أكد الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن القوى المعادية والمتربصة لاتزال تعمل على تحطيم دولنا وأمتنا، وتشتيتها وشرذمتها إلى عصبيات وجماعات متصارعة ومتحاربة تبقي مجتمعاتنا في أزمات عديدة خانقة مصطنعة: سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بحيث باتتْ تهدّد كيانها وتعمل على تحطيم مقوماتها ومستقبلها، وتقويض الهوية والقيم الدينية والأخلاقية والوطنية، وبث أسباب الفرقة والشقاق بين الأمة.

جاء ذلك في كلمة ألقاها في الجلسة الرئيسية للمؤتمر العام الثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمهورية مصر العربية الشقيقة، المنعقد في مدينة القاهرة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي بعنوان فقه بناء الدول – دراسة فقهية عصرية، بمشاركة وفود رفيعة المستوى من أكثر من 40 دولة، وأكثر من 300 عالم وباحث من مختلف دول العالم.

وأضاف: "إنّ أمتنا مازالت تعيش تحدياتٍ كبيرةً وكثيرة، أدت إلى استنزاف طاقاتها، وإضعاف مواردها، وزعزعة أمنها واستقرارها، بسبب جماعاتٍ وأطرافٍ غلّبت المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وعلى الكليات الكبرى التي يجب احترامها ومراعاتها، فحدث الخلل والإرباك في المفاهيم، وثارت الخلافات والصراعات، مما يستلزم موقفاً مدروساً منا جميعاً لإنقاذ دولنا ومستقبلها ومستقبل شعوبها"، لافتاً إلى أنَّ موضوع فقه بناء الدول من أهم التأصيلات التي ينبغي الاهتمام بها في مجالات الدعوة والإعلام والتربية والتعليم.

وحث على العمل لتثبيت مقومات دولنا وأمتنا، وترسيخها لدى مؤسساتنا وشعوبنا، مشددًا على ضرورة "أن تفهم شعوبنا طبيعة الدولة الحديثة وأهمية الحفاظ عليها وعلى وحدتها وأمنها واستقرارها، وضرورة تغليب المصلحة العامة وحفظ السلم الأهلي، وأن يفهموا ويستوعبوا ما يحكم الصراعات بين الدول، ليدركوا ما يراد بهم ويدبّر لهم"، داعياً إلى أن تعمل الدول معاً لـ"تعزيز أطر التنسيق والتعاون لمواجهة التحديات المختلفة، وأن تعمل وفق رؤية استراتيجية للاستثمار والتنمية، وتعزيز الشعور بالانتماء الوطني عبر اعتماد معيار الكفاءة والمساواة، وأن تحرص كل الحرص على تعزيز كفاءة مؤسساتها لتكون دولنا محصّنة بأبنائها ومؤسساتها ومواردها المختلفة".

واختتم كلمته في المؤتمر بالقول: "إننا نعوّل بعد الله تعالى على حكمة قياداتنا العربية والإسلامية، وعلى تنبّه ويقظة علماء أمتنا ومؤسساتها الدينية الكبرى، ومن أهمها الأزهر الشريف، وعلى وعي شعوبنا الكريمة، لتحصين هذه الأمة من كيد الكائدين والمغرضين والحاقدين"، منوهاً بأهمية المؤتمر، وبموضوعه وبالأبحاث وأوراق العمل المقدمة إليه، واصفاً إياه بأنه يضع اليد لمعالجة أحد أهم المفهومات الجدلية التي باتت مجالاً للمساس بدولنا واستقرارها.

ويبحث المؤتمر الذي يختتم أعماله الإثنين ثلاثة محاور رئيسة، يناقش في المحور الأول الأحكام الفقهية المتعلقة ببناء الدول من حيث مفهوم الدولة والمواطنة ونظم الحكم الحديثة، والمسئوليات العامة والخاصة، فيما يبحث في المحور الثاني فقه الدول وفقه الجماعات عبر تحديد ركائز فقه كل منهما وآثاره، والتشوهات الفكرية في بناء مفهوم الدولة لدى الجماعات المتطرفة، وخطاب القطيعة مع الدولة لديها، ويتناول المحور الثالث عوامل بناء الدول من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والدستورية والقانونية.

ويترأس الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وفد مملكة البحرين في هذا المؤتمر، ويضم الوفد كلاً من: يوسف الصالح رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية، والشيخ الدكتور إبراهيم راشد المريخي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومحمد جلال السيد مدير مكتب رئيس المجلس.