اعتبرت رسامة الكاريكاتير البحرينية سارة قائد أن الملهم الأول لرسام الكاريكاتير "الشارع وما يدور بين الناس من أحاديث، ومهمة رسام الكاريكاتير الأولى التخفيف من معاناة الناس من خلال تقديم الواقع بجرعة من السخرية، لذلك عليه أن يكون مراقباً ومستمعاً جيداً، وأن يكون قريباً ومتابعاً لما يدور في العالم من أحداث".
وقالت قائد، في حوار لـ"الوطن"، إن الكاريكاتير هو فن للدفاع والهجوم معاً، موضحة أن للكاريكاتير صدى مسموع عالمياً، حيث يمكن من خلاله نقل الحدث وتبعاته دون الحاجة للكتابة أو الترجمة، وهو لغة جديدة لا تتعثر أمام الأبواب الموصدة.
وسارة قائد رسامة كاريكاتير بحرينية، استخدمت الرسم وسيلة لضخ الأفكار وطرح التساؤلات، وعرض الآراء حول مختلف القضايا والأحداث المحيطة. واستوحت من اللاجئين وقضايا المرأة والفساد مساحتها الفنية الخاصة، وأثارت من خلالها عدداً من المشاكل. رحلتها مع الرسم بدأت مبكراً واختلفت ميولها باختلاف مراحل حياتها. وباتت ترسم للإنسان وتلتقط مشاعره المختلفة وتلعب بتعابير الوجوه لتترجم اللحظة.
تؤمن سارة بأن المتلقي يرى اللوحة ويسمعها ويتمثل انتصار الفنان في خلق لوحة ناطقة ليسمعها الإنسان المظلوم والمتألم.
وفي ما يلي نص الحوار:
الجائزة مقدمة من مؤسسة ابن رشد في ألمانيا، وهي جائزة سنوية تمنح لشخصيات ومؤسسات عربية في مختلف المجالات. وفزت بالجائزة هذا العام حيث كان المجال المطروح هو الكاريكاتير.
أشكر لهم هذا التقدير. فكل تكريم أو فوز يكون مفرحاً جداً وهو دليل على أن العمل وصل لشريحة أكبر. هذا ما أتمناه.
أركز على الإنسان وتناقضاته
-هذا الفوز نتيجة مشوار.. كيف تصفينه وكيف كانت بدايتك؟المشوار كان وسيظل متواضعاً، مليئاً ومستمراً بالتجارب، وسأحرص على أن يكون بنفس الشغف. فبدايتي كانت في صحف محلية وعربية. بعدها أصبح التركيز أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي. كنت وما زلت أركز على الإنسان وتناقضاته، اللجوء، الفساد، السلطة، المرأة. ربما ظهرت الأعمال في البداية بطرح مباشر أكثر، أما الآن فهي مفتوحة أكثر للمتلقي.
- لماذا اخترت هذا النوع من الفن؟
أحب قرب الكاريكاتير من الشارع، من مختلف الأعمار والخلفيات، كأنه لغة بصرية فريدة، الجميع يفهمها بطريقة ما.. تخيل أنك تتقن هذه اللغة التي يمكن للجميع أن يفهمها. هي طريقة اتصالك بالعالم بشكل شبه يومي.
لا مسار ثابتاً
- هل كانت لك تجارب ومشاركات محلية أو إقليمية؟في هذا العام تركزت المشاركات في أوروبا وبريطانيا. شاركت مؤخرا في بلجيكا ضمن جلسة رسم حر ونقاش عن الصراع العربي الفلسطيني. وفي ألمانيا - برلين حيث قمت بجولة قصيرة شملت معرضاً، وورشة، وجلسة نقاشية.
ولدي إقامة فنية حاليا في المملكة المتحدة، حيث تركز الإقامة على الفن الاجتماعي الممارس. ومن خلال مشروع "أكمل" نظمنا مجموعة ورش في أماكن مختلفة.
يمكن أن يأتي الوحي/الإلهام من أي شيء. ويأتي بعد الإطالة في النظر للأشياء، ربطها مع بعضها البعض، التجارب، القراءة، العمل، المتابعة..
يمكن أن تأتي الفكرة قبل الرسم، وأحياناً مع الرسم أو أثناء الممارسة، وأحيانا تنتج من الفكرة الواحدة مجموعة أفكار. أخطط أحياناً لعمل "كاريكاتير ثابت" فيتحرك. أو أحاول أن أحرك صورة ثابتة دون جدوى. أو قد تتحول الأجزاء الصغيرة والشخصيات لأنماط متكررة، أو قصة مصورة. أيضا التكنولوجيا أو مكان العرض يلهم لطرح الفكرة أحياناً، لذلك لا يوجد لدي مسار ثابت لإنتاج الكاريكاتير.
الملهم الأول لرسام الكاريكاتير الشارع وما يدور بين الناس من أحاديث، ومهمة رسام الكاريكاتير الأولى التخفيف من معاناة الناس من خلال تقديم الواقع بجرعة من السخرية، لذلك عليه أن يكون مراقباً ومستمعاً جيداً، وأن يكون قريباً ومتابعاً لما يدور في العالم من أحداث
الاهتمام والرعاية للفنان يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه. يحتاج الفنان أو العامل في المجال الإبداعي كالكاريكاتير أو غيره لكثير من الوقت والمستلزمات لينتج ويجرب ويعيد التجربة. أعتقد بأننا بحاجة لمن يعتني بالفنان في هذه المرحلة، ويكون له دعم مادي، معنوي، ومساحة معقولة من الحرية والأمان، ليستطيع أن يستمر في ما يفعل دون ضغط أو "انفجار"، أو يستطيع أن يصل لمرحلة الإنتاج المقنع له وليس التجاري فقط.
مساحة آمنة للرسم
ما الرسائل التي تسعين إلى إيصالها؟
الكاريكاتير وسيلة لعرض "الافتقار" إلى حرية التعبير بسقفها الأعلى، فمعظم ما أطرحه أسئلة. أسئلة عن الضحايا، الظلم، المتناقضات، المجبرين على خياراتهم، قبح الإنسان إذا ما نافق، سرق أو كذب، ورغم كل ذلك ينتعش الكاريكاتير كغيره من الفنون إذا كانت هناك مساحة آمنة لطرح الأفكار، وإذا ما تطورت تربية الفرد من متلق فقط، إلى معبر "يسائل" ما يتلقاه. وأرى أن الكاريكاتير فن للدفاع و للهجوم معاً، لكن الأهم أن ريشة سارة تتحرك من الإحساس و الواقع المحيط.
- ما الشروط والمواصفات المطلوبة لخلق فنان كاريكاتير؟
الشروط يضعها الفنان لنفسه.. ويشكلها مع الوقت، لكن الممارسة والتجربة هي الرهان، وهي السبيل لإنضاج التجربة يوماً بعد يوم.