* مشكلة تشنج الفكين تتفاقم خلال السنوات العشر الأخيرة

* مشاكل الفكين تؤدي لمتاعب نفسية نتيجة صعوبات النطق وعيوب الوجه

* سماع طقطقة عند فتح الفم ينذر بوجود مشكلة

* خيارات جديدة غير جراحية لعلاج اضطرابات الفكين

أجرى الحوار - هدى حسين

قال استشاري جراحة الوجه والفكين وزراعة الأسنان د.عيسى مطر إن البحرين تحوي نسبة كبيرة ممن يعانون مشاكل واضطرابات في الفكين وخصوصاً من الأطفال، مقارنة بدول أخرى، مشيراً إلى أن مشكلة تشنج الفكين أصبحت تتفاقم خلال السنوات العشر الأخيرة.

وعزا د.مطر المشكلة إلى نوعين من الأسباب، أولهما أسباب عضوية تتسبب بإجهاد وإنهاك عضلات الفكين عند الضغط الشديد أو الفتح بصورة كبيرة عند ممارسة بعض الحركات القاسية والمتعبة للعضلات أثناء أكل الطعام اليابس أو الخشن أو العض المتواصل على الأسنان أثناء النوم (الصرير)، وثانيهما أسباب غير عضوية تشمل الإجهاد النفسي نتيجة مشاعر الإحباط والتوتر والقلق والنرفزة والعصبية والصراخ، أو الإجهاد الذهني نتيجة ضغوط أجواء المنزل أو العمل وكثرة المسؤوليات والارتباطات التي يتعذر إنجازها.

وبين د.مطر في حوار لـ"الوطن" أن من تبعات وأعراض تشنج عضلات الفكين الآلام المتكررة بمنطقة العضلات أمام الأذن وتمتد غالباً إلى الأذن والرقبة والرأس، وسماع طقطقة عند فتح أو غلق الفم، فتح أو غلق الفم مما يؤدي لصعوبة عند الأكل أو التحدث، والانزعاج وفقدان الراحة وعدم القدرة على التركيز أو النوم.

علاجات منزلية

وأوضح د.مطر أن "هناك علاجات تحفظية منزلية للمشكلة تستهدف بشكل رئيس التوقف عن مسببات تشنج العضلات وتغيير نمط الحياة من خلال القيام بممارسات تساعد على الاسترخاء والراحة وتجنب الأجواء السلبية وتخصيص وقت للمشي وممارسة الهوايات المحببة، إلى جانب تدليك العضلات المشدودة مع وضع كمادات دافئة. وقد تتطلب في بعض الحالات أخذ أدوية تساهم في استرخاء العضلات المشدودة.

وبخصوص علاقة التوتر النفسي بتشنج العضلات وآلام الفكين والوجه، قال د.مطر "هناك عدة مسببات لهذه المشكلة فقلما تكون المعاناة نتيجة سبب وحيد عند كل فرد، فالدراسات العلمية المثبتة تؤكد وجود تلازم وثيق بين نشوء وزيادة آلام واضطرابات الفكين وبين حالات التوتر والقلق والإحباط والعصبية، ويلحظ من يعانون هذه الاضطرابات تفاقم معاناتهم في الفترات المحددة التي تعقب ما يمرون به من ضغوط سلبية نتيجة حوادث قاسية أو ظروف نفسية وذهنية صعبة كما يلحظون انحسار تلك الأعراض بمجرد تجاوزهم الفترات العصيبة".

تشخيص اضطراب الفكين

وعن نسبة انتشار المرض في البحرين، لفت د.مطر إلى أن "الصعوبة تتمحور في منشأ الأعراض إذ يحتار من يصابون بها ويلجأ كثير منهم لطلب المشورة والعلاج من جهات مختلفة فيتوزعون بين القطاعين العام والخاص وبين المراكز الصحية والمستشفيات، لذلك من الصعب تحديد نسبة دقيقة لهذه الفئة. لكن بالمقارنة ببلدان أخرى يلحظ وجود نسبة كبيرة وملحوظة ممن يعانون مشاكل واضطرابات الفكين في البحرين وخصوصاً من الأطفال، ما يعكس وجود عديد من المحبطين الذين يمرون بظروف عصيبة .

ونصح د.مطر إلى "اللجوء للطبيب المختص قبل تفاقم المشكلة، وتعيين الأسباب والجدية في التخلص أو الحد منها، إضافة إلى التحلي بالإيمان والصبر لتجاوز المحن والظروف الصعبة والقناعة والرضا بما يكتبه الله، وتغيير نمط الحياة إلى نمط إيجابي يجلب الراحة والتفاؤل، وتجاوز مشاعر الإحباط والحزن وترك التشاؤم والقلق وتجنب الأجواء السلبية التي تسبب التعب النفسي والتوتر والنرفزة والعصبية، والأهم الالتزام بالعلاجات والتعليمات المناسبة التي قد تتطلب إضافة إلى ما ذكر تصحيح إطباق الأسنان وعلاج مشاكل النوم والتنفس والعلاج الطبيعي لتقوية العضلات والمساعدة في ترخيتها واستطالتها، كإبر البوتكس، وغسول منطقة المفصل، ولبس الواقي الليلي للحد من العض اللا إرادي على الأسنان".

