مريم بوجيري

تراجعت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية النيابية عن نيتها التقدم بمشروع قانون يقنن الدين العام، بعد نجاح برنامج التوازن المالي في الحد من الدين العام.

وقال نائب رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب أحمد العامر، إن اللجنة لا تمتلك أي نية في الوقت الحالي لوضع قانون لتحديد السقف، معتبراً أن ما تم الاتفاق عليه بعد إقرار برنامج التوازن المالي والميزانية العامة للدولة مع الجانب الحكومي يقضي بعدم أخذ الدولة دين جديد على عاتقها، ليبدأ الدين العام بالانخفاض التدريجي.

ويرى العامر عدم أهمية تحديد سقف للدين العام كونه يقيد الحكومة في الإنفاق خصوصاً في الوقت الحالي نظراً لحالة الركود الاقتصادي العالمي إلى جانب الظروف غير المستقرة، معتبراًَ أن التوازن المالي يغني في الوقت الحالي عن تحديد السقف.

إلى ذلك اتفق عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب محمود البحراني مع سابقه في عدم الحاجة لوضع تشريع يحدد سقف الدين العام بعد نجاح برنامج التوازن المالي.

وقال البحراني: "تراجعت اللجنة المالية عن نيتها وضع اقتراح قانون لتحديد سقف للدين العام، بعد أن كانت اللجنة تعتزم وضع قانون يحد السقف العام للدين العام استجابة لتوصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية، إلا أن الإنجازات التي حققها برنامج التوازن المالي وخفضه للدين العام سيغني عن وضع تشريع يحد حجم الدين العام ". لافتاً إلى أن أغلب دول العالم لا تحدد سقفاً للدين العام رغم وجود العجز في الميزانية العامة.

وأضاف: "إن وضع سقف للدين العام سيعيق التحركات المالية للمملكة، والبديل الأفضل هو مراقبة المصروفات والأداء الحكومي وأن تكون الاستدانة وفق وفق ضوابط ومعايير محددة".

وكان تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية أوصى في أكثر من تقرير وكرر التوصية في تقريره الأخير بضرورة وضع قانون يحد الدين العام.

مبيناً ارتفاع الدين العام في الفترة من 2013 إلى 2015، حيث ارتفع رصيد الدين العام من 5.4 مليار دينار في 2013 إلى 10.7 مليار في2017 .

كما ارتفعت نسبة إجمالي الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 43% في 2013 إلى 83% في 2017، ولفت إلى أن تسارع نمو الدين العام مقابل الارتفاع الطفيف في نمو الناتج المحلي الإجمالي يحد من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية في المستقبل.

وأشار التقرير إلى أن عدم وجود قانون خاص وشامل ينظم جميع الجوانب المتعلقة بإدارة الدين العام يتضمن السياسات والضوابط والإجراءات التي تحدد وتحكم مفهومه وحجم الاقتراض وأدواته والاستخدامات، أدى لغياب تعريف واضح لمفهوم الدين العام يبين عناصره ومكوناته بدقة، والجهات التي تدخل ديونها في نطاق هذا الدين، خاصة وأن بعض الجهات والشركات الحكومية قامت بالاقتراض المباشر من الصناديق الخارجية دون أن يتم إدراج ديونها ضمن رصيد الدين العام المسجل بوزارة المالية، الأمر الذي لا يعكس الصورة الحقيقية لحجم الدين العام والالتزامات المترتبة على ذلك مستقبلاً، إلى جانب عدم تحديد سقف قانوني لإجمالي الدين العام والذي يكون على أساس نسبة مقبولة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أوصى تقرير الرقابة بوضع خطة استراتيجية شاملة لإصلاح الوضع المالي للدولة يتم تنفيذها وفق جدول زمني محدد، تساهم بشكل أكثر فاعلية في تنمية إيرادات الدولة غير النفطية وخفض مصروفاتها وبالتالي تؤدي إلى خفض الدين العام والمحافظة عليه عند مستويات مقبولة، إلى جانب إصدار قانون للدين العام ينظم جميع الجوانب المتعلقة به بما في ذلك السياسات والضوابط والإجراءات المنظمة له، وذلك لإحكام الرقابة عليه وضمان إدارته على أسس قانونية واقتصادية وتنظيمية سليمة.

