تناولنا في سلسلة أعمدة صحفية سابقة بعض الجوانب المتعلقة بالأحكام التي وردت في قانون الأسرة الموحد التي تبين العلاقة بين الزوجين والأسرة الواحدة من حقوق متبادلة بين الزوجين وأحكام الحضانة والنفقة وهي الجوانب العملية في القانون والتي قد تثور حولها النزاعات في المحاكم وبينا هذه الأحكام تفصيلاً، وحرصنا من خلال طرحنا على حث الزوجين على أن يتم حل النزاعات بينهما بصورة ودية إن حدث خلاف يؤدي إلى الفرقة تجنباً للآثار السلبية الناتجة عن النزاع في المحاكم.

إن الإسلام اهتم بالأسرة اهتماماً بالغاً ودقيقاً يشمل جميع علاقاتها وتفاعلاتها وظروفها، ومع حرصِ الإسلام على استمرارية الأسرة وديمومة بنائها جعل لمشكلاتها المتوقعة حلولاً استباقية وأحكاماً تخفف وطأة هذه المشكلات والآثار المترتبة عليها، وقد انتهج المشرع البحريني مسلك الشريعة الإسلامية وناقش جميع المشكلات المنبثقة عن أي تغيير في حياة الأسرة ومسارها فجعل الطلاق خياراً في حال استحالة استمرار الحياة الزوجية ورتب عليه آثاراً وهذه الآثار يتعلق بعضها بالزوجين وبعضها الآخر يتعلق بالأبناء ، ومن أهم الآثار المترتبة على الأبناء التنازع حول حضانتهما التي تثير الكثير من المشكلات الاجتماعية حيث يتصارع الآباء والأمهات على رعاية الأبناء بعد الانفصال وقد يتم توظيف هذه المشكلة لانتقام أحد الطرفين من الآخر مما يكون سبباً في تدمير حياة الطفل فبالرغم من أن القانون أوضح أن الحضانة للنساء حتى بلوغ المحضون سن محددة ورتب الحاضنات ترتيباً يبعد أي لبس أو غموض ، كما منح الرجل حق الحضانة بعد تجاوز سن المحضون حضانة النساء وأوضح الحالات التي تسقط فيها الحضانة من الحاضن إلا أن المحاكم قد تلجأ إلى تخيير المحضون في اختيار أحد والديه مما يستلزم حضور المحضون إلى المحكمة لاتخاذ قراره أمامها ، ومن المؤكد أن هذا الإجراء سوف يكون ذا أثر نفسي بالغ على المحضون يدخله في مسارات نفسية وسيكولوجية قد تلازمه طيلة حياته وتهز ثقته في والديه بسبب هذا النزاع والتي تكون نتائجها سلبية على الأطفال أولاً وعلى الأسرة بكاملها وينعكس ذلك على المجتمع كافة ، بالتأثير على كينونة المجتمع وزعزعته، لذلك يجب على الوالدين تقديم مصلحة الأبناء على الضغائن الشخصية التي قد ينتجها الخلاف في الحياة الزوجية إذ يفترض بهما مراعاة مصلحة أطفالهم قبل أن يقوم القضاء والجهات أو الهيئات المختصة بمراعاة مصلحتهم.

كذلك من الآثار نفقة الأبناء وهي لا تقل أهمية عن مسألة التنازع حول حضانتهم ، فمن حق المحضون التمتع بجميع حقوقه الأساسية من علاج وتعليم ومأكل ومشرب ومسكن يأويه إضافة إلى مباهج الحياة الأخرى والتمتع بمال والده حيث إن إنفاق الوالد على أبنائه يعتبر من أحد الدوافع المعنوية التي تحفظ توازنهم في المجتمع وعندما يكون هذا الإنفاق يسير بصورة طبيعية دون تدخل مؤثر خارجي يجد فيه الأبناء المتعة الحسية والمعنوية، إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون هذا الإنفاق بمؤثرات خارجية تبدأ بإقامة الدعوى وتنتهي بصدور حكم قضائي بإلزام المنفق بالنفقة ومن ثم يتم استلام هذه النفقة بصورة شهرية عن طريق المحكمة ويتم استقطاعها للمحضونين مما يولد إحساساً للأبناء أن والدهم ينفق عليهم دون إرادتهم وهو ما يكون ذا أثر سلبي عليهم في مستقبل حياتهم.

إن الأثر السلبي على أي من الزوجين إثر انتهاء علاقتهم الزوجية قد يكون أقل ضرراً بالنسبة لهما وقد يتجه أي من الطرفين للولوج في حياة جديدة تنسيه مرارات الماضي، ولكن الأثر كبير جداً على الأبناء ويبقى ملازماً لهم في حياتهم وتجنب المنازعات هو أقل ما يمكن أن يقدمه الوالدان لأبنائهما دون شد وجذب بترجيح صوت العقل واتخاذ القرارات اللازمة بحكمة وشجاعة.