مستدامة وتحقيق التنمية والحفاظ على الهوية الثقافية الأصيلة للوطن".
وأكدت أن دخول موقع تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي يعكس أهمية هذا المعلم كشاهد تاريخي على فترة مهمة من تاريخ البحرين وشبه الجزيرة العربية والخليج بشكل عام، وهو ما أعطاها قيمة عالمية ساهمت بشكل كبير في دخولها لقائمة التراث العالمي.
وأشارت معاليها أن هيئة البحرين للثقافة والآثار قامت، بالتنسيق الكامل مع المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في البحرين، بتحضير ملف الترشيح الذي شاركت في إعداده طاقات بحرينية وعالمية تمتلك من المهارات والخبرات ما يؤهلها لصناعة المنجز الحضاري في مختلف المحافل حول العالم.
وأضافت الشيخة مي أن موقع تلال مدافن دلمون يشكّل اليوم مع موقعَي قلعة البحرين وطريق اللؤلؤ، ثلاثية تراثية ترتقي بالبنية التحتية الثقافية والسياحية لمملكة البحرين وتعزز مكانة المملكة كمركز حضاري وثقافي إقليمي وعالمي.
وتوجّهت بالشكر إلى كل من ساهم في إنجاح مشروع إدراج موقع تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، قائلة: "كوادرنا الوطنية الساهرة على المنجز الثقافي، هي رصيدنا الحقيقي الذي نراهن عليه أمام العالم".
وتتكون تلال مدافن دلمون من 21 جزءاً تمتد لأكثر من 20 كيلومتراً وموزّعة على حقل تلال مدينة حمد (بوري، كرزكان، دار كليب)، حقل تلال مدافن الجنبيّة، حقل تلال مدافن عالي الشرقي، حقل تلال مدافن عالي الغربي والتي تضم في مجموعها 11 ألفاً و774 تلة دفن، والتلال الملكيّة من 1 إلى 17. وأدرجت لجنة التراث العالمي الموقع على القائمة بناء على معياريين من معايير الإدراج وهي المعيار الثالث الذي يشير إلى احتواء الموقع على شهادة فريدة واستثنائية لتقليد ثقافي وحضاري، والمعيار الرابع الذي يشير إلى كون الموقع يمثّل مثالاً بارزاً على نوعية من البناء توضح مرحلة هامة من تاريخ البشرية.
تمّ بناء تلال مدافن دلمون خلال فترة دلمون المبكّرة التي امتدّت لـ300 سنة، ما بين 2050 و1750 قبل الميلاد تقريبًا، ويشمل الممتلك المواقع الأكثر تمثيلاً للنوع المتأخّر لفترة دلمون المبكّرة. وتقف تلال المدافن كشاهد على صعود الحضارة الدلمونيّة المبكّرة التي ازدهرت حول الألفيّة الثانية قبل الميلاد، وهي الفترة التي اكتسبت البحرين خلالها البحرين أهميّة اقتصاديّة على المستوى الدولي كمركز للتجارة ممّا أدّى إلى زيادة النمو السكاني. ونتيجةً لذلك، تطوّر النسيج الاجتماعي ليصبح أكثر تنوّعًا. وأفضل انعكاس لهذا الأمر هو المقابر الواسعة بقبورها المتنوّعة، وتلال المدافن ذات الأحجام المختلفة، فضلاً عن تلال الزعماء، والأروع منها جميعًا ما تسمّى بالتلال الملكيّة.
وتشارك مملكة البحرين في اجتماع لجنة التراث العالمي في نسخته الثالثة والأربعين كعضو في اللجنة التي تتكون من 21 دولة، حيث كانت البحرين فازت بعضويتها خلال الاجتماع الواحد والعشرين للجمعية العامة للدول المشاركة في اتفاقية التراث العالمي لعام 1972 والذي عقد نهاية 2017. وبناء على هذه العضوية، فإن البحرين تساهم بفعالية في تقييم ملفات ترشيح المواقع لدخول لجنة التراث العالمي، والتي وصلت إلى 37 ملفاً، إضافة إلى تقديم الآراء الفنية والتقنية حول الملفات والتأكد من مطابقتها للاشتراطات الدولية الضرورية لدخول القائمة.
وتشكّل لجنة التراث العالمي أداة هامة في تفعيل وتطبيق اتفاقية التراث العالمي لعام 1972، حيث تجتمع اللجنة سنوياً من أجل النظر في ملفات ترشيح مواقع الدول المشاركة في الاتفاقية، لدخول قائمة التراث العالمي. هذا إضافة إلى متابعة حالة صون وحفظ وإدارة المواقع المسجلة في القائمة في مختلف الدول. وكانت مملكة البحرين قد استضافت خلال عام 2018م اجتماع لجنة التراث العالمي الثاني والأربعين، بعد فوز المملكة كذلك برئاسة اللجنة العام الماضي، بما يعكس نجاح البحرين على المستوى الدولي في مجال حماية التراث العالمي.
هذا وتستضيف مملكة البحرين منذ عام 2012 المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو، والذي يعد المركز الوحيد من نوعه في المنطقة العربية، والذي يتابع مواقع التراث العالمي في مختلف الدول العربية ويقدّم الدعم التقني والاستشارات في مجال حفظ وصون التراث العالمي الثقافي والطبيعي.