قال رئيس الأمن العام اللواء طارق بن حسن الحسن إن "مكافحة المخدرات في مجتمعاتنا إحدى أولويات العمل الأمني والمجتمعي الذي يأتي في إطار استراتيجي شامل يجمع ما بين كافة جهود المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لمواجهة المخاطر والأضرار المتنامية لمشكلة المخدرات والمؤثرات العقلية وإساءة استخدامها".
وافتتح الحسن، تحت رعاية وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، فعاليات مؤتمر الشراكة المجتمعية لمكافحة المخدرات الذي يستمر من 23 حتى 25 سبتمبر الحالي بحضور مشاركين من دول مجلس التعاون الخليجي، يمثلون إدارات مكافحة المخدرات والمراكز العلاجية والوقائية بدول المجلس، إضافة إلى أساتذة وخبراء إعلاميين من داخل وخارج البحرين.
ونقل رئيس الأمن العام للحضور تحيات وزير الداخلية وتمنياته أن يحقق المؤتمر أهدافه في التصدي لآفة المخدرات وحماية الشباب.
ولفت الحسن إلى آثار وتداعيات مشكلة المخدرات على كافة المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية "حيث لم ينج منها أي من المجتمعات المعاصرة، وانعكست الثورة التكنولوجية الحديثة وما أفرزته من تطور هائل في مجال الاتصالات والمواصلات على تطور قدرات عصابات الإجرام المنظم ونشاطها المرتبط بمشكلة المخدرات وطرق وأساليب تهريبها وترويجها وتعاطيها مما يشكل تحدياً متعاظماً أمام أجهزة المكافحة والجهات المعنية بالتصدي لهذه المشكلة".
وأوضح الحسن أن كافة التقارير الدولية تؤكد تنامي الاتجاه العام المتصاعد لمشكلة إساءة استخدام المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتزايد أعداد المجربين والمتعاطين والمدمنين لهذه المواد، رغم ما توليه الدول والمنظمات الدولية المتخصصة من جهود كبيرة وما تتحمله من نفقات باهظة لدعم مشاريع وبرامج المكافحة والتوعية والعلاج.
وأضاف أن "إساءة استخدام المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تدعونا إلى التفكير ملياً في تفعيل الدور المجتمعي والأسري لدعم هذه الجهود سعياً إلى تحقيق شراكة مجتمعية حقيقية تضمن النجاح الفعلي لجهود التصدي لهذه المشكلة ومحاصرتها والتقليل من أضرارها، وهو الأمر الذي يتفق مع التوجه الدولي الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا يتطلب تفاعلاً وتعاوناً بين كافة شرائح وأطياف المجتمع المحلي مع مؤسسات الدولة الحكومية المعنية في إطار استراتيجية وطنية تتضمن توزيع الأدوار والمسؤوليات من خلال علاقة تعاونية واضحة تقوم على قناعة الشركاء للعمل معاً من أجل هدف واحد وهو التصدي لآفة المخدرات".
وبين أن المؤتمر "يأتي نتاجاً لتوصيات المؤتمر الأول الذي عقد في البحرين في الفترة من 26-28 يونيو 2018 بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، كما يمثل تعبيراً عن توجه المملكة الثابت نحو مشاركة المجتمع الدولي في حربه ضد المخدرات".
وأكد أن هذا العام يكتسب أهمية خاصة لما يتضمنه من موضوعات ومحاور حيوية مهمة، تتناول الجوانب المختلفة للشراكة المجتمعية وحتميتها وما تواجهه من تحديات ومعوقات وما تصبو إليه من غايات نبيلة تسعى إلى حماية المجتمع والنشء من أخطر الجرائم التي تهدد الأمن الاجتماعي ومسيرة التنمية.
تجربة بحرينية رائدة
واستعرض الحسن التجربة الرائدة للبحرين في هذا الميدان، والتي تجلت في تدشين وزير الداخلية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في يونيو 2015، وتضمنت في شقها الخاص بخفض الطلب على المخدرات رؤية لحشد وتحفيز الشركاء للنهوض بمسؤولياتهم تجاه مشكلة المخدرات باعتبارها تأتي في مقدمة الأولويات، وفقاً لأدوار محددة لهم تضمن تكامل الجهود وتجنب ازدواجيتها أو تكرارها وتخضع بدقة للتقييم والتقويم وقياس الأثر.
وتطرق الحسن إلى برنامج "معاً" الذي دشن في البحرين العام 2011 وهو برنامج طموح يهدف لحشد طاقات الشباب وتعزيز القدرة لديهم لتجنب العنف والإدمان في المدارس، معتبراً أنه "بات اليوم أحد أهم آليات التصدي لخطر المخدرات وحماية مستقبل الشباب الناشئ من العنف والإدمان من خلال تفعيل دور الشراكة المجتمعية وحقق البرنامج نسباً عالية جداً من القبول لدى الفئات المستهدفة وأصبح يغطي عدد 173 مدرسة من مجموع 300 منشأة تعليمية حكومية وخاصة واستفاد من البرنامج حتى الآن عدد 120 ألف طالب من أبنائنا وبناتنا الطلبة، كما تم تأهيل 100 مدرب ومدربة من شرطة خدمة المجتمع من خلال البرنامج".
وأضاف الحسن أنه "يجري العمل على تحقيق تلك الرؤية من خلال تهيئة مناخ ثقافي إيجابي يقوده الشباب وتدعمه الأسرة والإعلام والمؤسسات الدينية والتعليمية ويسهم في تشكيله ومساندته كافة المؤسسات وقادة الفكر والرأي بالمملكة، وحققت تلك الاستراتيجية وجهود الشراكة المجتمعية نجاحات مشهودة في خفض الطلب على المخدرات والتصدي لتلك الآفة".
وتوجه الحسن بالشكر والتقدير للقائمين على المؤتمر، متمنياً أن تتضمن جلساته نقاشات وحوارات بناءة بأمل الخروج بنتائج وتوصيات تسهم في دعم سياسات وبرامج وجهود التصدي لمشكلة المخدرات وتفعيل دور الشراكة المجتمعية.
ويناقش المؤتمر عدداً من الموضوعات وأوراق العمل المطروحة بينها واقع مشكلة المخدرات في البحرين، وجهود الأجهزة الأمنية بالتعاون مع دول مجلس التعاون وبرامج الشراكة المجتمعية للتصدي للمخدرات، والبرامج العلاجية لمتعاطي المخدرات وسبل التأهيل، ومخاطر تعاطي المخدرات وآثارها على المجتمع، ودور المجتمع المدني في خفض الطلب على المخدرات.