* 40 % من أهداف التنمية المستدامة تتحقق بعلوم الفضاء
* البحرين حققت إنجازات كثيرة في المجال بوقت قياسي
* واجهنا تحدي قلة الخبرات والتجهيزات وتغلبنا عليه
* الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء تبذل جهوداً جبارة لتطوير القطاع
سماهر سيف اليزل
أكدت أول بحرينية تحصل على شهادة احترافية في بناء الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية المهندسة ريم سنان شغفها بعلوم الفصاء، مؤكدة أن كلمة "المستحيل" غير موجودة في قاموسها.
وقالت سنان في حوار لـ"الوطن" إنه "رغم أن مجال الفضاء جديد نسبياً في البحرين، فإنها ما زالت من الدول القليلة التي تسعى للريادة في ميدان الفضاء، والجهود الكبيرة التي تبذل حالياً لبناء القدرات الوطنية ستثمر بلا شك عن نتائج إيجابية تعزز مكانة البحرين في هذا المجال"، مشيرة إلى أن المملكة حققت كثيراً من الإنجازات في مجال الفضاء في وقت قياسي مقارنة بدول كثيرة.
وأضافت سنان "ليس غريباً دخول المرأة البحرينية هذا المجال باعتبارها سباقة في كل ما يمكن أن يخدم المجتمع البحريني، وهي تسهم في تحقيق رؤية جلالة الملك المفدى وصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة للنهوض بالمرأة البحرينية، وممارسة حقها في بناء مستقبل البحرين".
وأشادت سنان بالتجربة التي خاضتها في روسيا واشتملت على جوانب علمية وتقنية في مجال بناء الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية بمشاركة نخبة من العلماء المتميزين على المستوى العالمي.
وكانت ريم سنان حصلت على بكالوريوس الهندسة الإلكترونية من بوليتكنك البحرين سنة 2015، والماجستير في إدارة المخاطر من جامعة ساوثهمبتون في المملكة المتحدة سنة 2017، والتحقت بالعمل في الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في 2018. وحصلت على عدة شهادات احترافية في مجالات ذات صلة بالفضاء وعلومه.
وبدأ شغف سنان بالنجوم والفضاء منذ الصغر وحلمت بأن تتخصص في مجال الفضاء وعلومه وخطت خطوتها الأولى لتكون أول بحرينية تحصل على شهادة احترافية في بناء الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية.
وفي ما يلي نص الحوار:
كيف ترين تجربتك في اجتياز دورة متقدمة في علوم الفضاء؟
كانت تجربة متميزة استفدت منها كثيراً، حيث اشتملت الدورة على عدد من الجوانب العلمية والتقنية المتطورة في مجال بناء الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية. وشارك في تقديمها نخبة من العلماء المتميزين على المستوى العالمي. وعلى هامش مشاركتي في الدورة تمكنت من تكوين علاقات وطيدة مع مجموعة من الخبراء في مجالات مرتبطة بالفضاء وعلومه المختلفة لتبادل المعارف والآراء والاقتراحات بما يسهم في تعزيز إمكانيات الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء. كما أتاحت لي هذه الدورة الاطلاع على تجارب دول رائدة في ميدان الفضاء والوقوف على أحدث التقنيات من خلال مشاركة محاضرين من هذه الدول ومن شركات ومراكز أبحاث متخصصة ذات سمعة دولية مرموقة، حيث تم طرح عدة أوراق علمية في مجال الفضاء والتطبيقات المتصلة به مثل أنظمة الدفع بالبلازما، وأنظمة المحطات الأرضية المستقبلية، وتأمين أنظمة الاتصالات الفضائية. إن ما اكتسبته من معارف من هذه المشاركة سيساعدني بلا شك في تطوير قدراتي وصقل مهاراتي لخدمة البحرين من خلال عملي ضمن فريق الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء.
