فيما تجتهد المنامة لتكون "عاصمة صحية" قال أكاديميون ومختصون إن ذلك يتطلب استيفاء 80 معياراً من معايير منظمة الصحة العالمية، مشيرين إلى توافر 60% من المعايير في المدينة، فيما تعمل محافظة العاصمة على استكمال البقية.

ولفت المختصون إلى أن المشروع يخدم المواطن والمقيم بشكل مباشر ويحسن حياتهم من جميع الجوانب، داعين إلى تعاون جميع المعنيين في الحفاظ على البنية التحتية والنظافة العامة وفق فلسفة تحسين البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية للمدينة، وتعريف سكانها بكيفية تنمية موارد مجتمعهم.

وكانت وزارة الصحة ومحافظة العاصمة أطلقت مؤخراً مشروع "المنامة مدينة صحية" تماشياً مع مبادرة المدن الصحية التي ترعاها منظمة الصحة العالمية. ويهدف المشروع إلى تحويل المنامة إلى مدينة صحية عبر تحقيق 80% على الأقل من المعايير، والعمل على الحفاظ على الصحة العامة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. واعتمدت محافظة العاصمة مدينة المنامة لتطبيق المرحلة الثانية من هذا المشروع، بعد انتهائها من تنفيذ المشروع في أم الحصم نهاية العام الماضي لتصبح أول منطقة تحقق هذا الإنجاز على مستوى مناطق البحرين.

80 معياراً

وقالت الوكيل المساعد للصحة العامة بوزارة الصحة وعضو لجنة المدن الصحية د.مريم الهاجري "حتى تكون المنامة عاصمة صحية، وجب متابعة استيفاء الثمانين معياراً من معايير منظمة الصحة العالمية في مدينة المنامة، ما يتطلب جهداً من المحافظة ووزارة الصحة في متابعة جهود كافة الوزرات والجهات وما تقدمه من خدمات خاصة لكل محور معني بالمدينة الصحية، إضافة إلى تفعيل مبادرات نوعية تساعد في دمج المجتمع المحلي ليكون له دور في جعل المدينة صحية".

وأضافت "المبادرات التي أطلقتها محافظة العاصمة تتماشى مع المعايير الواجب توافرها للمدينة الصحية حيث تم تفتيش المطاعم في منطقتي أم الحصم وسوق المنامة إلى جانب متابعة تفتيش المصانع بميناء سلمان، والتأكد من اشتراطات البيوت الآلية للسقوط، واشتراطات المحلات والأسواق التجارية في المنامة، والاهتمام بالرقعة الخضراء في المدينة وتوفير برامج تدريبية للنساء والشباب من أجل تمكينهم اقتصادياً ومعرفياً، ناهيك عن البرامج التدريبية والمسابقات التي تنظمها المحافظة. كما تعاونت محافظة العاصمة مع جامعة الخليج العربي في عمل بحوث متعلقة بمجال صحة المجتمع، كذلك عقدت المحافظة اجتماعاً تنسيقياً مع جمعية المهندسين وأمانة العاصمة كلاً على حدة لمتابعة المشاريع الهندسية المتعلقة بالمنامة".

وأكملت "أكثر من 60% من المعايير المطلوبة متوافرة ولله الحمد في مدينة المنامة بفضل توجيهات الحكومة، ما تبقى من معايير سيتم الاهتمام بها من خلال المبادرات التي تطلقها محافظة العاصمة مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة، كما نعمل مع جميع المحافظات لتنفيذ معايير المدن الصحية بها ونأمل أن يكون في البحرين مدن صحية بجميع المحافظات. فتبني مبادرة المدن الصحية من شأنه الإسراع بدفع عملية التنمية الصحية والاجتماعية والتصدي للأمراض المزمنة، ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التعايش بين أفراد المجتمع بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية والدينية والثقافية، وهنالك اجتماعات دورية ومستمرة مع كافة الوزارات والهيئات التي لا تألو جهداً في سبيل تقديم كافة خدماتها وتطويرها لتحقق احتياجات المواطنين والمقيمين".

دراستان عن التدخين

وقال مدير مركز جامعة الخليج العربي لخدمة المجتمع وعضو لجنة المدن الصحية د.طارق الشيباني إن محافظة العاصمة "تقدمت إلى جامعة الخليج العربي بطلب عمل دراستين الأولى عن أضرار التدخين الإلكتروني أو السجائر الإلكترونية، والثانية عن أضرار تناول الخبز البحريني المصنوع من الطحين الأبيض على أفراد المجتمع".

وأضاف "من المعايير التي يجب تطبيقها في المنامة لتكون مدينة صحية تطبيق عقوبات على أي شخص يرمي القمامة في الشوارع، وعمل محطات مكيفة للحافلات، والحرص على نظافة الأسواق وتكثيف المراقبين الصحيين عليها، ومنع العمالة الآسيوية من مضغ البان وبصقه على الجدران والأرض مما يلوث البيئة ويعطي مظهراً غير حضاري للعاصمة. وعندما تتوافر كل المرافق والحدائق وساحات اللعب فمن المؤكد أن الفائدة ستعم على المواطن والمقيم من الجانب الصحي والاجتماعي ما يعزز الصورة الحضارية للمنامة".

بنية تحتية صديقة للبيئة

وقالت النائب د.سوسن كمال "أجد من الضروري تطبيق المعايير الأساسية التي قام عليها المشروع منذ انطلاقه لتصبح المنامة مدينة صحية، وهو تفعيل الشراكة المجتمعية في إنشاء بنية تحتية صديقة للبيئة في معظم المنشآت والمباني التي تقع داخل المنامة كالمدارس والمجمعات التجارية بحيث تحتوي على الخدمات الصحية الملائمة لمرتاديها. وأجد أن هذا المشروع يعتبر مسؤولية يتحملها الجميع لتحسين الخدمات الصحية وتحقيق حياة صحية لأفراد المجتمع من خلال التركيز على البرامج الوقائية والتنموية قبل البرامج العلاجية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على العلاقات الاجتماعية، والحد من الأمراض السارية غير المعدية في المجتمع".

وأضافت "المنامة منذ منتصف خمسينات القرن الماضي تشهد تطوراً ونهضة وريادة على جميع الأصعدة وعلى مستوى المنطقة ككل. وأجد أن المنامة دائماً تستحق أن تكون في أفضل حلة، ونحتاج لتطوير المنشآت والطرق والبنية التحتية لنتمكن من إطلاق تسمية المنامة مدينة صحية على هذه المدينة الجميلة. فالمشروع سيخدم المواطن بشكل مباشر فمثلاً المدرسة المعززة للصحة التي تقدم خدمات وقائية لطلبتها ستوفر بيئة إيجابية تنعكس عليهم اجتماعياً، كما أن انتشار المساحات الخضراء في المنطقة سينعكس على الجانب النفسي لأفراد المجتمع، وغيرها من الإجراءات الرامية لخلق بيئة صحية لسكان المنامة".

طريقة للتقييم

فيما قالت أستاذة الإعلام السياسي في جامعة البحرين د.خلدية آل خليفة إن "مفهوم المدينة الصحية يجب أن يكون مبنياً على فلسفة تحسين البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية للمدن، وتعريف سكانها بكيفية تنمية موارد مجتمعهم ودعمهم لكل الأفكار التي تسهم في نهضة مجتمعهم أياً كان حجمه، إضافة لتعاون مختلف المؤسسات الرسمية المعنية بالأمن، الصحة، البلديات، التعليم، المياه والصرف الصحي، الكهرباء، وغيرها من المؤسسات مما يمكنهم من الوصول لأعلى مستويات تكامل الخدمات للمجتمع ونمط حياته.

وأضافت "إذا أردنا تقييم نجاح تحقيق رؤية المدينة الصحية يجب أن نقيس ذلك على مستوى الخدمات لهذه المؤسسات بالمنطقة المعنية، ومن أهمها: تشجير الطرقات والشوارع وتوفير نظافة متكاملة لها بما يشمل خدمات الصرف الصحي في الحالات الاعتيادية وفي حالات سقوط المطر، وتوفير رعاية صحية للجميع، وتوفير مرافق صحية عامة نظيفة ومرافق بلدية نظيفة حسب المعايير الصحية والسياحية، وتوفير شراكة خدمية بين القطاعين الرسمي والخاص والأهلي من أجل توفير هذه الخدمات".

اهتمام حكومي

في حين قال ممثل الأهالي بالمجلس التنسيقي للعاصمة يوسف صلاح الدين "هناك اهتمام من قبل الحكومة وممثلي مجلس أمانة العاصمة في العمل على تحقيق أهداف المشروع. وهناك متابعة مستمرة من محافظ العاصمة الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة والمسؤولين لتنفيذ برنامج المنامة عاصمة صحية ودعوة السكان إلى المشاركة في الفعاليات وهذا يؤدي إلى نجاح هذه الخطة المهمة".

وأضاف "تم الانتهاء من تخطيط الشوارع والتقاطعات والجسور لتخفيف الاختناقات المرورية، ما يسهم في تخفيف التلوث البيئي الصادر من عوادم السيارات. كما تم الاهتمام بإزالة القمامة والمخلفات وكل ما قد يؤدي إلى التلوث وحصر أماكنها بشكل يومي، وهناك متابعة مستمرة من محافظة العاصمة لتنفيذ البرنامج. وبذلت المحافظة جهوداً كثيره في العمل على تطوير منطقة المنامة وجعلها مدينة أكثر صحية مما كانت عليه، فالمعطيات والمعايير التي تم تحقيقها تهيئ المنامة لهذا اللقب".

المنامة تستحق اللقب

وقال المواطن محمد العالي من المنامة "من الممكن أن يتطور الجانب الصحي في العاصمة من خلال منع دخول السيارات والمركبات داخل الأحياء القديمة خصوصاً في سوق المنامة القديم، لجعل المتسوقين والسياح في راحة أكبر ولمساعدتهم على المشي داخل الأحياء، ولمنع التلوث الخارج من عوادم هذه السيارات".

وأضاف "تستحق المنامة نيل لقب "العاصمة الصحية" بكل جدارة، لأنها عاصمة المملكة وتمتلك الكثير من المقومات ما يجعلها من العواصم الصحية خصوصاً من ناحية العلاقات الاجتماعية فهي من أكثر المدن في البحرين التي تحتوي على أحياء قديمة ما زال أهلها يزورونها ويتجمعون مع أصدقائهم فيها إضافة الى انها عاصمة جديدة ومتطورة من الجانب الاقتصادي أيضاً. وهذا المشروع يخدم المواطن بشكل كبير وإيجابي لأنه يجعله يعيش حياة صحية تجلب له الراحة النفسية والجسدية وبإمكانه ممارسة حياته بشكل أكثر صحة وطبيعية وسينعكس هذا الشي على أدائه في العمل وعلاقاته الاجتماعية".