سماهر سيف اليزلأكد الخطيب المتعاون مع إدارة الأوقاف وعضو الهئية الإدارية في معهد جامع عيسى بن سلمان للدراسات الإسلامية موسى الطارقي أن رفع سقف التخصصات الدينية ضرورة.وطالب الطارقي في حوار لـ"الوطن" بإنشاء معهد شرعي يمنح درجة "البكالوريوس" ويكون نواة لكلية العلوم الشرعية، على أن يتطور ليمنح فيما بعد درجة الماجستير والدكتوراه، ويكون من أقسامه "قسم إعداد الأئمة والخطباء" الذي تتركز مهمته في صناعة الأئمة والخطباء على أعين المختصين من علماء البحرين ودعاتها.وأضاف أن البحرين زاخرة بالخطباء، لكنه أشار إلى أن "بعض الخطباء يحتاجون إلى تطوير الأداء من الناحية الفنية في 3 أمور هي نبرة الصوت، ولغة الجسد والمحتوى".وقال إن المعاهد الدينية في البحرين "ظاهرة جميلة وإيجابية، فقد أحدثت فرقاً كبيراً في الدارسين فيها فنقلت إليهم شتى العلوم الشرعية وبعض العلوم مثل مصطلح الحديث و علوم القرآن الكريم، وقواعد اللغة العربية، إضافة إلى تعليمهم أصول الإيمان الصحيح، والفقه والتفسير، بل حتى الآداب والأخلاق".وكان موسى الطارقي تنقل بين عدد من التخصصات الدينية فكان خطيباً ومفسراً ومعلماً. درس في معهد الحرم المكي الشريف وحصل على ليسانس الشريعة من دار الحديث، وماجستير في التفسير وعلوم القرآن من ماليزيا، كما أنه عضو في الهيئة الإدارية بمعهد جامع عيسى بن سلمان للدراسات الإسلامية. أعد وقدم برنامجاً يبث عبر الأثير في مختلف الدول العربية. وهو مؤلف كتاب "صيام الصالحين".وفي ما يلي نص الحوار:- كيف كانت بداية مشوار الخطابة؟بداية مشاوري الخطابي كانت من مقاعد الدراسة، حيث كنا نتنافس أنا وأقراني في اختيار الكلمات وأسلوب أدائها في مادة التعبير. ومازلت أتذكر معلم اللغة العربية في الصف الخامس الابتدائي الذي أثنى على أدائي فكان يقول لزملائي "خليكم مثل موسى". هذا التشجيع زاد من شغفي بالخطابة، وتطورت هذه المهارة في المرحلة الإعدادية. و عندما كنت في سن المرحلة الثانوية نلت ثقة إمام مسجد حينا في مكة المكرمة فمنحني فرصة إلقاء كلمة عقب صلاة العصر، تتحدث عن صيام يوم عاشوراء، وكانت مليئة بالارتباك غير أن تشجيع أهل الحي أعطاني دفعة قوية للمواصلة. وأنا اليوم ولله الحمد أتمتع بتمكن في الخطابة خاصة بعد أن التحقت بأندية التوستماسترز العالمية فتعلمت وتدربت أكثر فأكثر، حتى وصلت لمرتبة الخطيب الذهبي، وقدمت أكثر من أربعين مشروعاً في غضون سبع سنوات.- ما الذي دفعك لهذا التوجه؟الدافع كان حبي للتواصل مع الجمهور، وغذى ذلك الاستماع المركز لأشرطة الكاسيت التي كانت تنتشر في التسعينات للدعاة والعلماء من أمثال الشيخ: عبدالحميد كشك رحمه الله، والشيخ: أحمد القطان حفظه الله، وأمثالهما ممن كانوا يتصدرون الساحة الدعوية.ودعم ذلك مشاركتي في الأنشطة الصيفية التي كانت تقام في مكة المكرمة حيث كنت أحب المشاركة في مسابقات الخطابة، وكنت أحقق دائماً مراكز متقدمة ولله الحمد، وتطور ذلك حتى أصبحت أتصدر "العرافة" لبعض الحفلات الرسمية والمحاضرات في أواخر التسعينات.- هل ترى أن عدد الخطباء في البحرين جيد؟ وإلام يحتاجون؟البحرين زاخرة ولله الحمد بالخطباء، وأحيل السؤال عن العدد إلى الجهة المسؤولة لكني أشير إلى أن بعض الخطباء - وليس الكل- يحتاج إلى تطوير الأداء من الناحية الفنية في ثلاثة أمور:الأمر الأول: نبرة الصوت: من حيث الارتفاع والانخفاض والسرعة البطء، ليشكل ذلك عاملاً مؤثراً في جذب السامع. وقد ثبت في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستخدم ذلك في خطبه فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم".الأمر الثاني: لغة الجسد: حيث يحتاج الخطيب إلى تحريك يديه حركة مدروسة مناسبة للموقف الذي يصفه، وأيضاً ملامح الوجه والتواصل البصري، ليشكل ذلك جذباً للانتباه، بل وتحفيزاً للخيال أثناء الخطبة، مما يجعل المتلقي يقظاً طول وقت الخطبة.وهذا أيضا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم وأكتفي بمثال واحد في حجة الوداع حيث وصف لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه في الحديث الذي رواه مسلم لغة جسد النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة فيقول: "فَقالَ بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ".الأمر الثالث: الاهتمام أكثر بالمحتوى: ما ننقله للجمهور يجب أن يتم تحضيره تحضيراً جيداً احتراماً للسامعين، عبر تقديم معلومات صحيحة وثابتة، فعلى الخطيب تحري الصواب في نقل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والآثار عن الأئمة وأقوالهم، حتى لا ننقل إلى المستمع شيئاً خاطئاً كما قال صلى الله عليه وسلم "نضَّر اللهُ امرأً سمِع مقالتي فوعاها ثمَّ بلَّغها فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى مِن سامعٍ".وهذه بالمناسبة أسميها ثلاثية التأثير، فبها يؤثر الخطيب في من حوله، وتطبيقها يحقق الهدف من الخطبة.- إلى من تسمع من الخطباء وعلى خطى من تسير؟أحب الاستماع إلى خطباء المسجد الحرام وخاصة فضيلة الشيخ د.سعود بن إبراهيم الشريم الذي تأثرت بأسلوبه في الخطابة في بداية مشاوري الخطابي، وتعجبني جداً بلاغة معالي الشيخ د.عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، أما العمق في المعلومات وطرح المواضيع ذات الشأن العالمي فهذه سمة بارزة في خطب فضيلة الشيخ د.صالح بن عبدالله بن حميد، فآخذ من كل خطيب ما أشعر أنه متميز فيه لأجمع سمات متميزة في أدائي الخطابي.- خلال عملك في الخطابة والتدريس هل مرت بك مواقف نادرة؟لا أتذكر مواقف جوهرية غير أني لاحظت أن بعض طلابي يقلدونني في طريقة الأداء، وهذا جعلني أشعر بالمسؤولية التربوية تجاههم، لذا أقول لزملائي المعلمين أحسنوا أداءكم فطلابكم مرآتكم التي تعكس ما تعلموه منكم.- من خلال عملك في معهد جامع عيسى بن سلمان كيف ترى الوضع العام في البحرين وإلى ماذا تفتقر المعاهد الدينية؟المعاهد الدينية في البحرين ظاهرة جميلة وإيجابية وأعتقد بأنها أحدثت فرقاً كبيراً في الدارسين فيها فنقلت إليهم شتى العلوم الشرعية وبعض العلوم مثل مصطلح الحديث وعلوم القرآن الكريم، وقواعد اللغة العربية، إضافة إلى تعليمهم أصول الإيمان الصحيح، والفقه الصحيح، والتفسير الصحيح، بل حتى الآداب والأخلاق تدرس في هذه المعاهد، وهذا يعطي تكاملاً في شخصية طالب العلم الشرعي ليكون مهيئاً للخوض في بحور العلم الشرعي المختلفة.