حالات مزمنة

وأضاف د.مطر "عند تجاهل الأعراض الحادة المتكررة تتحول إلى حالة مزمنة يصعب علاجها، وفي حالات متقدمة قد تصل لتآكل في أطراف المفصل تتسبب في زيادة الآلام وصعوبة الفتح والأكل والحديث، وقد لا تنفع حينها العلاجات التحفظية بل تكون هناك حاجة لتدخل جراحي".

وأوضح أن "دسك المفصل الصدغي للفكين أحد أجزاء مفصل الفكين، يساهم في انسيابية حركة الفك السفلي عند فتح وغلق الفم، ونتيجة لما يتعرض له مفصل الفكين من إجهاد مفرط تحصل متغيرات في موقع وشكل ووظيفة الدسك مما يتسبب في اضطراب حركة الفكين وصدور الطقطقة التي قد تصاحبها آلام في منطقة المفصل وصعوبة في فتح الفم".

وعن طقطقة الفك عند الأكل والكلام، قال د.مطر إن ذلك يحدث نتيجة اضطراب في حركة ديسك المفصل الصدغي عند فتح أو غلق الفم. وهو ينذر بوجود مشكلة تتطلب مزيداً من المراعاة والحذر لتجنب تفاقمها. وفي حالة مصاحبتها بآلام أو إضرار في الوظيفة ينبغي اللجوء للطبيب المختص للتشخيص والحصول على العلاج اللازم".

معاناة نفسية

أما عن عيوب تطابق الفكين فأوضح د.مطر أنها "تنشأ نتيجة لاختلال خلقي أثناء فترة تكون الفكين فترة الحمل أو نتيجة لعوامل وراثية أو طارئة بسبب بعض العادات السلبية التي تؤدي لاختلال في علاقة الفك السفلي مع الفك العلوي وتنتج عنها معاناة في وظائف الإطباق والأكل وصعوبات في التحدث وعيوب غير مقبولة في شكل الوجه. ومن أبرز تلك العيوب تقدم أو تراجع أحد الفكين او انحراف في نمو الفك والذي يتسبب في عدم تماثل شكل الوجه، ونمو مفرط في الفك العلوي يؤدي لما يعرف بالابتسامة اللثوية. وقد يصاحب ذلك اضطرابات في وظيفة مفصل الفكين نتيجة لاختلال إطباق الأسنان".

ولفت إلى "خيارات غير جراحية للعلاج بتقنيات جديدة"، مشيراً إلى أن "التطورات المتسارعة والتقنيات الحديثة المتلاحقة في شتى المجالات شملت مجال علاجات التقويم للأسنان وتصحيح عيوب الإطباق للفكين وساهمت في توفير خيارات غير جراحية وغير تقليدية تستخدم لتصحيح بعض العيوب دون الحاجة للتدخل الجراحي. ومثال على ذلك التقنيات التي تمكن من توسعة الفك في فترة أقصر وبآلام محدودة ودون الحاجة لخلع بعض الأسنان، وهي تلائم جميع الأعمار، لكن لا بد من الخضوع للفحوصات اللازمة للتشخيص الدقيق لكل حالة والتأكد من ملائمة العلاج المستخدم لها".

ونصح د.مطر بـ"الكشف المبكر عن وجود عيوب في وظائف أو شكل الفكين والمبادرة لعرضها على الطبيب المختص ذي الخبرة الكافية في هذا المجال لتشخيصها ووضع خطة واضحة لتصحيحها، وقد تستلزم بعض الحالات التريث والسعي للحصول على استشارات إضافية قبل بدء العلاج، والصبر والجدية في الالتزام بخطة العلاج التي قد تتجاوز السنتين أحياناً"، لافتاً إلى أهمية دعم الوالدين والأقارب للمصاب بهذه المشكلة ومساعدته على استكمال العلاج وتجاوز جميع الصعوبات".

وأضاف "لا بد أن يتفهم المجتمع والمربون ما تعانيه هذه الفئة من آلام ومتاعب نفسية، تشمل صعوبات في النطق وعيوب في شكل الوجه ينشأ عنها شعور بالنقص وعدم الثقة والميل للانطواء لتجنب التعليقات أو النظرات القاسية وخصوصاً في المراحل الأولى بالمدرسة بل تستمر حتى مرحلة الجامعة".