ريانة النهام

أظهرت دراسة حديثة أن تعاطي وإدمان المخدرات أكثر شيوعاً في الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني. وأكدت نتائج الدراسة ارتباط المستويات العليا من التربية الأسرية والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية بعلاقة عكسية مع تعاطي التبغ والكحول والمخدرات واستخدام العقاقير النفسية بين المراهقين.

وقدم الرائد حمد راشد المهيزع ورقة عمل بعنوان "مخاطر تعاطي المخدرات وآثارها على المجتمع" في مؤتمر الشراكة المجتمعية لمكافحة المخدرات، الثلاثاء.

وهدفت الدراسة التي حوتها ورقة العمل إلى التعرف على تأثير العوامل الاجتماعية في الاتجاه نحو تعاطي وإدمان المخدرات، والتعرف على تأثير الخصائص الاجتماعية للمجتمع والخصائص النفسية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد في الاتجاه نحو تعاطي وإدمان المخدرات، وتأثير الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للأسرة في ذلك.

وبينت نتائج الدراسة إن إدمان الآباء والأمهات له تأثير هائل على اتجاه أطفالهم نحو تعاطي وإدمان المخدرات، فالأطفال الذين يدخن أحد والديهم من المرجح أن يصبحوا مدخنين، وينطبق الأمر على الذكور والإناث بنسب متفاوتة، حيث يرجع ذلك إلى أن تدخين الآباء والأمهات يتيح سهولة وصول الأبناء إلى السجائر، ويجعل الآباء أقل معارضة لتدخين أطفالهم.

وأشارت الدراسة إلى أن الاطفال الصغار أكثر عرضة للتأثر بإخوتهم الكبار المدخنين من التأثر بوالديهم، ويلعب سلوك الوالدين تجاه تعاطي السجائر والكحول والمخدرات وإدمانها دوراً مهماً في اتجاه المراهقين إلى تعاطي وإدمان المخدرات.

ولفتت إلى أن انتشار وتعاطي وإدمان المخدرات أكثر شيوعاً في الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني، وترتبط الخلافات الزوجية والطلاق بين الوالدين، والعيش مع أحد الوالدين دون الآخر، مع ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات بين المراهقين، والأطفال الذين لا يكترث آباؤهم بمراقبتهم من المرجح أن يتجهوا إلى تعاطي المخدرات.

وأظهرت الدراسة أن الأصدقاء لديهم أكبر تأثير على الاتجاه نحو تعاطي وإدمان المخدرات في سنوات العمر المبكرة ويقل هذا التأثير بتقدم العمر، وعادة مايحدث بدء تدخين التبغ أو تعاطي الكحول والمخدرات بشكل عام في صحبة صديق مدخن أو متعاط، ويعمل إدمان الأقران كعامل للتنبؤ بالإدمان بين الشباب الذين بدؤوا بالفعل في تعاطي المخدرات.

غياب الحب أبرز الأسباب

وتضمنت الدراسة استطلاعاً على عينة مكونة من 185 ذكراً بنسبة 62% و115 أنثى، وكان 31% من المشاركين تتراوح أعمارهم بين 31 إلى 40، و41% من المشاركين مستوى تعليمهم دراسات عليا، و41% منهم كانت حالتهم الاجتماعية "متزوج"، و22% من وجهة نظرهم أن أصدقاء السوء هم أبرز الأسباب التي تؤدي إلى إدمان المخدرات.

وبينت النتائج أن 34% من المشاركين يرون أن افتقاد الحب والمودة وكثرة الخلافات داخل الأسرة من أبرز أسباب الأدمان. ورأى 30% من المشاركين أن أبرز الآثار الاجتماعية لإدمان المخدرات على الفرد أنه سريع الانفعال ولأسباب تافهة، ويصبح ذا مزاج صعب في تعامله مع الآخرين.

واتفق 30% من المشاركين على دور الإعلام في مكافحة الإدمان عبر إنارة الرأي العام حول أسباب الإدمان، إضافة إلى تكثيف الحملات التوعية حول المخاطر، وإبراز وعرض نشاطات وجهود الشرطة، وتشجيع الجمهور على التعاون مع رجال الأمن والعمل على تكوين رأي عام مستنير، فضلاً عن أهمية الشراكة المجتمعية.

وأوصت الدراسة بإجراء عدد من الأبحاث ذات العلاقة لمتابعة موضوع تعاطي وإدمان المخدرات والوقوف على أسبابه الاجتماعية بالتفصيل، وتركيز الجهود الحكومية والمجتمعية والعلمية والإعلامية لمواجهة مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات نحو سبل الوقاية منها سواء بالعمل على منع تداول المخدرات من خلال الحملات الأمنية أو بالقضاء على العوامل الاجتماعية أو الاقتصادية التي تدفع الأفراد إلى إدمانها، وذلك بدرجة أكبر من التركيز على علاج المشكلة بعد وقوعها.

كما أوصت بإعطاء دروس توعوية للأسرة عن طريقة التنشئة الاجتماعية السليمة لأطفالها من أجل تجنب انخراطهم في الانحراف بكافة أشكاله، وإنشاء لجان مختصة في وزارة التربية والتعليم لمتابعة قضايا تعاطي وإدمان المخدرات في المدارس، وتنظيم دورات تدريبية للمشرفين الجتماعيين بالمدارس لتزويدهم بالمهارات اللازمة لاكتشاف المراهقين الذين دخلوا في مرحلة الإدمان أو على وشك دوخلها من أجل التدخل السريع لعلاج المشكلة في وقت مبكر. إضافة إلى تدعيم دور المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية المحلية في مواجهة مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات وتنظيم دورات تدريبية للمسؤولين المختصين في تلك المنظمات وتزويدها بالدعم المالي اللازم.