ريانة النهام

أكد خبراء تربويون، أن مشاركة الأطفال اهتمامتهم وهواياتهم يعد من أفضل الطرق لتطوير المواهب وتنمية الشخصية، لافتين إلى أن إهمال أو حرمان الوالدين للأطفال بممارسة مواهبهم يؤدي إلى هدم شخصياتهم.

وأضافوا لـ"الوطن"، أنه يتم اكتشاف المواهب من خلال الذهاب لمختصين في مجال الإبداع والمواهب، فهم أجدر بالتعرف على هذه القدرات بحكم تخصصهم ولديهم أدوات تمكنهم من التعرف على هذه القدرات مثل اختبارات الذكاء واختبارات القدرات والميول وسمات الشخصية.

ويرى الاختصاصي الاجتماعي والخبير في مجال تربية الأطفال أحمد الساعي، أن تعريف الموهبة لدى المختصين والأكاديميين يختلف ولكنه يوجز المفهوم من وجهة نظره في قدرة الطفل على القيام بمجموعة من المهارات والسلوكات المبتكرة والاستثنائية في مجال معين أو عدة مجالات تميزه عن أقرانه.

وبين الساعي أن الوالدين يستطيعان اكتشاف مواهب الأطفال فهو ليس بالأمر الصعب ولا يحتاج إلى اختبارات وامتحانات لقياس الذكاء أو القدرات، فالطفل بطبيعته يحب اللعب والتجربة وممارسة ما يحب، كما أنه لا يخفي ما بجعبته وما يرغب بالقيام به.

ولفت إلى أن الوالدين يستطيعان اكتشاف مواهب أطفالهم عن طريق الملاحظة بالدرجة الأولى ثم المشاركة، وذلك من خلال عدة أمور مثل ملاحظتهم أثناء قيامهم بمهامهم اليومية أو ممارستهم لهواياتهم واهتماماتهم ومشاركتهم اللعب، وطريقة حل الأطفال للمشكلات التي يقعون فيها وكيفية تجاوزها، ومعرفة ميولهم وما هي الأمور التي يحبونها ويرغبون في ممارستها باستمرار.

وأكد أن من خلال هذه الأمور يستطيع الوالدين معرفة ماهو مميز في شخصيات أطفالهم، ويعملون على تعزيزه وتطويره وتنميته، وربما يبرع الطفل في أمر معين ويصرح بذلك ويلحّ في طلب تطويره وصقله، ولكن في بعض الأحيان يمتلك الطفل قدرات استثنائية في جانب معين ولكنه لا يعرف بأنه متميز في هذا المجال ويأتي هنا دور الوالدين من خلال الأمور التي ذكرناها في اكتشاف هذه القدرات والمواهب ومساعدة الطفل على صقلها وتطويرها.

وعن كيفية تنمية المواهب والقدارات لدى الأبناء قال: "إن الموهبة كالنبتة الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام مستمر كي تكبر وتنتج أفضل وأجود المحاصيل، ومن العوامل المساعدة في تنميتها وتطويرها الممارسة المستمرة والتدريب، وتشجيع الطفل ومدحه والثناء على إنجازاته، ونعته بالعبارات الإيجابية والتشجيعية، وتعزيز ثقته بنفسه ومكافأته على إنجازاته".

وتابع: "أو من خلال إشراكه في المراكز والنوادي والجهات المختصة التي تنمي وتصقل الموهبة التي يمتلكها، ومشاركته في اهتماماته وميوله وإعطاء الطفل قدر من الحرية في ممارسة ما يحب من غير كبت أو انتقاد، وتوجيه الطفل بالأساليب التربوية المناسبة عند الخطأ أو التقصير، وإشعار الطفل بأنه مميز ومختلف، وتوسيع مدارك الطفل في شتى العلوم والثقافات وربط مجال موهبته بما يدور من حوله وما يتفاعل معه في المجتمع".

وعن ما إذ كانت التربية تؤثر على تنمية شخصيات الأطفال قال الخبير التربوي إن التربية هي أساس بناء الأجيال وعصب الحياة بالنسبة لهم، والطفل بحاجة للحنان والعطف والتقدير والثناء والثقة كي ينتج ويكون فاعلاً ومؤثراً، فمتى ما شعر الطفل بالراحة النفسية والطمأنينة ازداده عطاؤه وتميزه في عمله وبرع في موهبته، والعكس صحيح، فإن سوء التربية بمكوناتها السلبية وعباراتها الهدّامة تؤثر كثيراً على قدرة الطفل في تنمية قدراته ومهاراته.

