ريانة النهام



روائية كويتية تمكنت من أن تضع لها بصمة في عالم الأدب ورغم منع بعض مؤلفاتها بالتدوال من قبل الرقابة الكويتية إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمامها أو مؤثرا على طريقها، في حوار خاص مع "الوطن" أكدت لنا الروائية الكويتية بثينى العيسى أن المجتمع الكويتي يعيش ربيعه الثقافي والرقابة لا تعد سوى "نشاز" لا يختزل المشهد الكامل.

في حديث عن بدايتها قالت بثينة إنها دخلت كلية الطب بحكم توجيهها إلى التخصصات العلمية خلال الدراسة في المرحلة الثانوية في فترة مبكرة وهذا مايتخذه النظام غالباً إذ لاحظ أن علامات الطالب مرتفعة في مواد العلوم الرياضيات فيتم تصنيفه لكلية الطب.



الشغف والميول

وتكمل:" بعد أن دخلت الكلية اكتشفت أن هذه ليست ميولي فكونك تستطيع أن تحرز علامات مرتفعة في مادة معينة لا يعني بالضرورة أن تكون شغوفاً بها ولا يشترط أن تحدد مسار حياتك حسب علاماتك بل بنائها على شغفك وميولك فقررت حينها أن أغير تخصصي وانتقل إلى إدارة الأعمال لأني أعتقدت حينها أن التخصص فيه من المرونة الكافية بحيث أني استطيع أن أحافظ على شغفي بالأدب وفي الوقت ذاته تكون لدي القدرة على أن أجد وظيفة مناسبة في عدة خيارات، وهذا فعلاً ما حصل عملت في وزارتين حكوميتين، وحصلت على شهادة الماجسيتر لكن في النهاية وصلت إلى مرحلة التفرغ التام للأدب واستثمرت معرفتي وتخصصي إدارة الأعمال في فتح مكتبة "تكوين"".

وأكدت أنها لا تملك أي طقوس عند الكتابة ولا تضع لنفسها قيودا عند كتابة أي فكرة، وتتابع:"ربما الأمر الوحيد المحضور عندي هو المحظور فنيًا أي ما يكون مقحمًا على الناس أو يكون دخيلا أو لا ينتمي إلى عالم الرواية بمعنى أن يكون خللا فنيا في الكتابة، هذا فقط ما يمكن أن أحرمه على نفسي لكن إذا كانت هذه التابوهات ذكرها ضرورة داخل العمل فأنا بالتأكيد سأكتب العمل كما ينبغي أن يكتب ولن يكون لهذه المحظورات أي اعتبار حينها لأنها شرط أساسي في تكوين النص ووجودها أساسي".



محاكاة الواقع

وبينت أن هناك العديد من النماذج ولكل منهم قصته الخاصة للانتشار، فالبعض تساعده الجوائز على ذلك، وهناك من يساعده حضوره في مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض يساعده تاريخه وترى أنه لا يوجد أمر معين ممكن للكتاب الاعتماد عليه للانتشار.



وعن ما إذا كانت روايتها تجسيداً لواقع المجتمع الكويتي قالت:" الرواية تحاكي الواقع لكنها لا تعكس الواقع 100% فهي ليست مرأة، إنما هي تعمل على تطور هذا الواقع فهي تنطلق منه وإليه تعود".

تأسيس تكوين

وعن بداية تأسيس مكتبة "تكوين" التي تختص في تقديم الدوارات والورش والندوات قالت العيسى:" في البداية كان لدينا حساب على الانستغرام وهو متخصص في كل ما يتعلق بالكتابة الإبداعية وكان هدفي هو أن أنقل تجربة الكتاب ومايقوله الكُتاب عن الكتابة، والهدف أن نصبح أكثر ثقة بما نكتب وأقل حيرة وأقل تردد وأن نفهم الأمر من أكثر من منظور ومن خلال أكثر من تجربة".



وتتابع:" بعد ذلك قدمنا ورش عمل تتعلق بالكتابة فأصبح لدينا القدرة على أن ننضج الفكرة أكثر لتكوين منصة للكتابة الإبداعية وأن نكرس جهودًا في هذا المشروع من أجل صقل الأدوات التعبيرية، لكن فكرة المكتبة تكونت لاحقًا بعد تأسيس "تكوين" بثلاث سنوات تأسست المكتبة، أولًا لأننا أدركنا أننا لا نستطيع أن نتحدث عن صناعة الكاتب بدون أن نتحدث عن صناعة القارى، طالما أنني فقط أتحدث عن أدوات كتابة ولا أتحدث عن رصيد قرائي فكل الحديث ليس له أي معنى فالموضوع كان مبتورًا أو ناقصًا وكنا بحاجة إلى أن نكمله، والأمر الآخر هو أن المكتبة هي التي أمنت الدخل لمنصة الكتابة الإبداعية لأن من خلال بيع الكتب نستطيع أن نوجد هذا المكان الذي بصفته منصه للفعاليات الثقافية ومحترف للكتابة الإبداعية، فالكتب هي التي أعطت المشروع استقراراً مالياً بحيث نستطيع أن نستمر في الفعاليات بوجود شق تجاري".

