إن ظاهرة العنف الأسري تعتبر ظاهرة عالمية وأغلب الدول سنت القوانين لحماية كيان الأسرة من العنف، وقد أولت مملكة البحرين اهتماماً رسمياً وأهلياً بهذه الظاهرة ممثلا في السلطة التشريعية والمجلس الأعلى للمرأة وكذلك الاتحاد النسائي ومؤسسات المجتمع المدني التي قادت حملات مناهضة للعنف ضد المرأة والقيام بعمل دراسات مستفيضة لتبيان حجم هذه الظاهرة.

وخرجت هذه الدراسات والفعاليات بتوصيات مهمة بضرورة سن قانون لحماية أفراد الاسرة من العنف الاسري ، وتوجت هذه الجهود في البحرين بصدور القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري والحد من حالات العنف التي تتعرض لها المرأة من أحد أفراد الأسرة وتوفير الأمان والحماية لكيان الأسرة من التفكك الأسري وتوفير الحماية القانونية لأفراد الأسرة الذين يتعرضون للعنف وعدم إفلات المعتدي من العقاب تحت مظلة الحق الشرعي بالتأديب للزوجة أو للأولاد إذا تجاوز هذا الحق بالاعتداء الجسدي أو الجنسي أو النفسي التي لا تقرها الشرائع والقوانين والأعراف السائدة في المجتمع.

اشتملت ديباجة القانون على الاتفاقيات الدولية التي تعنى بالمرأة والطفل، التي انضمت إليها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991 بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل المعدل بالمرسوم بقانون رقم (8) لسنة 2000، وكذلك المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعدل بالقانون رقم (15) لسنة 2010، وكان الأجدر أيضًا أن تشير الديباجة أيضًا إلى الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي أصدرته الأمم المتحدة سنة 1993.

حدد القانون في المادة الأولى منه أفراد الأسرة بأنهم الزوج الزوجة من عقد شرعي أو قانوني وأبناؤهم واحفادهم ، وأبناء أحد الزوجين من زواج شرعي أو قانوني ووالد ووالدة أي من الزوجين والأخوة والأخوات لأي من الزوجين والشخص المشمول بحضانة أسرة بديلة، وبالتالي فقد استثنى القانون من أفراد الأسرة الأبناء غير الشرعيين وهو استثناء يوافق صحيح الشرع والأعراف والعادات البحرينية إذ إن هؤلاء يتم ايواؤهم في دور منفصلة ولهم قواعد وقوانين أخرى تشملهم وقد يعود هؤلاء لدمجهم في الأسرة تحت حضانة الأسرة البديلة.

كما أن القانون لم يحدد مصير الأبناء بالتبني وهذا قصور يجب أن تتم معالجته بتعديل هذه المادة بتوفيق وضع الأبناء بالتبني.عرف القانون العنف السري بأنه كل فعل من أفعال الإيذاء يقع داخل نطاق الأسرة من قبل أحد أفرادها المعتدي ضد آخر فيها المعتدى عليه وهو تعريف شامل شمل تلك الأفعال والجرائم المشمولة بالعنف ، وحدد القانون أنواع الجرائم الموجهة ضد الأسرة فعل الإيذاء الجسدي ويشمل أي اعتداء بأية وسيلة على جسم المعتدى عليه ، و فعل الإيذاء النفسي ويشمل كل فعل يؤدي إلى أضرار نفسية للمعتدى عليه بما في ذلك القذف والسب، وفعل الإيذاء الجنسي ويشتمل على قيام المعتدي تجاه المعتدى عليه بأي من الآتي: الاعتداء الجنسي أو دفع أو استغلال المعتدى عليه بأية وسيلة لإشباع رغبات المعتدي الجنسية أو بهدف تحقيق ذلك لدى الغير أو تعريض المعتدى عليه لمواد أو سلوك جنسي ومنها إجبار أي من أفراد الأسرة على مشاهدة الأفلام الإباحية أو أي مواد اباحية ، وفعل الإيذاء الاقتصادي ويشمل كل فعل يؤدي إلى حرمان المعتدى عليه من حقه أو حريته في التصرف في أمواله إضرارًا له .

وألزم القانون كلا من النيابة العامة ومراكز الشرطة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية المبلغ عن واقعة العنف الأسري وعدم الإفصاح عن اسمه وهويته، إلا إذا تطلبت الإجراءات القضائية ذلك. ووجوب الاستماع إلى الأطراف ذات العلاقة والشهود بمن فيهم الأطفال في غرف منفصلة وملائمة، بحيث تهيأ لهم الظروف للإدلاء بأقوالهم بحرية وسرية، كما اشترط أن تكون جميع الاتصالات والمراسلات والإجراءات المتعلقة بقضايا العنف الأسري بمنتهى السرية.

وأوضح القانون الإجراءات القانونية المتخذة من قبل النيابة العامة فور تلقيها البلاغ بشأن العنف الأسري، حيث يقوم أعضاء نيابة الأسرة والطفل مباشرة بإجراءات التحقيق، وذلك بتحرير محضر يتضمن بيانات تفصيلية عن الواقعة، ويتم استدعاء أطراف الدعوى على وجه السرعة للتأكد من صحة الواقعة تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية اللازمة للمعتدى عليه، في حالة توافر الخطورة من المعتدي يتم إصدار أمر الحماية بشأن إلزام المعتدي بعدم التعرض للمعتدى عليه، كما أنه يجوز إصدار قرار بشأن نقل المعتدى عليه خارج أسرته لحمايته بشرط أن يكون ذلك القرار مسبباً.