هدى حسين

يعيش الأشخاص ذوو العزيمة في ظروف صعبة على مختلف المقاييس، ويحتاجون أكثر من غيرهم إلى الرعاية الاجتماعية والنفسية، ولذلك خصصت لهم ساعتي رعاية، ولكن تثير الفجوة بين القرارات الإدارية التنظيمية وتطبيقها على أرض الواقع ، جدلا كبيرا في تفسيرها وتأويلها، بين هيئة العمل ووزارة الصحة، ويظل ذوي الإعاقة وولي أمره في دوامة المعاناة، وكمثال واقعي عليها يعتبر قرار منح الموظف أو العامل من ذوي الإعاقة الشديدة ، أو الذي يرعى شخصا ذا إعاقة شديدة ويحتاج إلى رعاية خاصة من أقربائه من الدرجة الأولى ساعتي راحة يوميا مدفوعة الأجر، أحد النماذج الحية الدالة على غياب آليات تنفيذية تنصف المواطن..فالمفارقة تكمن في أنه على الرغم أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية باشرت في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بشأن تفعيل وتنفيذ توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء بمنح الموظف أو العامل من ذوي الإعاقة الشديدة ، أو الذي يرعى شخصا ذا إعاقة شديدة ويحتاج إلى رعاية خاصة من أقربائه من الدرجة الأولى، ساعتي راحة يوميا مدفوعة الأجر إلا أن القرار لم يطبق كما يجب أن يكون ، فهناك الكثير من الأمهات التي تعاني من عدم تطبيق هذا القرار بشكل الصحيح ، وهناك آخرين غير مشمولين بهذا القرار مثل المكفوفين وذوي التوحد.

ويرى رئيس العلاقات العامة في جمعية صداقة المكفوفين ميثم مدن أن هذا القانون موجود وقد صدر من قبل وزير العمل والتنمية الاجتماعية أن تمنح الأشخاص ذوي الإعاقة ساعتي راحة مدفوعة الأجر أو ساعتي لذويهم للقرابة بالدرجة الأولى ولابد أن تكون إعاقة شديدة وتقدم عليها في استمارة وبعدها هناك لجنة تحدد نوع الإعاقة إذا كانت شديدة أم لا وتقرر، وسؤالي هنا أن نص القانون يقول صاحب للإعاقة الشديدة على أن تحددها اللجنة الطبية في وزارة الصحة، وهذا القانون يظلم فئة كبيرة من ذوي الإعاقة أو ذوي الاحتياجات ، لأن جميع هؤلاء يحتاجون إلى الرعاية أو ساعتي الراحة من دون استثناء ، خاصة المكفوفين، فكيف سيتم تحديد نوع الإعاقة إذا كانت شديدة أم غير شديدة أو كلي أو ضعيف بصر . فنحن نطالب أن يكون القرار مشمولا لجميع الفئات الإعاقة من غير اعتبار الإعاقة الشديدة"، ونحتاج إلى هاتين الساعتين لأن على مستوى الأهل يحتاجون أن يحتووا الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاق احتواء كليا، ويحتاجون إلى أن يكونوا معه ويرشدوه ، ويعلموه .الرعاية حق للأبناء

وتقول أم علي الأسود وهي أم لطفل توحدي: نتمنى من وزارة العمل تطبيق ساعتي الرعاية كأمهات لأطفال التوحد، فنحن نعاني مع عملنا لأني كأم لطفل توحدي ينخصم من راتبي ساعتين كل يوم حتى أحمل ابني من المركز؛ باعتبار أن وقته إلى ١٢ظهرا فقط، مع ساعة انتظار فقط، فأنا أشدد على طلبي وطلب جميع أمهات التوحد على حصولنا على ساعتين الرعاية.

