النص إبداع منجز، فهل هو هندسة لفظية يلتحف ألفاظا غائمة تعمل على تشكله؟ أم هو روح شفيفة تكشف عن مكنونات وإرهاصات رؤية تنازع الملفوظ؟ فمن هذا المهاد الملتبس فكريا تلوح في أفق النص جدلية من يكتب النص.
فالنص بجناحيه الشعري والسردي قد أصبح أكثر وعيا وتنوعا في توظيف اللغة بمستوياتها الإدراكية والجمالية، بيد أن اللحظة التي تتملك المبدع هي اللحظة التي يلتقط فيها الصورة لتحيل الكتابة إلى بديل عن الحياة الواقعية، بديل عن مظاهر المنظور في يومياتنا المادية التي تسلب شفافية النفس البشرية.
إن كتابة النص هي محاولة للخـروج من عتمة الضياع إلى وهج النور لتعبر عن ضمير ملفوظ الصورة في تشكلها بما تحمله من تضمين دلالي تستفز المتلقي في حساسيته المتفردة ليغوص في كنه شتات الصورة ليشكل وعيا مرادفا لرؤية الصورة. ولا يمكن للمبدع أن ينجز عمله إلا إذا أطلق العنان للصورة لأن تتصدر ملكة الخيال الفني في سعيه لاستنطاق مكونات الفكرة، في سعيه لإنتاج الكلمات ذات المردود غير المتوقع في صورة صدامية للعقل المتلقي وللنسيج اللفظي من أجل حدوث الدهشة المتوخاة من النص.
ومما لا شك فيه أن رؤية النص تمثل المحور الأساس في تشكيل ماهية فضاء النص، كمـا أنها أي رؤية النص تعمل علـى رصد مساحة المناورة التي تكمن في منتج الخطاب النصي في تداوله بين الصورة والملفوظ، وهو ما يضفي مسحة العمق الإدراكي لمفهوم النص بعيدا عن ظاهرة التسطيح العفوية والمباشرة في التناول.
وهكذا يتبين أن الصورة هي التي تكتب النص بألفاظ المبدع الصادرة من مخزونه الفكري والمعرفي في نسـق دلالي ليضيء معـرفة متجددة عن طريق فعـل الدهشة التي تحيل المألوف إلى غيره المثير، وفي الوقت ذاته دعوة القارئ الناقد لقبول حالة التحدي للكشف عن عوالم النص.