حسن الستري

لا يستطيع شخص التحدث عن العيون التي اشتهرت بها البحرين دون أن يقف طويلاً أمام عين الرحى في جزيرة سترة، الشريان المائي الذي كان يغدي أغلب مناطق سترة كما يؤكد الحاج علي سند الذي عايش العين الصافية في أوج ازدهارها، فيما يقف اليوم على أطلالها بعد أن أصبحت مكباً للنفايات.



تقع عين الرحى في أقصى الشمال الشرقي لجزيرة سترة بين قريتي القرية والمنطقة الصناعية، في مجمع 603. وكانت في الماضي قريبة من ساحل البحر لكن إنشاء المنطقة الصناعية عزلها عن الساحل، و لم يتبقى من آثارها إلا حدودها والغرفة المطلة عليها.

يقول الحاج علي سند إنه عاين العين "باردة صيفاً .. دافئة شتاء"، تسقي الحرث والنسل، يسبح فيها ويرصد بعض الأسماك، إضافة إلى السلاحف والضفادع في جداولها.

وبنبرة الحنين إلى الماضي الجميل، يضيف سند "هذه العين كان يحيط بها النخيل من مختلف الجهات، تسقي قرى مهزة وواديان والخارجية والحمرية والقرية التي تحتضنها، تصل جداولها المائية إلى شارع الشيخ جابر الأحمد، وإلى مدرسة النور العالمية كما كانت تغدي عدة عيون أبرزها عين البياضة التي يصل عمق الماء فيها إلى مترين. وكان عرض الجداول التي تتفرع من العين مترين أو أكثر، كانت مليئة بالسلاحف والضفادع، وتغدي 80 % من قرى سترة، وكان النخيل على أطراف جداولها. وتقدر مساحة العين الرئيسة بـ500 متر مربع، وعمقها يصل الى 3 أمتار، كنا نواجه صعوبة في الوصول إلى قاعها. ويتفرع من طرفها الغربي الجنوبي مجرى واسع يتجه إلى الغرب ثم ينحرف باتجاه الشمال ويصل طول هذا المجرى إلى حوالي كيلومتر واتساعه إلى متر واحد."

ويتابع "المنطقة كانت "محل كشتات الأهالي" في ليالي العطلات، ومقصداً لأهالي المناطق المجاورة لما تمتاز به من نخيل. رأينا أسماك "الشعوم" فيها بأحجام كبيرة، وكان فيها كهوف. كان ماؤها صافياً إلى درجة أننا نرى العملة المعدنية إذا ألقيت فيها. لقد خسرت سترة بل البحرين هذه العين، إذ كانت تستقبل زوارها من جميع مناطق البحرين، ويتسامرون حولها حتى الفجر، مستمتعين بأجوائها".

وعن نهاية العين، يقول سند "في ستينات القرن الماضي، مع توسعة ميناء سلمان، ضربت أعمال الحفر المنبع الأساسي في عرض البحر، فأصبح ماء العين مالحاً بعد أن كان عذباً، وانخفض منسوب الماء فيها بقوة. حاولت الجهات المختصة تدارك الأمر بتوريد العين بمضختين، لضخ المياه الارتوازية فيها، وتلبية احتياجات الري والاستهلاك من قبل أهالي المنطقة لكن أحوال العين تدهورت مطلع السبعينيات وتوقف تدفق الماء في العين تماماً، ومع الزمن أصبحت مكباً للنفايات، وأثراً بعد عين".