هدى حسين
رجل أعمال عصامي بدأ من الصفر، وصار بعد رحلة كفاح واحداً من أنجح رجال التجارة.
جميل حسين إبراهيم آل عباس، عضو في غرفة صناعة وتجارة البحرين وصاحب شركة "مجموعة الجميل للمقاولات". رجل شديد التواضع، يؤمن بمبدأ "من تواضع لله رفعه".. تشكل قصة نجاحه نموذجاً للشباب الطموح المعتمد على ساعده.
ولد جميل آل عباس في 26 سبتمبر 1972، من أسرة بسيطة في قرية المعامير، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، متزوج وله أبناء، من هواياته الشعر والقراءة و الاهتمام بالزراعة وتربية الحيوانات والطيور.
بدأ البيع في سن 11 سنة ويدير الآن شركة ناجحة، اعتمد على ساعده ودخل عالم التجارة بخطوات متأنية. بدأ ببيع الباجلة والنخي وهو صبي.. مر بمحطات كثيرة منها بيع السمك وتخليص المعاملات وصولاً إلى ما أسماه "الفوز العظيم".
عن هذه المسيرة الكفاحية يقول جميل آل عباس "بدايتي كانت جميلة، كنت في الحادية عشرة من عمري أخبئ المال الذي يعطيني إياه أبي للمدرسة، وأذهب لشراء اللوبا أو الباجلا أو النخج، وأطلب من أمي أن تطبخه وتضعه لي في صفرية كبيرة أضعها على عربة مصنوعة من خشب مع ملاعق وصحون. وأجلس في إحدى الزوايا في السوق وأبيعها للأطفال والكبار بـ50 أو 100 فلس".
ويضيف "في سنة 1990، كنت أعمل صباحاً في مصنع الزيرة، وعصراً أركب النقل العام وأذهب إلى المنامة لشراء العطورات، فأبيعها للناس وأدخل مجالس الكبار وأبيعهم. كنت أجمع المال وأشتري بعض الأشياء لأتاجر بها، وتعلمت كيفية خلط العطور، فصرت أختار أسماء لها وأبيعها. كان هناك إقبال كبير على عطوراتي. كنت أشتريها بـ100 فلس وأبيعها بـ500 فلس".
السفر للعمل
وعن ظروف التكوين والتشكل، يقول آل عباس "في 1991 عملت في "المحرقة" في عسكر، كنت أخرج من الساعة الخامسة صباحاً حتى السادسة مساء، استمررت في العمل سنتين تقريباً، وكنت أثناء عملي أجمع الحديد وعلب البيبسي وأبيعها لتجميع أموالها. وفي هذه الفترة عملت أيضاً في شركة تنظيفات، وكنت استلم 75 ديناراً".
ويتابع "في سنة 1996 كانت تراودني فكرة الهجرة من البحرين والعمل خارجاً. كنا 7 شباب أصدقاء اتفقنا ذات يوم على السفر إلى دبي. رغم صغر سننا كنا نتمتع برجولة وحماس شبابي وطموح وتحمل للمسؤولية. عملنا في دبي 4 أشهر. رجعت إلى البحرين فترة قصيرة، ثم عدت إلى دبي وعملت 6 أشهر ثم قدمت استقالتي ورجعت نهائياً إلى البحرين، وصرت أعمل بصيد الأسماك".
محطة جديدة يتحدث عنها آل عباس "في سنة 1997، عملت في شركة ألمانية بالسعودية 7 شهور وكان عملي في منطقة نائية تبعد عن جدة 3 ساعات، ولا يوجد فيها اتصالات. كنت أذهب إلى جدة للاتصال بأهلي والاطمئنان عليهم وكان راتبي 300 دينار، وفي تلك الفترة كنت "غنياً" بالحصول على هذا الراتب. رجعت إلى البحرين بعد 7 أشهر وصرت أعمل مع شركة لتخليص المعاملات الحكومية براتب 75 ديناراً. عملت بهدف دراسة العمل وأخذ الخبرة لا غير، كنت آخذ دفتراً وقلماً وأدون فيه كل شيء، لأني كنت أريد العمل بمفردي. استمررت في العمل سنة ونصف. بعدها أخذت قراراً في 1999 بأن أعمل وحدي. واشتغلت في تخليص المعاملات للشركات من غير مكتب وكان دخلي 250 ديناراً تقريباً".
مكتب الفوز
يواصل آل عباس سرد رحلته بالقول "افتتحت مكتب الفوز لتخليص المعاملات وكان شريكي ابن اخي فوزي عبدالله آل عباس. كثيرون كانوا يعتقدون بأن المكتب على اسم شريكي، لكن الاسم جاء نسبة للآية "وذلك الفوز العظيم". وبدأنا بطاولة وكرسي ومكتب. وإذا جاء زبون لفوزي كنت أعد لهما الشاي وإذا جاءني زبون كان فوزي يعد لنا الشاي. وكان عندنا سيارة واحدة نستخدمها كلانا. يوصلني فوزي إلى الجوازات ويرجع إلى وزارة العمل، فأتنقل بين الوزارات مشياً. ثم صار المكتب من المكاتب الأولى في البحرين يضم 12 موظفاً ومخلصاً، وكان المكتب يشتغل بحماس من غير توقف، خلية نحل، ومازال موجوداً يديره فوزي".
لا تيأسوا
ويضيف آل عباس "افتحت مشاريع ثانية في المواد الغذائية وفشلت فيها. واتجهت إلى أعمال المقاولات، وخسرت خسائر فادحة مرتين وفشلت، لم أندم لأن الخسارة طورتني، وفهمت الشغل جيداً، درست العيوب وحاولت أن أتفاداها. وفي المرة الثالثة 2010 أعدت فتح سجل المقاولات من جديد، وبعد كثير من العمل نجحت".
وعن رضاه عما وصل إليه، يقول جميل "مازلت غير راض عن نفسي. عندي أهداف وطموحات كثيرة، وأفكر في المجال الطبي مستقبلاً".
وفي رسالة يوجهها للشباب يقول: "نصيحتي للشباب ألا يدخل اليأس إلى نفوسهم مهما وصلوا إلى مرحلة صعبة، فرب العالمين يجعل لك مخرجاً، وألا يتكلوا على الغير. فجيلنا نحن جيل السبعينات كنا كادحين ومازلنا نكدح. فمن قبل لم يكن عندنا علاوة الغلاء والإسكان وغيرها وكنا نكدح ونصنع أنفسنا ونعيش".