وترى هناء سلامة وهي أم لطفل متلازمة داون في حقيقة الأمر أنهم كأولياء ذوي الاحتياجات محتاجون جدا لهاتين الساعتين، لكن للأسف، "أطفال المتلازمة داون" غير مشمولين ، فاضطررت أن أجلس في البيت وأتوقف عن العمل في المدرسة لأنه لا بديل لي للعناية بالطفل، خاصة أن زوجي متوفي ، فلو لنا كانت لي ساعتين راحة ممكن تسهل لي كثيرا من الأمور ولاستطعت العودة إلى المنزل في فترة عودته من المركز .

ومن جانبه قال حسين الشهابي وهو أب لطفل توحدي : نعم نحن نحتاج لساعتي الراحة والرعاية ، لأن دور الأسرة مع الطفل التوحدي يعتبر هو الأهم في تطبيق البرامج التربوية والعلاجية للطفل التوحدي فالأسرة هي التي تقضي الوقت الأكبر مع الطفل وهي التي تراقب وتلاحظ وجود أي مشكلة أو تطورات على سلوكه. والبحث الدائم عن البرامج التدريبية و التعليمية بشكل دائم ودورهم يبدأ من المراحل الأولى وبشكل مكثف ، فوجود أي انشغال تأثير سلبي على الطفل وتطوره وخصوصا أنه بحاجه لتبادل الأدوار بشكل مستمر ، لاسيما أن الطفل التوحدي طفل مزاجي ويتعرض لانتكاسات في في كثير من المراحل وهذا ما يتوجب الوالدين بكثرة وبشكل دائم معه.

ويعتبر مصطفى حبيب وهو أب لطفل ذوي الاحتياجات الخاصة أن تخصيص الساعتين مهم جدا بالنسبة للطفل ، فعودة الأم من العمل لاستقبال الطفل له تأثير كبير على نفسيته ، كما أن الأم بحاجة لهذه الساعتين للراحة وليس للرعاية فقط، تحتاج أن ترتاحل لمدة ساعتين فقط فهي طول اليوم تستهلك طاقتها خارج المنزل وداخله.أما ريحانة حبيل، وهي أم لطفل توحدي، فترى أن أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بحاجة ماسة لساعتي الرعاية؛ فعناية بطفل توحدي تحاكي العناية بطفل رضيع، فالنوبات التي تنتاب أطفالنا التوحديين في إحدى الصباحات من بكاء وغضب، أو ربما الروتين الذي يعتاد عليه كأن تأخذه أمه دون غيرها .من المدرسة أو المركز ظهرًا ومواقف كثيرة أخرى قد تربك ولي الأمر فيتأخر عن عمله والتزاماته، والأمور ستؤول للأفضل بوجود ساعتي الرعاية.

النواب يتابع

ومن جهتها، قالت النائب معصومة عبد الرحيم أود أن أشكر الحكومة على تجاوبها مع المقترحات الواقعية ، كان هذا القرار ساعتي الراحة مرسوم ملكي، تم تفعيله لفترة وبعدها توقف، فقدمنا بعدها اقتراحا بصفة استعجال لتفعيل هذا القانون ساعتي الراحة إلى ذوي الإعاقة من الدرجة الأولى ، والحمد الله خلال فترة زمنية ٣ أسابيع وتجاوب الحكومة مع المقترحات الواقعية. فخلال ثلاثة أسابيع تواصلت وزارة التنمية الاجتماعية مباشرة مع الأهالي لتفعيل ساعتي الراحة، ولكن المشكلة أصبحت بعد تفعيل القانون، وتتمثل في أن ذوي التوحد غير مشمولين من ضمن ساعتي الراحة ، بعدها رفعنا مقترحا ثانيا يضمن أصحاب التوحد الذين لديهم توحد شديد وليس بسيطا ممن يستحقون هم وأولياء أمورهم إلى الراحة، وأنا أتوقع أن يكون تجاوب من هذه الناحية، ولكن نحن بحاجة إلى تعاون ما بين وزارة التمنية الاجتماعية وما بين وزارة الصحة .مراكز متخصصةمن جانب آخر، تعتبر عضو مجلس الشورى سبيكة الفضالة ، أن تطبيق ساعتي الرعاية حاليا شيء جيد ومقبول وسيساعد الكثير من أولياء الأمور بالدرجة الأولى ، لكن بالنسبة لي الساعتين ليس هم الحل الجذري، ولا يمكن أن تكون كافية لرعايتهم لأبنائهم أو لراحتهم ، الحل لابد أن يكون جذريا يجب أن يكون هناك مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة ، بدوام صباحي ومسائي ، يساعدون الأهل في العناية بأبنائهم.وتابعت الفضالة قائلة: أنا لا أقصد كمركز إيواء أو مثل الطب النفسي لا ، لا أقصد ذلك، ولكن لابد من مركز حيوي مفتوح صباحا ومساء، وفيه يستطيع الطفل الترفيه عن نفسه ويجب الرعاية والعناية تحت أخصائيين ، والأهم من غير من غير تحديد عمر معين ، وهذا سيخفف على الأهل مصاريف والأعباء التي تكلفهم لوضع مربيات ومختصين لمتابعتهم أو علاجهم ، غير لما أضع طفلي في جهة حكومية وأنا مرتاحة معاهم ومن خدماتهم ، ولابد أن نفرق ليست مراكز للتدريس لان التدريس سيكون لفترة معينة ولكن هذا المراكز لجميع الأعمار وتعتني بهم وتعطيهم أنشطة وتخفف على العائلة ولا أرى الساعتين كفاية . فكثير من أولياء الأمور اتصلت لي وتحدثت معي و هم بحاجة ماسة لهذي النوعية من المراكز الحكومية في البحرين أكثر من حاجتهم إلى ساعتي الراحة أو ساعتي الرعاية ، مركز يقضون فيه وقتهم مثل المراكز الاجتماعية التي تكون فيها دورات للشباب، هذا كذلك مركز للاهتمام بذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة .

الجودة في الرعاية

أما الأخصائي النفسي د. محمد القاضي فيعتقد أن وجود طفل في البيت من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الإعاقة أو توحد بكون الأمر مهم جدا للرعاية والاحتواء من قبل أولياء الأمور ولابد أن يكون الطفل تحت إشراف وملاحظة دائمة من شخص راشد لأنه غير مسؤول عن أفعاله ولا عن تصرفاته ويمكن أن يضر نفسه أو يضر الممتلكات حوله ، وإذا لم يكن ولي الأمر موجود لابد أن يكون هناك بديل مناسب للرعاية. وأما بالنسبة لساعتي الرعاية، فممكن يكون الأهل محتاجينها كبديل إذا لم يكن هناك شخص راشد يعتني بهؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة وغيرهم ، والعملية أساسا ليس بالكم إنما بالكيف، فساعتان لا تكفي ولكن أمرهما ضروري حتى يكون الطفل بشكل دائم تحت إشراف ورعاية فهي بالكيف وليس بالكم ، ولكن هذه الساعتين مهمة في التأثير على الأهل أو الطفل وتفرق كثيرا معاهم . ومن منظور المستشارة في مجال الإعاقة د. عبير الجودر ، أن إقرار ساعتي الرعاية، مهم، ولكن لم تقر للكثير ممن يعاني من إعاقة أو لأولياء أمورهم، معتبرة أن ساعتي الرعاية اللتين تمنحان لولي الأمر فقط لكي تضع الكفيل وتخرج به وتغير ملابسه أو تقدم له خدمة معينة، متسائلة ألا يحتاج ولي الأمر إلى راحة نفسي تعينه على الألم الداخلي الذي يعاني منه لوجود لديه طفل ذوي الإعاقة ؟! ، ومعتبرة أن ولي الأمر يحتاج إلى الساعتين حتى لو كان هذا الطفل قادرا على التعايش مع الإعاقة وقادرا على الذهاب للمدرسة وتغيير الملابس بنفسه، وهذا أبسط ما يقدم لهم ، ولا يمكن أن نقول إن أطفال التوحد هم أكثر ناس يحتاجون إلى قرب الأب والأم نظير الخدمة المادية أو المعنوية الخاصة .