ريانة النهام

تعليم الطلاب مهناً تراثية لمزاولتها، مبادرة انطلقت في مدرسة الهداية الخليفية للبنين لحفظ التراث وحماية المهن التراثية من الاندثار. وتحت عنوان "الثقافة الشعبية" انطلق المقرر الإثرائي (اختياري) للطلبة قبل 4 سنوات بتنسيق من علي عبدالله أستاذ التاريخ المهتم بالمهن الحرفية والأنشطة والرحلات التراثية.

يقول الأستاذ علي لـ"سوالف" "بدأنا اختيار الطلاب الراغبين، وتمكنا من تشكيل فريق يتراوح عدد طلابه من 60 -70 طالباً يمارسون أكثر من 20 حرفة من الحرف البحرينية. حاولنا أن نركز قدر المستطاع على الحرف المهددة بالاندثار مثل صناعة العسق من سعف النخيل، القفاص، صناعة المديد، وصناعة النسيج. ونحرص على الابتعاد عن الجانب النظري والتركيز على الجانب العملي ومنح الطلاب خلفية واسعة عن الحرف والمهن والعادات والتقاليد البحرينية الأصيلة".

ويضيف "وجدنا إقبالاً كبيراً من الطلاب. وهناك عدد كبير منهم يميلون إلى الجانب العملي والحركي فهؤلاء يستفيدون بشكل أكبر من المشروع. والحمد لله تمكنا من أن نكون فريقاً يضم مجموعة كبيرة من الطلبة. وأصبح بعض الطلاب اليوم بمهارة الحرفيين وتجاوزوا مرحلة التدريب وصاروا يدربون زملاءهم الطلاب ويشاركون في دورات خارجية للمدارس والأفراد".

وعن الهدف الرئيس من المشروع، يقول الأستاذ علي "إن الحفاظ على المهن التراثية وهوية الوطن والعادات والتقاليد البحرينية هو هدفنا كون الغزو الثقافي يتسلل إلى مجتمعاتنا، فيجب علينا أن نعلم الأبناء حرف الآباء والأجداد ونغرس فيهم حب الوطن والولاء والانتماء له فهذه هي التربية الوطنية الصحيحة".

مزاولة المهن باحترافية

وبخصوص الصعوبات التي تواجه المبادرة، يقول الأستاذ علي "عدم توفر بعض الأدوات وعدم إمكانية التواصل مع معلمين للحرف، فمثلاً حرفة القفاص بحثت عن معلم لها سنة كاملة وعجزت أن أجد. كان هناك شخصان لكن لم يستطيعا التدريب بحكم ظروف انشغالهما. حتى المعدات الخاصة بها لم أستطع الوصول إليها، لكن بعد فترة تعرفت على شخص في الانستغرام من منطقة القطيف في المملكة العربية السعودية وهو يمارس هذه الحرفة فذهبت إليه مع مجموعة الطلبة وجلسنا يوماً كاملاً هناك ليتعلموا ولم يخرجوا إلا ولديهم إنتاج خاص بهم".



ويضيف "هناك صعوبات أخرى تواجه الطلاب مثل التوقيت ومحاولة التوفيق بين المدرسة ومزاولة المهن، لكن الحمد لله جميع هذه الصعوبات نحاول أن نذللها خاصة أن المدرسة ترعى المشروع ومتعاونة تماماً مع الطلبة وتعمل على توفير الجو الملائم لهم، فاليوم نحن نرى طلاب أعمارهم 12 سنة يزاولون المهنة بكل احترافية ويعملون على بيع منتجاتهم والاستفادة منها، وصاروا ينافسون الحرفيين الذين يمتلكون خبرات عشرات السنين، ويقدمون مستويات تفوق الممتاز بشهادة الجميع".

ويلفت إلى أن الطلاب يقبلون على تعلم المهن الحرفية غير الصعبة مثل صناعة الغزل، وصناعة الدين، وصناعة السف والخوص، أما الأقل إقبالاً فهي صناعة القراقير باعتبارها تحتاج إلى مراحل عدة في العمل وتستغرق عدة أيام، وكذلك صناعة السفن كونها تستغرق وقتاً طويلاً، فحين يتم اختيار طلاب لتعلم مهنة يشترط أن تكون لديه رغبة كبيرة ليستطيع أن ينتج".

ويتمنى الأستاذ علي "الاهتمام بشكل أكبر من قبل الجهات المسؤولة والرسمية ووزارة التربية بالمشروع والحفاظ عليه، فهذه هوية الوطن وجزء من تراث البحرين وعادات وتقاليد الأجداد".