قال النائب الأول لرئيس مجلس مفتي روسيا والإدارة الروحية للمسلمين في الاتحاد الروسي، رئيس مكتب مجلس المفتيين لروسيا، ورئيس الإدارة الروحية لمسلمي منطقة موسكو، المفتي روشان رفيقوفيتش عباسوف، إنه يحيي عالياً روح التسامح وحب الآخر التي يتحلى بها جلالة الملك المفدى، والتي تجعله صانع سلام حقيقي، مشيداً بما يبذله جلالته من جهود مباركة للنهوض بالمحبة البشرية والسلام على مستوى المنطقة والعالم، في وقت بالغ الحساسية والأهمية يشهد عدة صراعات واحداث عنف لا تحمد عقباها.

وبحث عباوسف، خلال لقائه رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد للتعايش السلمي، د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة في العاصمة الروسية موسكو، السبل الكفيلة بتقوية أطر التعاون المشترك في مجال الارتقاء بمفاهيم السلام والتسامح والتعايش السلمي، بالإضافة إلى الجوانب المضيئة في الحضارة الإسلامية والصفحات المشرقة في سجل التاريخ الإسلامي الزاخر بالمآثر والمفاخر والتي يعتز بها الجميع، خاصة فيما يتعلق بالتسامح مع غير المسلمين والإحسان إليهم، ليكون الإسلام دين الرحمة والإحسان والعدالة والإنصاف.



واستعرض د. خالد بن خليفة مع المفتي عباسوف أبرز أهداف وأنشطة مركز الملك حمد للتعايش السلمي، والمستندة على توجيهات ورؤى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، الرامية إلى جعل مملكة البحرين نموذجاً عالمياً في التعايش السلمي وحوار الحضارات والأديان، مؤكداً أن مركز الملك حمد للتعايش السلمي يسعى إلى بناء جسور متينة من التواصل البنّاء مع مختلف المؤسسات الدينية والأكاديمية والبحثية في روسيا وأوروبا بما يخدم هذا الهدف الأسمى.

وأكد الشيخ خالد خلال اللقاء، أهمية التواصل مع المسلمين في كافة أنحاء العالم، مشدداً على أن الإيمان هو الأساس في كل شيء، ومفهومه أوسع من أية مفاهيم أخرى، فالإيمان لا يعني فقط ممارسة العبادة والطقوس الدينية، إنما يتسع إلى حب الوطن والولاء له وحب الآخرين والسعي لتحقيق السلام والرخاء للبشرية، مشيراً إلى أن إعلان مملكة البحرين يرتكز في بنوده الخمسة الأساسية على هذا الجانب، ألا وهو الإيمان.

وأشاد بقيم التسامح والانسجام العرقي التي تتمتع بها العاصمة الروسية موسكو والتي تطورت في السنوات الأخيرة، خاصة وأنه أصبح مطلباً ملحاً للشعب الروسي بعد زوال الاتحاد السوفييتي الشيوعي، وتزايد حاجة الناس للرجوع إلى أديانهم ومذاهبهم، مثمناً دور مسجد موسكو الجامع، أكبر مسجد في أوروبا، في بث روح التسامح والمحبة بين كافة أبناء الشعب الروسي، كما تعدى دوره الإسلامي في تقديم دورات تعليمية للشباب وتوعيتهم بأهمية مبادئ التسامح والتعايش لحمايتهم من براثن التطرف والإرهاب.

من جانبه، استذكر المفتي عباسوف تفاصيل زيارته الأخيرة إلى مملكة البحرين وتشرفه بلقاء جلالة الملك المفدى، والذي وصفه بالتاريخي، منوهاً إلى أن زيارته توجت بتوقيع اتفاقيات تعاون في مجالات كثيرة، أبرزها تعميق الصلات والتأكيد على مبدأ التعايش والتسامح.

كما عبر سماحة المفتي عباسوف عن تقديره لمركز الملك حمد للتعايش السلمي فيما يبذله من مساعٍ دؤوبة لنشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي التي تنعم بها مملكة البحرين، الرائدة في هذا المسعى الفريد من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط.



وشكر المفتي عباسوف مملكة البحرين على حرصها بحضور مراسم افتتاح مسجد موسكو الجامع في العام 2015 بمشاركة وفد رفيع برئاسة نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد آل خليفة، والذي تم افتتاحه برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبحضور عدة رؤساء دول ونخبة من المسؤولين الحكوميين ورجال الدين.

وبين عباسوف أن روسيا تضم أكثر من 190 قومية مختلفة و 4 أديان رئيسية هي، الأرثوذكس الذين يشكلون الغالبية، ثم المسلمين، ومن ثم الأقليتين اليهودية والبوذية، لافتاً إلى أن الإسلام جاء إلى الأراضي الروسية قبل 1100 سنة عبر جمهورية تتارستان المجاورة، والتي تعتبر نموذجاً مصغراً للتعايش بين الأديان والقوميات المختلفة، حيث يلتصق بها جدار الكنيسة بالمسجد.

وأكد أن روسيا لم تشهد عبر تاريخها أي صراعات بسبب الدين أو العرق، عدا المرحلة الشيوعية التي دمرت كل الأديان ودور العبادة دون استثناء حتى سقوطها في العام 1991، ومنذ تلك اللحظة أصبحت الضرورة ملحة بالتمسك بالحريات الدينية وممارسة المعتقدات والطقوس الروحانية دون اية عوائق وبكامل الاحترام للآخر المختلف.

كما أكد أن ما يميز المسلمين في روسيا بأنهم مواطنون ـصليون وليسوا مهاجرين كما هو الحال في الغرب، لذى فهم يتمتعون بكامل حقوقهم وبعلاقات قوية وتعاون وثيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية في روسيا.



وشدد المفتي عباسوف في ختام اللقاء على ضرورة توقيع مذكرات تفاهم مع مركز الملك حمد للتعايش السلمي بمشاركة كافة أطياف الأديان في موسكو لأهداف التدريب وتبادل الخبرات والمعلومات، إضافة إلى إقامة الورش والمؤتمرات.