وبهذه المناسبة ألتمس من المسؤولين في البحرين أن يؤسسوا معهداً شرعياً يمنح درجة "البكالوريوس"، ويكون نواة لكلية العلوم الشرعية، يتطور ليمنح في ما بعد درجة الماجستير والدكتوراه، ويكون ضمن أقسامه (قسم إعداد الأئمة والخطباء) الذي تتركز مهمته في صناعة الأئمة والخطباء على أعين المختصين من علماء البحرين ودعاتها.- حدثنا عن كتابك ورسالته.جاءت فكرة كتاب "صيام الصالحين" بعد أن تم تجهيز مادته ليكون برنامجاً إذاعياً يبث عبر إذاعة القرآن الكريم بمملكة البحرين في رمضان العام 2016، وكانت الفكرة تركز على نقل صور من اجتهاد الرعيل الأول في العبادة بدءاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ومروراً بأصحابه الكرام رضوان الله عنهم وانتهاء بأعيان السلف الصالح رحمهم الله ممن كانت لهم مواقف مشهورة في العبادة والعمل الصالح. وأسميناه "صيام الصالحين" لننقل للناس تلك القصص والمواقف حتى تكون محفزاً للنفس نحو اغتنام شهر رمضان. ولا أنسى هنا أن أنسب الفضل لصاحبه فقد قدح الفكرة في رأسي الشيخ الفاضل قصي بن عبدالله سلامة، وكان لتوجيهه الأثر الكبير في المضي في الفكرة حتى نضجت ولله الحمد. وأثناء بث البرنامج أخذ أحد أعضاء فريق البرنامج وهو القارئ عيسى عمر سناكو إمام جامع الزياني الأوراق التي تحمل مادة البرنامج وأصبح يقرؤها للمصلين في مسجده بعد العصر في رمضان. هنا قدحت فكرة تحويل مادة البرنامج الإذاعي إلى كتاب، فكان ذلك، ولما عرضت فكرة الكتاب على إدارة الأوقاف السنية لطباعته لم تتوان، بل سارع قسم البحوث وشؤون المساجد بمراجعته وطباعته وتوزيعه على الأئمة والخطباء ليكون عوناً لهم في دروس المساجد وخطب الجمعة خلال شهر رمضان بإذن الله تعالى. وقد وصلتني مجموعة من الرسائل التي تثني على هذا الكتاب وأهميته. وتشرفت بإيصال نسخ إلى المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي لتودع ضمن مصادر المعرفة في تلك المكتبة الغراء. وسعيت أيضاً في إيصاله إلى مجموعة من المسؤولين والوزراء في هذا البلد المعطاء.- هل هناك مشاريع كتابة مستقبلية وما محاورها؟هناك جزءان آخران من كتاب "صيام الصالحين" أعمل على إكمالهما بإذن الله خلال الفترة القادمة، يتركز أحدهما في وضع برنامج عملي مقترح للصائم في رمضان، ويتركز الآخر في سبر أغوار آيات الصيام الواردة في سورة البقرة ليكتمل بذلك العقد الرمضاني الجميل بهذه الأجزاء الثلاثة.كما أعمل كذلك على طباعة الرسالة التي أعددتها للحصول على درجة الماجستير وتتحدث عن الحياة الزوجية في القرآن الكريم، وأهمية النظر إلى الأحوال الشخصية وكيف تناولها القرآن الكريم وبالأخص الحياة الزوجية لوجود عراك قوي ومتشابك في الحياة الزوجية، ولا تزال الأسرة الخليجية بحاجة إلى مسار يصحح مسيرتها، وقد يكون في هذا الكتاب جزءاً من الحل والله أعلم.