ياسمين العقيدات

بني جمرة من أكثر المناطق شهرة بصناعة النسيج في البحرين، إذ كانت تجمع أكثر من 50 مصنع نسيج ومع التوسع العمراني والتطور لم يبق منها إلا مصنع واحد فقط هو "مصنع بني جمرة للنسيج ". وبدخول هذا المصنع الصغير يجد المرء غرفةً يقع في منتصفها آلة قديمة لصناعة النسيج يجلس أمامها الحاج محمد صالح عبدالرضى يحيك النسيج فيها ويحيطه عدد من كبار السن يأتون إلى زيارة هذا المكان منذ زمن بعيد للتسامر وتسلية الحاج و أولاده أثناء العمل، فيما يتزين الجدار بصور معلقة لأحد الاجداد يعمل خلف الآلة بينما وبجوارها عملة دينار كبيرة تبين أن مهنة النسيج كانت مرسومة على العملة البحرينية.

الحاج محمد صالح عبدالرضى قضى حياته خلف الآلة التي يصل عمرها إلى أكثر من 70 سنة. ويقول لـ"سوالف" "ورثت هذه المهنة من أجدادي حيث بدأت العمل عليها مع والدي منذ أن كان عمري 10 سنوات أي منذ نحو 50 سنة وأنا جالس خلف هذه الآلة أصنع النسيج بأشكاله المتنوعة وألوانه المختلفة. وأوصي أولادي بعدم التخلي عن هذه المهنة بعد موتي".

ويضيف عبدالرضى "النسيج في البحرين لم يتطور إلا بأمور بسيطة فمثلاً أدخل عليه الصوف. أما الأرباح فلم تعد كالسابق. ولو لم نحافظ على هذه المهنة لاندثرت منذ زمن لأننا الوحيدين الذين حافظوا عليها أما البقية فتخلوا عنها. حاولت أن تبقى هذه المهنة موجودة في بني جمرة فقد علمت أبنائي كيفية صنع النسيج، والآن أصبحوا ماهرين أكثر مني خاصةً ابني الكبير الذي أدخل أشكالاً جديدة في صناعة النسيج تتماشى مع أذواق الناس. كما نشارك في بعض المعارض عن طريق أخي الصغير".

ويلفت إلى أن ""الشال" الواحد الذي نصنعة يستغرق ساعتين من العمل، وفي اليوم الواحد أستطيع إنجاز 4 شالات فقط. وهناك اهتمام من قبل وزارة الثقافة حيث أعطونا وعداً بأنه سيتم بناء هذا المكان لاستمرار هذه المهنة وعدم اندثارها. فأكثر الزوار هنا أجانب خاصةً أن في موسم الشتاء يكثر الطلب على النسيج أما في الصيف فيختفي مشترو هذه المصنوعات. لم أفكر ابداً في تغيير مكان المصنع حتى لو قل الطلب عليه بسبب تمسكي بحفظ التراث لصناعة النسيج في بني جمرة و هذا الموقع اسم للبحرين".

وعن كيفية تأمين المواد الأولية المستخدمة في الصناعة يوضح عبدالرضى "نتعاقد مع أحد التجار وخاصةً مع تاجر القطن من مصر. وتختلف الأسعار حسب الوقت الذي تستغرقه القطعة الواحدة والألوان التي تتداخل فيها".

وأضاف "سابقاً كان يتم تصوير بعض مقاطع المسلسلات التي تحتاج إلى لقطات لصناعة النسيج هنا. وتم تصوير والدي في أحد المسلسلات جالساً خلف الآلة. فالنسيج واحد من أهم الحرف التقليدية التي عرفها البحريني وتوارثتها الأجيال منذ زمن بعيد خاصةً أنها كانت تلبي حاجات الأهالي من الملابس ونسج الأشرعة للسفن البحرية. فيما تدهورت الصناعة بسبب زيادة النشاط التجاري واستيراد السلع من الخارج. أما القرى التي اشتهرت سابقاً بصناعة النسيج فكانت أبو صيبع ودار كليب وانحصرت الآن في بني جمرة".

وعن صعوبة المهنة يقول عبدالرضى "يمكننا القول إن عملية النسيج من أصعب الحرف القديمة وأدقها إذ يستخدم النساج كلتا يديه ورجليه لإدخال الخيوط وتوزيعها مع بعضها بشكل منظم ومنسق فالعامل الجمالي في هذه المهنة يعتبر من أهم العوامل التي يركز صانع النسيج فيها. أما الخيوط المستخدمة فغالباً تكون خيوط قطنية ويغلب عليها اللون الأسود والأحمر".