وبين أن الطفل إذا عاش في جو من المدح والثناء وثق في نفسه، وإذا عاش في جو من التقدير شعر بالفخر والاعتزاز، وإذا عاش في جو من القبول شعر بالرضا، وإذا عاش في جو من المشاركة والرعاية أحسّ بالتقدير، وإذا عاش في جو من التحدي زادت همته وعزيمته، فكل هذه الأمور تساعد الطفل على تنمية قدراته وتؤثر عليه إيجاباً.

ويرى أن أفضل الطرق لتدريب الأبناء هي مشاركتهم الاهتمامات وممارسة الهوايات، وتشجيعهم على اللعب والترويح عن النفس، وممارسة الرياضة وتحبيبهم وتشجيعهم على القراءة، والتعامل معهم بحب وعطف ورضا وقبول وتوجيهم بالحسنى، والاعتماد عليهم في تنفيذ بعض المهام المنزلية، وإعطائهم الثقة في القيام ببعض الأمور في حياتهم.

من ناحية أخرى يرى الاختصاصي النفسي محمد القاضي، أن دور الوالدين أعم وأشمل من كونهم مصححين للمسار الخاطئ، بل أهم ما يمكن أن يقدمه الوالدين لأبنائهم هو تذليل الطريق لهم وتيسيره لإخراج أفضل ما فيهم والعمل على اكتشافه واستغلاله الاستغلال الأمثل.

وقال إن البعض ربما يصدم عند القول إن اكتشاف مواهب الأبناء وتنمية مهاراتهم وتطويرها أهم من تحسين سلوكهم وعلاماتهم، ذلك لأن الشخص المستغل لمواهبه ومميزاته وقدراته أكثر حرصاً على تحسين سلوكه ومظهره ووضعه الاجتماعي من الشخص الذي لا يشعر بأنه مميز.

وعن كيفية تطوير مواهب الأطفال قال القاضي:" بداية لا بد أن يستقر في نفوسنا أننا خلقنا مختلفين ولكل منا ما يميزه عن غيره ويجعله يشعر بأهميته ووجوده داخل المجتمع، وما علينا إلا البحث في دواخل أبنائنا لإخراج هذا الكنز الدفين القادر على تغيير حياته للأفضل".

وتابع: "الإنسان يولد وفي فطرته نزعة "للتعلم" و"للنجاح"، ونستطيع أن نرى هذا في محاولاته لاكتشافه بيئته "التعلم"، وسعيه للفوز في اللعب "النجاح"، وبما أننا مختلفون وهذا الاختلاف يكمل بعضه بعضا، فتتباين مجالات الاهتمام لدى الأبناء كل حسب ما يستهويه ويجذب انتباهه".

ولفت إلى أن الوالدين يجب أن يحاولا تيسير المجال لممارسة أكبر قدر ممكن من الأنشطة المختلفة والمتنوعة لفترات زمنية مناسبة حتى يدرك كل من الطفل والوالدين مدى إنجذاب الطفل للنشاط المناسب له والذي يشعره بالرضا أثناء ممارسته.

ويضيف: "يمكن اكتشاف المواهب من خلال الذهاب لمختصين في مجال الإبداع والمواهب، فهم أجدر بالتعرف على هذه القدرات بحكم تخصصهم ولديهم أدوات تمكنهم من التعرف على هذه القدرات مثل اختبارات الذكاء واختبارات القدرات والميول وسمات الشخصية".

وأكد على أهمية تنمية الجانب المهم في حياة الأبناء فهو سيكون الركيزة الأساسية التي سيعتمد عليها الابن في مستقبله، ويرى أن من أهم الأساليب المتبعة لتمنية المهارات والقدرات هي وضع الابن في بيئة تتناسب مع قدراته ومواهبه داخل مجموعة يشترك معهم في نفس القدرات ضمن برنامج متكامل يرعى المواهب وينميها، كذلك توفير الأدوات التي تخدم وتنمي قدرات الابن داخل المنزل، وعمل زيارات ميدانية لمن سبقوه في هذه الموهبة للتعرف عليهم واكتساب الخبرة منهم، كذلك من أروع الأساليب المتبعة وجود نموذج يقتدي به الابن.

وبين أن الوالدين إذ اتسما بالإهمال وحرمانهم من ممارسة هواياتهم وإخراج مواهبهم فهما بذلك يشاركان في هدم شخصية أبنائهم وإطفاء ضيهم ومحو أثره في الحياة، مما يجعل الابن جاهلاً بالغاية التي خلق من أجلها.