تشهد مملكة البحرين حركة استعدادات مكثفة لاستقبال نحو 145 ألف طالب وطالبة ينتظر أن تحفل بهم أروقة وساحات 202 مدرسة تتوزع في كافة أرجاء البلاد، ووجهت الأجهزة المختلفة دعواتها لأخذ الاحتياطات اللازمة لضمان كفاءة وفاعلية بدء العام الدراسي الجديد 2019 – 2020 فور إطلاقه، مع التأكيد على ضرورة انسيابية العملية التعليمية وسلامة طلاب المدارس.

وكانت وزارة التربية والتعليم قد أكدت أن جهودها لاستقبال العام الدراسي الجديد بدأت مع نهاية العام الدراسي الفائت، سيما مع تدشين عدة مدارس ومبان أكاديمية وفصول دراسية جديدة، وتنفيذ خطط إخلاء كلي وجزئي لمدارس أخرى، وتوفير البدائل المناسبة لاستيعاب الطلبة المحولين، وتأمين الخدمات والمرافق المساندة للعملية التعليمية برمتها.

واستكملت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني برنامجها الدوري الشامل لصيانة مرافق المدارس الحكومية في شتى أنحاء المملكة، وذلك وفق الخطة والبرنامج الزمني المتفق عليهما، لتكون جاهزة لاستقبال الطلاب بمختلف مراحلهم والهيئتين الإدارية والتعليمية وبما يدعم الاحتياجات المختلفة للمنشآت التعليمية ويضمن استمراريتها في القيام بأدوارها التنموية المنشودة.

كما أولت وزارة الداخلية اهتماماً كبيراً بخطط تأمين سلامة الطلاب وحركة سير المركبات والمرور بالقرب من المدارس ومحيطها، وتم تنظيم عدد من المحاضرات لأفراد شرطة خدمة المجتمع وسواق الحافلات وحراس المدارس الموكول إليهم مهام تنظيم الانسيابية المرورية وحركة الطلاب وذويهم، سيما أن المناطق التعليمية المختلفة تشهد تنقلات وتجمعات مكثفة تستوجب الوعي والإرشاد المروري.

من جهتها، أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية استعداد وتجهيز كافة دور ومراكز الوزارة التأهيلية الأكاديمية والمهنية لاستقبال طلابها مع بدء العام الدراسي الجديد، وهي المراكز التي توجه جل نشاطها لإدماج ذوي العزيمة في عملية النهضة التنموية الشاملة، وبما يضمن الاستفادة من قدراتهم، وإلحاقهم بالتالي بسوق العمل المناسبة، الأمر الذي يتوافق مع جهود وزارة التربية والتعليم لإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة القابلين للتعلم والمدمجين في المدارس الحكومية.

وتأتي هذه الجهود المتكاملة والمتزامنة مع انطلاق العام الدراسي الجديد في إطار الشراكة بين أجهزة الدولة المختلفة، التي دأبت على تطبيق أفضل الاستراتيجيات لتأمين الخدمات الضرورية لجميع فئات المجتمع ورفع مستوى انسيابية الحركة المرورية ومن ثم حماية البيئة المدرسية وتحسين جودة العملية التعليمية بها والحفاظ على سلامة الطلاب ومرتادي محيط المدارس بمختلف شرائحهم.

يشار إلى أن المسيرة التعليمية في مملكة البحرين تشهد تطوراً كبيراً في ظل الرعاية الكبيرة التي يوليها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.

وكانت المملكة قد احتفلت في يونيو 2019 بمرور 100 عام على بدء التعليم النظامي بالبلاد، والذي جسد حقيقة مهمة كانت وما زالت عنواناً لحركة النهضة الحضارية الشاملة في المملكة، وهي أن الاستثمار في رأس المال البشري مثل أولوية قصوى وذات ارتباط حيوي بالتنمية بمفهومها الشامل، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في ضمان توفير مستوى تعليمي جيد ـ مجاني وإلزامي ـ للبنين والبنات في مراحل التعليم الأساسي المختلفة.