كيف بدأ شغفك بالفضاء؟
منذ الصغر كان لدي شغف بالنجوم والكواكب، وأذكر جيداً أنني خلال دراستي في المرحلة الإعدادية نفذنا مشروعاً مدرسياً عن المجموعة الشمسية، ومنذ ذلك الوقت أصبحت شغوفة بالفضاء وعلومه. وعندما سنحت لي الفرصة للتقديم للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء لم أتردد في التقديم للوظيفة، وتم بحمد الله اختياري لفريق البحرين للفضاء، وكانت هي الخطوة الأولى لتحقيق حلمي منذ الصغر.
ماذا يعني دخول المرأة البحرينية هذا المجال؟ وما دلالات هذه الإضافة النوعية في مجال عمل المرأة؟
ليس من المستغرب دخول المرأة البحرينية في هذا المجال، فكعادتها كانت المرأة البحرينية سباقة في الدخول في جميع المجالات العلمية مما أسهم في بناء المجتمع البحريني وجعل منها فخراً للوطن. وهذه الإضافة في مجال عمل المرأة تأتي لتسهم في تحقيق رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وتطلعات صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، للنهوض بالمرأة البحرينية وتمكينها من ممارسة دورها في بناء بحرين المستقبل.
ما الخطوة المقبلة، وكيف ترين مستقبلك؟
مواصلة الدراسة لنيل شهادة عليا في مجال تقنيات الفضاء، لكسب مزيد من الخبرات والمهارات في مجال تصميم وبناء وتشغيل الأقمار الصناعية لتلبية احتياجات البحرين. وهذا يمثل هدفاً رئيساً للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء التي لا تدخر جهداً في سبيل بناء الكفاءات الوطنية وتمكين المرأة البحرينية في هذا المجال. بمشيئة الله وبتوفيقه سأبذل قصارى جهدي لتطوير القدرات الوطنية في مجال الفضاء لرد جزء ولو بسيط لهذا الوطن الغالي وتحقيق رؤية قيادته الرشيدة حفظها الله ورعاها.
بين الطفولة والشباب كيف تشكلت خبراتك العلمية والعملية؟
تشكلت خبراتي من خلال حبي للقراءة والاطلاع ومتابعتي المستمرة لآخر التطورات في المجال العلمي والمشاركة في ورش عمل وتنفيذ الدراسات بالتعاون مع أصحاب الخبرة في مجالات عدة، إضافة لدراستي الأكاديمية في مجال الهندسة الإلكترونية وحصولي على عدة شهادات احترافية في مجالات عدة. كل ذلك ساهم في تكوين شخصيتي وبناء خبراتي التي مهدت الدرب للانضمام للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء.
ما هو البرنامج الذي انضممت إليه ولماذا اخترته؟ وماذا أضاف لك؟
إن هذا البرنامج العالمي تم تنفيذه من قبل جامعة سانت بترسبرغ التقنية بجمهورية روسيا الاتحادية بالتعاون مع عدة دول منها إسبانيا وإيطاليا، ويحمل البرنامج اسم "تقنيات الفضاء" ويعتبر من البرامج الرائدة في هذا المجال على المستوى الدولي. ويشمل البرنامج مبادئ تصميم وبناء واختبار وتشغيل الأقمار الصناعية، ومبادئ إدارة المحطات الأرضية وآلية التواصل والاتصال مع مختلف الأقمار الصناعية، و ساهم البرنامج في إكسابي معرفة واسعة بتقنيات الفضاء المتصلة ببناء الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية وتقنيات الاتصالات الفضائية، كما كان للجزء العملي منه والزيارات الميدانية دور بارز في إثراء معرفتي بأحدث التقنيات المستخدمة حالياً من قبل مراكز الأبحاث وشركات التصنيع المتخصصة في مجال الفضاء.
ما التحديات التي تواجهك في هذا المجال؟
كون مجال الفضاء جديد نسبياً في منطقتنا، فقد كان من أبرز التحديات التي واجهناها الافتقار للخبرات والتجهيزات التقنية والبنية التحتية المساندة، ولكن مع الجهود التي تبذلها الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء وبمتابعة مستمرة من سعادة وزير المواصلات والاتصالات الوزير المعني بالرقابة والإشراف على الهيئة فإن العديد من هذه التحديات تم تجاوزها ولله الحمد.
