يتعلق هذا النوع من المسئولية بوزير محدد، بحيث يُنسب تصرف محدد إلى وزير بعينه، بشكل لا يجوز معه اعتبار الحكومة كلها مسؤولة عن هذا التصرف، وذلك عندما يتعلق التصرف بالمسائل التي تدخل في اختصاص الوزير ويستقل بالتصرف فيها، أي أن مناط المسئولية في هذه الحالة سياسة الوزير باعتباره رئيساً أعلى لوزارته وليس لسياسة الحكومة.

ولقد نظم كل من الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب إجراءات طلب سحب الثقة من أحد الوزراء، والآثار المترتبة على تقديم هذا الطلب في حال تأييد أغلبية أعضاء مجلس النواب له، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: إجراءات سحب الثقة من أحد الوزراء:

أحاط المشرع البحريني طلب سحب الثقة من أحد الوزراء بعدد من القيود والإجراءات، واعتبرها ضمانة مهمة تكفل عدم إساءة استعمال سحب الثقة، وتتمثل هذه القيود والإجراءات في الآتي:



  1. يجب أن يكون تقديم طلب سحب الثقة بعد انتهاء المجلس من مناقشة استجواب موجه إلى من قُدم طلب سحب الثقة منه، وعلة هذا الشرط تكمن فيما يضمنه الاستجواب من إتاحة فرصة الدفاع بالنسبة للوزير المستجوب، وسبب التلازم القائم بين طلب سحب الثقة والاستجواب أنه لا يتصور أن تسحب الثقة من أحد أعضاء الحكومة دون أن يسبق ذلك اتهام صريح من قبل البرلمان بالتقصير، ومناقشة هذا الاتهام، فالقرار بسحب الثقة هو في حقيقة الأمر حكم على الوزير المستجوب بعدم الصلاحية السياسية، ولا يتصور صدور مثل هذا الحكم بدون تحقيق، وسماع لوجهات النظر ثم اقتناع، وهو ما يكفله نظام الاستجواب.


  2. أن يكون طلب طرح الثقة إما بناء على رغبة الوزير المقدم ضده الاستجواب، أو على طلب مقدم من عشرة أعضاء مجلس النواب وموقع عليه بالكيفية التي بينتها المادة (66) من الدستور والمادة (152) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وإلا فلا يعتد به لعدم اتفاقه مع أحكام الدستور والقانون.


  3. طبقاً لنص المادة (153) من اللائحة الداخلية، يقوم رئيس المجلس بعرض طلب اقتراح سحب الثقة المستوفي الشروط على المجلس فور تقديمه إليه، وذلك بعد قيامه بالتحقق من وجود جميع مقدمي الطلب بالجلسة، وتظهر أهمية هذا الإجراء نظراً للحكم الذي رتبته هذه المادة في حالة عدم وجود أحد مقدمي الطلب بالجلسة حيث اعتبرته بمثابة تنازل منه عن طلب طرح الثقة.


ويجوز للمجلس أن يؤجل المناقشة في الطلب إلى موعد يحدده إذا كان لهذا التأجيل ما يبرره واقعاً وقانوناً.



  1. تبدأ المناقشة بالإذن لاثنين من مقدمي الاقتراح بعدم الثقة بالكلام بحسب ترتيب طلبهما، يلي ذلك الإذن بالكلام لاثنين من معارضي الطلب، وللمجلس الإذن بالكلام لعدد آخر إذا استدعت مصلحة المناقشة ذلك، وذلك وفقاً لنص المادة (154) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.


وللمجلس بعد ذلك الخيار بين إقرار ثقته بالوزير المستجوب، أو سحبها منه، بشرط توافر أغلبية خاصة بالنسبة للحالة الأخيرة، والمقصود بالأغلبية الخاصة في هذه الحالة هي أغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وذلك نظراً لخطورة الآثار المترتبة على هذا القرار، والتي سيأتي بيانها لاحقاً.



  1. وأخيراً، يصدر مجلس النواب قراره بسحب الثقة من المستجوب بعد مضي سبعة أيام على الأقل من تاريخ تقديم طلب سحب الثقة، بشرط أن تكون قد مضت ثلاثة أيام على الأقل من تاريخ انتهاء مناقشته، وذلك على الوجه المبين في المادة (155) من اللائحة الداخلية.


تجدر الإشارة إلى أن التصويت في المجلس على موضوع الثقة يجب أن يكون بطريقة النداء بالاسم حيث يعبر عضو مجلس النواب عن رأيه عند النداء على اسمه بكلمة (موافق) أو (غير موافق) أو (ممتنع) بدون أي تعليق؛ وذلك عملاً بنص المادة (78) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

ثانياً: الآثار المترتبة على قرار المجلس بسحب الثقة:

يعتبر صدور قرار مجلس النواب بسحب الثقة من الوزير إنهاءً قسرياً لعلاقة الوزير بمنصبه، إذ يترتب على صدور مثل هذا القرار وجوب اعتزال الوزير من منصبه بقوة الدستور، ذلك أن النص الدستوري للمادة (66) الفقرة (ج) اعتبرته معتزلاً من منصبه فور صدور قرار المجلس بعدم الثقة، وعلى الوزير في هذه الحالة أن يتقدم باستقالته على الفور استيفاءً للشكل الدستوري، حيث تنتج الاستقالة آثارها من تاريخ قرار المجلس سحب الثقة، وليس من تاريخ قبولها من صاحب السلطة المختصة، إذ أن قرار الجهة المختصة بقبول الاستقالة لا يعدو كونه إجراءً تنفيذياً لقرار المجلس بسحب الثقة.

وعليه، فإن أي تصرف يصدر من الوزير بعد صدور قرار عدم الثقة به، يعتبر بقوة الدستور باطلاً وكأنه لم يكن، دون أن يطبق في هذه الحالة الحكم الوارد بالمادة (49) من الدستور التي تقضي باستمرار الوزير في تصريف العاجل من شئون منصبه إلى حين تعيين خلف له.