وأتاحت التجربة البحرينية الرائدة في مجال التعليم فرصاً متكافئة لتنمية مواهب الكوادر الوطنية المختلفة واستثمار قدراتهم في مواقع عملية التنمية كافة، وهو ما يمكن ملاحظته بالنظر إلى أكثر من مؤشر، أبرزها أن التعليم يحتل أولوية أولى في سياسات الحكومة، وأن نسب التسرب من التعليم لا تزيد عن 0.04%، وأن نسبة الأمية لدى الكبار لا تتجاوز 2.46%، وقد سعت الخطط والبرامج الموضوعة لتوسيع هامش الاستفادة من مخرجات العملية التعليمية، وبما يضمن رفع مساهماتها في حركة التنمية.

ويبرز أن العام الدراسي الجديد 2019 - 2020 سيستقبل 12 ألف مستجد في الصف الأول ابتدائي، وبلغ عدد الملتحقين من ذكور وإناث بمرحلتي الحضانة والروضة عام 2017 ـ 2018 نحو 38801 طفل، وتبلغ نسبة الالتحاق في رياض الأطفال 82% بحسب التقارير الدولية المعروفة، في حين أن عدد طلاب المرحلة الابتدائية بلغ 113031 طالباً في المدارس الحكومية والخاصة عام 2017 - 2018، أما طلاب المرحلة الإعدادية فقد بلغوا 51903 طلاب، وكذلك طلاب المرحلة الثانوية "العام والفني" وصلوا إلى 42653 طالباً، وبذلك نجحت البحرين في توفير مجانية وإلزامية التعليم الأساسي وبنسبة التحاق بلغت للمرحلتين الأساسية والثانوية 100% و86.4% على التوالي قاضية بذلك على الأمية.

وترافق ذلك مع زيادة في عدد المنشآت التعليمية الابتدائية منها والإعدادية والثانوية، فضلاً عن المعاهد الدينية، حيث زادت المدارس الحكومية إلى 212 مدرسة عام 2017 – 2018، وكذلك مؤسسات التعليم غير الحكومي إلى 265 مؤسسة، وضمت الأولى ما مجموعه 14139 من أعضاء الهيئة التعليمية، بينما ضمت الثانية 8088 عضواً عام 2017 – 2018.

ووفرت المملكة برامج خاصة للفئات الراغبة في تعويض ما فاتهم من التعليم، حيث تستوعب برامج التعليم المستمر نحو 4417 طالباً عام 2017 – 2018، في حين بلغ عدد الطلبة في برامج التعليم بعد الثانوي ـ دون التعليم العالي ـ والموجه للفئات الراغبة في تطوير مساراتهم المهنية وخبراتهم العلمية في نفس العام 14921 طالباً.

أما طلاب التعليم العالي الجامعي وما فوق، فيربو على 42 ألف طالب وطالبة بحسب بعض التقارير مع وجود نحو 14 مؤسسة تعليم عال حكومية وخاصة تتقدمهم جامعة البحرين التي أعلنت مؤخرا نتائج القبول ببرامجها للمرحلة الجامعية الأولى "البكالوريوس والدبلوم المشارك" للعام الجامعي 2019 / 2020، حيث بلغ عدد المتقدمين ما يزيد عن 9 آلاف طالب وطالبة.

واحتفى المجتمع الدولي بالجهود البحرينية الكبيرة في مجال التعليم، فإضافة إلى اختيار مملكة البحرين كموطن للاستثمار وريادة الأعمال بفضل كوادرها الوطنية المؤهلة، فقد حصلت المملكة على المرتبة الأولى عربياً والثالثة على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر التعليم بعد أن كانت في المركز الرابع بين دول الشرق الأوسط بحسب تقرير مجموعة بوسطن الاستشارية عام 2019 و2018 على التوالي.

كما تشغل المملكة المركز 38 دولياً بحسب تقرير التعليم للجميع الصادر عن منظمة اليونسكو، ونالت جامعة البحرين المركز الأول محلياً و213 عالمياً على مقياس مؤسسة التايمز للتعليم العالي، و25 عربياً بحسب التصنيف الصادر عن مركز تصنيف الجامعات العالمي.