تدربت في برنامج متقدم في تطبيقات التقنيات الفضائية، فما أهمية هذه التقنيات؟
لتقنيات الفضاء استخدامات واسعة في مختلف مجالات الحياة، من بينها ما يتعلق بالبنية التحتية والتخطيط والمساحة والبيئة والاتصالات والأمن، وعليه فإن الفضاء وتقنياته يشكل جزءاً أساسياً في الحياة المعاصرة، حتى بات يصنف جزء أساسياً من البنية التحتية للأمم المتحضرة. وأشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن 40% من أهداف التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها من دون الاعتماد على تطبيقات وتقنيات الفضاء. وحالياً جميع الدول التي تسعى لرفاه شعوبها تتوجه للاستثمار في مجال الفضاء وبناء قدراتها فيه.
زرت محطات ومقرات أرضية متقدمة على مستوى العالم، فما الذي أضافته لك هذه الزيارات؟ وما الآفاق الجديدة التي اكتشفتها؟
أتاحت لي الزيارات العلمية الميدانية فرصة التعرف على التجهيزات والأنظمة المستخدمة في ميدان الفضاء وطرق إدارة هذه المحطات والمقرات، وتشكلت لدي صورة واضحة عن الأساليب الحديثة المتبعة في هذا المجال ما سيسهم في نقلي هذه الخبرات والمعارف لخدمة البحرين.
الآفاق لا حدود لها، والمستحيل كلمة لا توجد في قاموسي، وإذا توفرت الإرادة الصادقة والعزيمة والمهارة مع مساندة من المسؤولين المعنيين، فيمكنني القول إن بالإمكان تحقيق الكثير للبحرين في مجال الفضاء. وما الدعم الذي حصلت عليه للمشاركة في هذا البرنامج إلا دليل ملموس على ذلك.
مجال الفضاء مجال صعب يحمل في طياته تحديات مختلفة وهو مجال نوعي متخصص بدأ الاهتمام به في البحرين وهو مبادرة جدية تتلاءم مع متطلبات المستقبل فأين ترين البحرين في هذا المجال وما هو موقعها مقارنة بالدول الأخرى؟
رغم أن مجال الفضاء جديد نسبياً في البحرين، فإننا ما زلنا ضمن الدول القليلة التي تسعى للريادة في ميدان الفضاء، والجهود الكبيرة التي تبذل حالياً لبناء القدرات الوطنية ستثمر بلا شك عن نتائج إيجابية تعزز مكانة البحرين في هذا المجال وتمنحها الريادة بإذن الله. فالمواطن البحريني معروف بروحه التي تتوق للتفوق وتحقيق النجاحات في مختلف الميادين، و من الجدير بالذكر أن البحرين حققت كثيراً من الإنجازات في مجال الفضاء في وقت قياسي مقارنة بدول كثيرة. كما أنها أتمت إجراءات انضمامها للمعاهدات الدولية ذات الصلة وأصبحت عضواً في مكتب الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي واعتمدت سياستها الوطنية للفضاء وخطتها الإستراتيجية للسنوات الخمس، الأمر الذي نال الإشادة من قبل الجهات الدولية ذات العلاقة بعلوم الفضاء.
كيف يمكن تعزيز المعرفة والتكنولوجيا لاستغلالها في تطوير هذا المجال بالبحرين؟
بلا شك فإن الاستثمار في العنصر البشري من خلال التعليم والتدريب يشكل السبيل الأمثل والمستدام لنقل المعرفة واكتساب المهارات اللازمة لاستغلال التقنيات الحديثة للمساهمة في تطوير قطاع الفضاء في البحرين، وهذا ما تقوم الهيئة حاليا ًكأحد أهم أهدافها الإستراتيجية، حيث يبذل د.محمد العسيري الرئيس التنفيذي للهيئة جهوداً كبيرة لتوفير فرص التعليم والتدريب لكافة منتسبي الهيئة. كما أن التحالفات الدولية مع الدول الرائدة في مجال الفضاء من خلال إبرام مذكرات التفاهم واتفاقات التعاون الثنائي تمثل أداة فعالة في تحقيق التبادل المعرفي واكتساب الخبرات وتعزيز القدرات الوطنية.