*بقلم المحامي خالد علي سلمان

إن مهمة السجون الأساسية هي الإصلاح والوقاية، إلا أن هناك من يرى أن مؤسسة السجن لم تستطع القيام بمهمتها الرئيسة التي أنشئت من أجلها ألا وهي الحد من الجريمة والإدماج الاجتماعي للنزلاء والمنحرفين في المجتمع.

حيث يرجح الكثير من المهتمين بشؤون الإصلاح والعقاب، أن نسب العود المرتفعة للجريمة بين المفرج عنهم والمنتهية محكوميتهم تعتبر مؤشرات على فشل البرامج الإصلاحية داخل السجون.

هذا إلى جانب الآثار السلبية التي تنتج عن السجون وذلك نظراً للعبء الذي يوضع على الدولة نظراً لإرهاق ميزانيتها في إنشاء السجون والوقوف على جاهزيتها لاستقبال المحكوم عليهم، وكذلك الضرر الواقع على المحكوم عليهم من إفساد لهم وتعطيل إنتاجهم وقتل شعورهم بالمسؤولية نحو مجتمعهم وغيرها، وهو ما جعل البشرية تسارع في البحث عن أساليب جديدة وعن عقوبات بديلة لتلك العقوبات السالبة للحرية.

وقد ظهرت العديد من الاتجاهات التي نادت بتطبيق تلك العقوبات البديلة التي تهدف إلى إعادة دمج المجرم في مجتمعه والعمل على إصلاحه من خلال مجموعة من الخطط والأساليب الإصلاحية والتثقيفية والتوعوية التي من شأنها أن تهيئ المجرم نفسياً وأخلاقياً للعودة لمجتمعه، بحيث تتطلب هذه العقوبات تخطي حدود السجن وتفتح باب الإصلاح على المجتمع ذاته وتعمل على كسر طوق العزلة التي فرضت على السجون، مما جعلها تفرز الكثير من السلبيات بدلاً من تحقيق الإصلاح.

وهو الأمر الذي عزز أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحرية الشخصية، وهو حق محمي بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وكذلك حثت على ذلك التشريعات في مملكة البحرين وأولها دستور مملكة البحرين.

أما تقييد حرية الأفراد والحبس الاعتيادي النمطي فهو لا يكون إلا كملاذ أخير وبشروط مرتبطة بالضرورة والتناسب مع المصلحة المشروعة.

فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يؤكد في المادة (9/1) منه على أنه "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً"، وفي المادة (10/1) يوجب أن "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة المتأصلة في الشخص الإنساني".

كما أن اتفاقية حقوق الطفل في المادة (37/ب) منها تنص على أنه: "لا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية. ويجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقاً للقانون، ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة".

ومن ثم فإنه يتضح من النصوص القانونية المذكورة أعلاه بأن السياسة العقابية بمملكة البحرين بنيت على قواعد احترام حقوق الإنسان ومراعاة الظروف الفردية لكل معاقب ومتابعة أحواله الصحية والنفسية والاجتماعية.