شرع الإسلام الزّواج ونظمه، فحدد به العلاقة المشروعة بين الذكر والأنثى وجعل له حدوداً وشروطاً تضمن حقوق الطرفين وسما بهذه العلاقة لتكون رباطاً متيناً مبنياً على الديمومة والاستمرار، فلا يكون القصد من الزواج مرحلياً أو لحظياً بهدف الاستمتاع وإشباع الرغبات، إنما هو بناء الأسرة وتكوين المجتمع وتحديد هويته ، وحدد الشرع مفهوم الزواج بقصد المشاركة في تكوين أسرة صالحة ومجتمعٍ سليم. فلا يقتصر مفهوم الزّواج في الإسلام على التنفع والاستمتاع والشهوة، إنّما يتعدى ذلك للغاية الأسمى والهدف الأجل وهو تكوين الأسرة وبناء المجتمع ، وبإتمام عقد الزواج تتريب حقوق وواجبات بين الزوجين منها حقوق مشتركة بينهما وحقوق للزوج تجاه زوجته وحقوق للزوجة تجاه زوجها .
أوضحت المادة (38) من قانون الاسرة الموحد الحقوق المشتركة بين الزوجين وأوردتها بأنها حق استمتاع كبلا الزوجين بالآخر وإحصانه ، وحسن المعاشرة والمحافظة علي الاسرة ، واحترام كل منهما للآخر ولابويه ، والعناية بالأولاد وتربيتهم بما يكفل تنشئتهم تنشئة سليمة ، فحق استمتاع كل طرف بالآخر يعتبر من الحقوق الاصيلة في الزواج لان الاستمتاع مقصد من مقاصد الزواج ومن خصوصياته ، فحل استمتاع الزوج بزوجته هو اختصاص له لا يشركه غيره فيه وكذلك الزوجة استمتاعها بزوجها استمتاع وحيد لا يجوز لها فعله مع غيره عن طريق الزواج ما دامت العلاقة قائمة وعلي الطرفين أن يعف كل واحد منهما الآخر ويتوخى حاجته بكل ما يشبع الغريزة من النظرة إلى الإنزال وكل طرف مراعاة القواعد الشرعية في اتيانه للطرف الآخر وخصوصاً الزواج على أن لا يأتي زوجته من دبر أو اثناء حيض ، كذلك من الحقوق المتبادلة بين الزوجين حسن المعاشرة فيجب علي كل طرف أن يصبر علي الآخر إذا راي منه ما بلا يعجبه من تصرفات ،وكذلك الاحترام المتبادل بينهما واحترام الابوين واحترام الابوين يعتبر من احترام الزوج أو الزوجة وعدم احترامها يعتبر من المنقصات التي تشوب العلاقة الزوجية وتؤدي في النهاية إلى انهيارها ، كما أن تربية الأبناء علي السلوك القويم يعتبر من اسمى الرسائل والمقاصد من العلاقة الزوجية وهو راس سنامها لأن الهدف من الزواج هو تكوين الاسرة وتكوين الاسرة وتماسكها يبدأ بالتربية السليمة للنشء ، كما أن من الحقوق الثابتة شرعاً والتي لم يتطرق لها القانون البحريني حق توريث كل طرف للآخر واعتقد أن سكوت القانون عن هذا الحق لم يكن نقصاً أو جهلاً من المشرع ولكن اعتبره من المعلومات بالضرورة التي لا تحتاج إلى نص قانوني .
أما المادة (39) فقد حددت حقوق الزوجة علي زوجها بانها العناية بها والانفاق عليها ومعاشرتها بالمعروف ، وعدم التعرض لأموالها الخاصة ، وعدم الاضرار بها مادياً ومعنوياً ، والعدل في المبيت والانفاق عند الجمع بين اثنين فأكثر ، والسماح لها بصلة أرحامها بالمعروف ، وأن لا يحرمها من نسله ، وجميع هذه الحقوق الغرض منها الحفاظ علي الاسرة والاستقرار فالعدل بين الزوجات هو حق لهن إذ أن الميل لاحداهن دون الأخرى أو الاخريات يسبب الحقد والبغضاء ويؤدي إلى تفاقم المشاكل فيما بين الاسرة الواحدة وقد يرث الأبناء هذا الحقد وتصبح الاسرة متنازعة فيما بين افرادها وبالتالي يفقد الزوج السيطرة عليها ، كما أن عدم التعرض لأموال الزوجة يبعث فيها الطمانينة والأمان تجاه زوجها والاطمئنان إليه بإعتباره الأمين لها المحافظ عليها وعلي أموالها ، وأهم حقوق الزوجة علي زوجها إلا يحرمها من نسله أي لا يشترط عليها عدم الانجاب أو ستخدم من تلقاء نفسه بعض المحاذير والاحتياطات التي تمنع زوجته الانجاب منه إذ أن تكوين الاسرة يعتمد بشكل أساس علي الأبناء وهو الهدف الاسمى للزواج كما ذكرنا سالفاً .
أما حقوق الزوج تجاه زوجته كما جاءت في المادة (40) فهي العناية به وطاعته ومعاشرته بالمعروف ، ورعاية أولادها منه ، وأن تحفظه في نفسها وماله وبيته إذا حضر أو غاب ، وعدم امتناعها عن الانجاب إلا بإذن منه أو عذر شرعي ، وعدم تركها لمنزل الزوجية إلا بعذر شرعي . فمن المعاشرة بالمعروف الاحسان اليه باللسان واللطف بالكلام والقول الطيب الذي يطيب به نفس الزوج وكف الأذى وغيرها مما اوجبه الشرع أو استحبه في كل ما يحبب الزوج لزوجته وطاعته في كل ما امرها به الشرع ، وعدم تركها بيت الزوجية وياتي هذا الحق تأصيلاً من قوله تعالى (وقرن في بيوتكن) وبالتالي لا تخرج الزوجة من بيتها إلا بعذر شرعي ويتمثل ذلك في الخروج لمصلحة مأمورة بها كالحج والعمرة والخروج دون أذن شرعي من موجبات إسقاط نفقتها علي زوجها كما بينا ذلك في العمود السابق ، كذلك من حقوق الزوج تجاه زوجته حفظه في ماله وبيته وقد تبين ذلك جلياً في حديث عبدالله بن عمر أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الامام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في اهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )