قال مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر إن "البحرين منذ قيام ما يسمى الثورة الايرانية واعتماد نهج تصدير الثورة، استطاعت أن تتحمل مسؤوليتها كبوابة للشرق العربي وأن تصد بكل كفاءة واقتدار المحاولات الإيرانية العسكرية منها أو الإرهابية"، مشيراً إلى أن "إيران استطاعت في الآونة الأخيرة أن تتمدد على الساحة العربية ليس بفضل قوتها العسكرية لكن بفضل وكلائها والخونة الذين باعوا أوطانهم.

وأضاف الحمر خلال كلمة له في "منتدى الإرهاب والتدخلات الإقليمية وآثارها على الأمن العربي والأفريقي" المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة، أن "الشعوب والدول العربية والأفريقية تتعرض لتدخلات إقليمية ودولية نتيجة حتمية للصراعات التي مرت بها المنطقة منذ بدايات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وكذلك لأهمية هذه المنطقة الأمر الذي جعلها عرضة للأطماع الإقليمية والدولية".

وأشار الحمر إلى أن التدخلات "تأتي من خلال السيطرة والتحكم عسكرياً أو اقتصادياً من خلال دعم ممنهج لجماعات إرهابية وتخريبية تنخر في الأوضاع الداخلية في دولنا، أو من خلال مجموعة وكلاء وخونة لأوطانهم، ومن خلال بعض الأحزاب والجماعات السياسية وخاصة أحزاب وجماعات الإسلام السياسي"، موضحاً أن هذه التدخلات أصبحت نهجاً في سياسات بعض الدول الإقليمية والدولية التي رأت أن المنطقة تمر بوضع هش يسهل استغلاله والتحكم في مقدراته.

وبين الحمر أن الأمن القومي العربي والإفريقي "يواجه كثيراً من التحديات والمخاطر تمس مباشرة استقلالية الدول وتقدم شعوبها، ورغم اليقظة والحيطة فإن هناك جهات متعددة سعت وما زالت بكافة الطرق للتدخل المباشر وغير المباشر في شؤون المنطقة".

وأكد أن قيام مجلس التعاون الخليجي "كان بحد ذاته استشعاراً مبكرا لهذه المخاطر وسعياً إلى مواجهتها بجهود جادة وفعالة، وكل ذلك وغيره من الجهود يؤكد الاهتمام بمواجهة مخاطر التدخلات الخارجية، ليس على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي فحسب بل على المستوى العربي".



التدخلات الإقليمية هي الأخطر

ولفت الحمر إلى عامل خطير جداً لا بد من مواجهته "يتمثل في التدخلات الخارجية الإقليمية، هذا النوع من التدخل يعتبر خطيراً ويتميز عن التدخلات الخارجية الدولية. حيث أن التدخلات الإقليمية تكمن خطورتها في كونها تحمل دائماً نزعة الأطماع التوسعية الجغرافية وبسط النفوذ على حساب السيادة الوطنية للدول، وتستخدم النزعات المذهبية والطائفية والانفصالية والاختلافات الإثنية والعرقية وسيلة لدعم سياسات التدخل وبذر الفتن الطائفية في الدول العربية، وتغذي الجماعات والأحزاب والميليشيات المسلحة وتستخدمها للنيل من سيادتنا واستقرارنا".

وأوضح أن التدخلات الخارجية الإقليمية "تستغل ضعف وتضارب المصالح الوطنية للدولة العربية، وأولوية المصالح الوطنية على المصالح القومية العليا للأمة العربية، لذا نجد أن نظام التحالفات الاستراتيجية لبعض الدول العربية قائم على التحالف مع قوى إقليمية طامحة وذات نزعة توسعية، وبما يتعارض مع مبدأ الأمن القومي العربي نفسه، ويتعارض مع استقرار الدول العربية"، مشيراً إلى أن ظاهرة الميليشيات المسلحة التي برزت في عدد من دول العالم العربي "ناتجة من عامل التدخلات الإقليمية الخارجية. فكون هذه الميليشيات المسلحة تتغذى على ضعف الدولة المركزية وانحلال سلطتها، يبقى العامل الأهم في توفر الدعم الخارجي الإقليمي لهذه الميليشيات التي تعمل لتنفيذ أجندات الدول الإقليمية الداعمة لها".

وأضاف أن "التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة تنقسم إلى قسمين، تحديات ومخاطر داخلية إقليمية وتحديات ومخاطر خارجية دولية، وهذا لا يعني أنه لا شأن لأمر بالآخر، فكل التحديات والمخاطر سواء كانت داخلية أو خارجية هي على اتصال وتواصل وتشابك وتغذي بعضها الآخر".

الإسلام السياسي ما زال قوة ضاربة

وعلى صعيد التحديات والمخاطر الداخلية، بين الحمر أن "على رأس التحديات الإرهاب الذي أصبح آفة لا تعاني منها فقط المنطقة، وانما العالم ككل، ولمواجهة هذا التحدي فإننا نحتاج الى جهد جماعي منظم والبحث عن طرق ووسائل لمعالجة جذور هذه الظاهرة خاصة بين الشباب، وفي أقل الأحوال للحد من مخاطره وتجنب إراقة مزيد من الدماء".