وأكد الديوان على ضرورة إعداد خطة استراتيجية شاملة لإصلاح الوضع، بحيث يتم مراجعة وتقييم السياسات والإجراءات، وقياس مدى فعاليتها بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى بالدولة، ووضعها ضمن إطار خطة استراتيجية واضحه تساهم في تنمية الإيرادات غير النفطية، وخفض المصروفات وبالتالي خفض الدين العام إلى مستويات مقبولة، لإصلاح الوضع المالي الحالي للدولة، إلى جانب أهمية وجود قانون للدين العام ينظم ويحدد بشكل واضح جميع الجوانب القانونية والتنظيمية المتعلقة به ودور اختصاصات الجهات المعنية به بالدولة، وبالتالي فإنه يتعين على وزارة المالية متابعة التنسيق مع السلطة التشريعية بشأن إصدار القانون.

وكان الدين العام ثبت عند مستوى نحو 11.5 مليار دينار منذ نوفمبر 2018، فيما انخفض إلى 11.3 مليار دينار ابتداء من مايو الماضي في خطوة لتعزيز برنامج التوازن المالي عن طريق تقليل الدين العام.

يشار أن مجلس 2014 طرح تحديد سقف للدين العام بنسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي، بحيث تلزم الحكومة باتخاذ إجراءات حال وصول الدين العام إلى 40% من الناتج المحلي لمنع وصول الرصيد إلى 60% على أن ترصد في الميزانية المبالغ الكافية للوفاء بتقديرات الفوائد وأقساط القروض، كما ويلزم مشروع القانون الحكومة بالاقتراض بقانون مسبق بعد التحقق من الحاجة للاقتراض ووجود أسبابه التي حددها القانون أو أقرها مجلس الوزراء، في حين أعيد المشروع لمزيد من الدراسة في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الماضي.

وكانت الحكومة أعلنت من خلال اللجنة الوزارية لشؤون المالية وضبط الإنفاق عن إطلاق مبادرات برنامج التوازن المالي مطلع أكتوبر العام الماضي، وذلك بعد توقيع المملكة الترتيبات الإطارية للتعاون المالي بشأن برنامج التوازن المالي في مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ودولة الكويت الشقيقة والتي سيتم بموجبها دعم وتمويل برنامج التوازن المالي الذي سيمتد حتى عام 2022.

ووفقاً لبرنامج التوازن المالي فإن الحكومة بدأت بتنفيذ برنامج مالي هدفه الأساسي إعادة هيكلة الموازنة العامة حيث تم تنفيذ حزمة من المبادرات لرفع جودة الخدمات المقدمة وتعزيز كفاءة وحوكمة الإنفاق في الحكومة مع مراعاة مكتسبات المواطنين وخفض المصروفات وزيادة الإيرادات لتحقيق نقطة التوازن بين المصروفات والإيرادات في الميزانية العامة مع نهاية عام 2022، ومن ضمن مبادرات البرنامج، إعادة هندسة 28 خدمة حكومية ضمن برنامج "هندرة" مثل الأنظمة المتعلقة بالخدمة الحكومية لقطاعات التعليم والمواصلات والتسجيل العقاري بهدف تسهيل الإجراءات والإسراع في تقديم الخدمات، إلى جانب إطلاق برنامج لتقييم مراكز الخدمة إلكترونياً للارتقاء بعمل تلك المراكز وتحقيق أعلى مستويات الرضا للعملاء، من خلال معايير تقييم صارمة يتم على أساسها تصنيف تلك المراكز ونشر نتائج التقييم بهدف رفع مستوى الخدمة ونشر ثقافة خدمة العملاء.