وعن ما إذا كانت "تكوين" ستفتح فروعاً في دول أخرى قالت إن مسألة التوسع قرار تجاري وليس قرار ثقافي بالدرجة الأولى، فالأمر يعتمد على ميزانيات وسيولة المكتبة وهم لازالوا في البداية، وتضيف:" لكن من المؤكد أنني أتمنى فتح فرع لـ"تكوين" في كل مدينة عربية لكن ليس في الوقت القريب فنحن مكتب صغرى فتحت بميزانية محدودة، جزء كبير منها يعتمد على التطوعية، فلا يمكن أن يتم استنساخ التجربة من مدينة إلى مدينة بهذه السهولة".



لا خوف من المنع

من جهة أخرى تطرقنا في الحديث مع الروائية الكويتية عن ظاهرة منع الكتب في الكويت والتي غالباً ما تثير الجدل، وبينت العيسى أن منع الكتب لا يؤثر عليهم ككتاب كويتين إنما على العكس.



وتكمل:" نحن الأن نكتب على أساس أن الكتاب ممنوع فنكتب كل مالدينا ولا يوجد ما نخسره، لأنهم تطرفوا في عملية المنع فماعاد الكاتب يحسب حساب الخوف من منع كتابه، وأصبح الوضع أن الكتاب سيمنع سيمنع فسأكتب كل ما لدي فلا توجد لدي أي مشكلة".

ولفتت إلى أن سبب منع الكتب له شقين الأول تشريعي، وتضيف:" نحن لدينا مشكلة في قانون المطبوعات وهو نظام الرقابة المسبقة الذي يمكن أشخاص غير متخصصين في قراءة كتب الأدب والفكر والفلسفة من تقيم هذه الكتب والبت في شأنها وصلاحيتها للقراءة وهذا بذاته كارثة!".



وتتابع:" الجانب الآخر هو الجانب التنفيذي، فتم تسييس عملية إجازة ومنع الكتب في الكويت لكونه بسهولة يتحول الأمر إلى استجواب فبتالي الوزارة ترزح تحت ضغط شديد من التيارات المحافظة ومن المجتمع أحيانًا بأنه كيف يسمح لمثل هذا الكتاب في التداول في المجتمع وكل هذه الأمور، فأصبح أكثر إلى ميل منع الكتب من إيجازها".

وقالت أنها لا تعتقد أن هذا الأمر سيؤثر على مستوى الرواية الكويتية فأغلب الكتاب ينشرون في بيروت ولا يعتمدون عليهم، وترى أن الكويت اليوم لا تعيش إنغلاق فكري بل على العكس هي تعيش ربيعها الثقافي لولا الرقابة لكونها هي "النشاز".



وتضيف:" فعلى مستوى المكتبات والفعاليات الثقافية في اليوم الواحد لدينا أكثر من فعالية ثقافية تتراوح من 4 إلى 5 فعاليات، الفرد يحتار إلى أي منها يذهب، كما يوجد في الكويت حراك ثقافي رهيب فالكاتب الكويتي وصل لمرحلة النجومية وتمكن من تحقيقها والانتشار على مستوى الوطن العربي، كما أن ورش القراءة في حالة انتعاش، حتى رغم منع الكتب 4 أو 5 مكتبات فتحت في السنوات الأخيرة، ويوجد حرص من قبل الناس على اغتناء الكتاب الممنوع وهي حالة مقاومة، والساحة الثقافية في الكويت تعيش سنواتها الذهبية لكن الرقابة هي مجرد "نشاز" في المشهد ولا تختزل المشهد".

الرواية العربية والأدب المترجم

وعن رأيها في مستوى الرواية العربية قالت إن أغلب قرائتها أدب مترجم ولا تفضل أن تضع قبعة القاضي وتمارس إطلاق الأحكام، وتضيف:" لكن من قراءات القليلة أجد أن هناك الكثير من الجرأة والتجريب وهناك اهتمام بالموضوع وليس بالشكل فقط، وهناك تجارب ترفع لها القبعة"، وذكرت أنها ستصدر رواية قريبة في معرض الكويت القادم للكتاب.



وعن ما إذ كان يملك الكاتب في الوطن العربي حرية إبداع أم يعد مقيد بأدوار محددة قالت:" خيار الحرية شخصي بالدرجة الأولى، وإن كنا سننتظر من مؤسسات الدولة أن تمنحنا الموافق أو الأذن بأن نكون أحرار، فنحن لن نكون أحرارًا، وحتى لو جاءت المؤسسات واعطتنا الأذن سنبقى طوال حياتنا في حالة عبودية ذهنية، أنا اعتقد أن الحرية هي خيار الفرد بغض النظر عن التشريعات وعن مستوى الرقابة والنظام السياسي الموجود، فأنت أم أن تكون حر في داخلك أو لا تكون".