وشدد على أن "من أبرز المخاطر التي تعاني منها الأمة التحديات الطائفية والقبلية والصراعات الدينية التي أفقدت الدول وحدتها وسلامها الاجتماعي وأدت الى تمزيق النسيج الاجتماعي، وتركت آثاراً ونتائج كارثية على المجتمعات، بعد أن أصبح الفرد يتخندق وراء طائفته أو قبيلته وليس وطنه وأصبحت الطائفة أو القبيلة بديلاً للوطن، وفي بعض الأحيان تغذية النزعات الانفصالية".

وعن الإسلام السياسي، قال الحمر "رغم أنه انكشف أمره مؤخراً وبدأ في الانحسار فإنه ما زال قوة ضاربة وفي أحيان كثيرة بدعم خارجي إقليمي ودولي، وهو المسؤول عن نشر الفوضى والدمار في طريقه إلى الاستيلاء على السلطة بشتى الوسائل، ولمواجهة هذا التحدي نرى من الأهمية النظر في فصل الدين عن السياسة، ووضع حد لتلاعب هؤلاء بعقول الناس واستغفالهم باسم الدين".

وعن التحدي الاقتصادي والمالي قال الحمر إنه "يمثل أكبر التحديات التي تؤدي إلى حالة عدم الاستقرار، في ظل عجز غالبية الحكومات عن إقامة مشاريع جديدة أو تطوير مشاريع قائمة، وهو الأمر الذي يخلق حالة تذمر واسعة بين الناس يمكن استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية والسياسية المتطرفة، ناهيك عن مشكلات البطالة والهجرة".

إيران نشرت الفوضى والدمار

وعن التحديات والمخاطر الخارجية قال الحمر إن "المنطقة تكالبت عليها في الآونة الاخيرة تحديات ومخاطر خارجية كثيرة وكبيرة من أبرزها التدخل الخارجي في دولنا وفي أنظمتنا ومؤسساتنا سواء كانت سياسية أو مالية أو اقتصادية أو اجتماعية"، مؤكداً أن أهم وأكبر هذه التحديات هي إيران التي استطاعت اليوم أن تتحكم في صنع القرار في ثلاث عواصم عربية ونشرت الفوضى والدمار وأراقت الدماء في هذه الدول وغيرها من الدول التي وصلت إليها يد الغدر الايرانية".

وقال الحمر "أنا كعربي أنتمي إلى بلد أعتز وأفتخر به ومطلع على مجريات الأمور، فإني أستطيع القول إن البحرين، منذ قيام ما يسمى بالثورة الايرانية واعتماد نهج تصدير الثورة، استطاعت أن تتحمل مسؤوليتها كبوابة للشرق العربي وأن تصد بكل كفاءة واقتدار المحاولات الإيرانية العسكرية منها أو الإرهابية".

ولفت إلى أن إيران "استطاعت في الآونة الأخيرة أن تتمدد على الساحة العربية ليس بفضل قوتها العسكرية ولكن بفضل وكلائها والخونة الذين باعوا أوطانهم".

وحيا الحمر في هذا الشأن الصمود والتصدي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية للأطماع الإيرانية في الأرض العربية وما بذلته من جهود وما قدمته من تضحيات وشهداء رغم ما تتعرض له من هجمة شرسة كان آخرها الهجوم الإرهابي على معامل النفط في أرامكو".

وأضاف أن "إيران وإسرائيل تلتقيان فيما تشكلانه من مخاطر نووية كبيرة على المنطقة في ظل الصمت الغربي عن إسرائيل وشرعنة إيران كقوة نووية".

الخطر التركي

وشدد الحمر على أن "تركيا وهي تسعى إلى استعادة المجد العثماني تشكل تحدياً آخر أمام المنطقة، فتركيا أصبحت أكثر وضوحاً وعلنية في تدخلها بشؤون الدول العربية بعد أن فشلت في استغلال الربيع العربي والإسلام السياسي في تمددها عربياً وفرض الوصاية العثمانية، غير أن تركيا استطاعت أن تحصل على موطئ قدم عسكري مؤخراً في الأرض العربية بعد أن منح النظام القطري أنقرة قاعدة عسكرية على الأراضي القطرية رغم ما تمثله من تهديد لدولنا كافة بما فيها قطر. إلى جانب محاولة السيطرة الغربية أو الأجنبية الخارجية على مصادر القرار العربي، ليس فيما يخص الأنظمة الرسمية القائمة وإنما المؤسسات الاجتماعية والأهلية تحت شعارات شتى في مقدمتها شعار حقوق الإنسان، إضافة إلى الهيمنة على المقدرات الاقتصادية العربية وعملية الابتزاز التي تتعرض له دولنا".

وخلص الحمر إلى أن "التصدي للتحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة العربية والأفريقية يحتم التكاتف العربي الأفريقي والوقوف صفاً واحداً في وجه محاولات تهديد أمن واستقرار الشعوب العربية والأفريقية في إطار التشاور والتنسيق الدوري في مواجهة التحديات والتدخلات الخارجية والتأكيد على رفض كافة أشكال التدخل الأجنبي والحرص على اتخاذ مواقف مشتركة من شأنها أن تحافظ على المصالح العليا، وتعزز من الأمن القومي العربي والأفريقي سعياً لاستقرار المنطقة".