وجهت الكلمة الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، خلال افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب، رسائل أمل كثيرة للمواطنين بأن البحرين ماضية في العمل بجد لتحقيق مستقبل أفضل للبلاد والمواطنين والأجيال القادمة، وتتطلع إلى المستقبل بتفاؤل كبير، وهي تقطع أشواط التقدم الحضاري في بناء الدولة المدنية الحديثة، المواكبة لحركة التقدم العلمي والتقني، انسجاماً مع وتيرة التنمية العالمية. حيث وضعت الخطط الاستشرافية والبرامج النوعية، لاستدامة تدفق الاستثمارات، الوطنية والخارجية، التي تصب في اتجاه تنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني، وتنميته بحسب ما حددته أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030. وشهدت المملكة على مدى العشر سنوات الماضية معدلات نمو إيجابية، وبنتائج مطمئنة ومشجعة، تؤكد سلامة السياسات الاقتصادية المتبعة. وأنها في ظل المتغيرات المتسارعة والتحديات الطارئة التي يمر بها العالم اليوم، تبحث عن إيجاد الصيغة المناسبة من التعامل المرن، والتفكير المتجدد للحفاظ على هذا التقدم.

وتضع الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء التوجيهات الملكية السامية في أعلى سلم أولوياتها، وتسعى بالتعاون مع السلطة التشريعية لتحقيق التطلعات الملكية التي تهدف لتعزيز التنمية والتقدم للبلاد والمواطنين.

وكان للقطاع النفطي نصيب كبير في استراتيجية المملكة للتنمية والتطوير، دعماً للاقتصاد الوطني وسعياً لتوفير فرص عمل أكبر للمواطنين، وهو ما أكده جلالة الملك في خطابه السامي بأن البحرين توجه العناية الفائقة لقطاع النفط والغاز في ضوء الاكتشافات الكبيرة التي أعلن جلالته عنها مؤخراً وتوجيهات جلالته بتسريع خطى التطوير في مشاريعها، حيث تم تدشين مجموعة من المشاريع التنموية الكبرى، التي ستسهم في استدامة الموارد وخلق فرص نوعية واعدة يعود أثرها لصالح الوطن والمواطنين، من أبرزها، مشروع تحديث واستبدال خط الأنابيب النفطي الجديد الذي يربط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، بغية مضاعفة السعة الاستيعابية للأنابيب، ومصنع الغاز الثالث لشركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز)، الذي دشنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، أبريل الماضي، ويعد من أكبر المشاريع الصناعية في تاريخ شركة بناغاز، واستعان بخبرات وطنية بحرينية على درجة عالية من الكفاءة والمهارة.

ومن المشروعات التطويرية الضخمة مشروع تحديث مصفاة البحرين، وتصل ميزانيته إلى 6 مليارات دولار، وتم الانتهاء مؤخراً من طرح 70% من مناقصات المشروع الذي سيوفر 750 وظيفة بحلول العام 2022، وتطمح شركة بابكو إلى بحرنة غالبية الوظائف بالمشروع. كما وقعت البحرين على عدد من الاتفاقات الخاصة بالاستكشاف والمشاركة في الإنتاج مع عدد من الشركات النفطية العالمية مثل شركة ايني الايطالية لاستخراج النفط والغاز في القاطع البحري الشمالي رقم 1، ومذكرة تفاهم مع شركة توتال الفرنسية وشركة بيكر هيوز وغيرها من الشركات العالمية من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وفرنسا ومختلف دول العالم.

ومع هذه المشروعات الوطنية العملاقة في القطاع النفطي، سعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز إلى تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في مختلف الشركات الوطنية المنضوية تحت مظلة الهيئة، لإشراك المواطن بشكل فاعل وكامل في جميع نواحي المسيرة التنموية. وتنطلق هذه السياسة من إيمان قيادة جلالة الملك المفدى بأهمية العنصر البشري البحريني وتنمية مهاراته وقدراته العلمية والعملية، باعتباره عماد العملية الإنتاجية والنهوض به وأهمية أن يكون العائد الاقتصادي للمشروعات الإنتاجية والتنموية يصب في صالح المواطن.

وقامت الهيئة الوطنية للنفط والغاز في سبيل ذلك بالتوجيه والإشراف على الشركات النفطية باعتماد وتخصيص ميزانيات كبيرة للتدريب المهني والعلمي، وبالتزامن مع ذلك تعاونت مع الشركات التابعة بوضع سياسة الإحلال الوظيفي وإفساح المجال للموظف البحريني من الجنسين لتبوؤ المراكز القيادية في كافة الشركات النفطية الكبرى.

كما عملت الهيئة على تأهيل الجيل الجديد من الكوادر الوطنية للعمل وفق متطلبات العصر الصناعي الجديد، من خلال توجيه الشركات النفطية التابعة باعتماد تقنيات التدريب الحديثة، حيث تعتمد على استراتيجيات التدريب المتطورة في تدريب الموارد البشرية بصورة دورية وبأحدث الوسائل العملية والعلمية التي تسهم بشكل فعال في زيادة المعارف وتعزيز القدرات الإنتاجية لدى موظفيها وجميع منتسبيها ومنتسبي الشركات التابعة لها. حيث تسعى الهيئة والشركات النفطية المنضوية تحت مظلتها إلى تشجيع الكوادر البحرينية على تطوير قدراتهم ومهاراتهم العملية والعلمية من أجل المساهمة في رفع معدلات الإنتاجية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركات النفطية من خلال عدد من البرامج والخطوات الجادة، ومن أبرزها تطوير أكاديمية النفط والغاز التابعة لشركة بابكو في عوالي، التي تعمل على دعم وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية. وتطرح الأكاديمية برنامج الدبلوم الذي يستمر لمدة 3 سنوات. وخلال البرنامج، يحضر المتدربون السنة التمهيدية الأولى، ثم يتبعها سنتان دراسيتان للحصول على الشهادة مع استكمال مقررات البرنامج، إضافة إلى المقررات الفنية والتدريب العملي اللازم من أجل إعدادهم وتأهيلهم لوظيفة مشغل بالمصفاة. وطورت المناهج الدراسية الخاصة بالسنة التمهيدية وبرنامج الدبلوم بكل عناية وبشكل مدروس من أجل الوفاء باحتياجات ومتطلبات بابكو، ووفق أفضل الممارسات التعليمية المعمول بها. وينتظم كل عام مجموعات جديدة في البرنامج، وتسعى الأكاديمية إلى توسيع نطاق برنامج الدبلوم ليشمل عدد من التخصصات الفنية الأخرى حسب احتياجات الشركة.

وعملت الهيئة الوطنية للنفط والغاز على إشراك القطاع الخاص البحريني بشكل أوسع للاستفادة من الفرص الاستثمارية. وأكد وزير النفط في يناير الماضي أن الهيئة تعمل بالشراكة مع القطاع الخاص على تنفيذ عدد من المشاريع النفطية الحيوية والمهمة وفق خطط استراتيجية رصينة ومدروسة، ومن أبرز المشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص مشروع مرفأ الغاز الطبيعي المسال.

وتعمل الهيئة من أجل الاعتماد على القوى العاملة الوطنية لإدارة مختلف القطاعات الإنتاجية، والحرص على تولي الكوادر البحرينية المناصب القيادية، إذ كان لهم دور كبير في تطوير العمليات وتحقيقها للعديد من الإنجازات المتتالية في قطاعي النفط والغاز. وتعد سياسة بحرنة الوظائف مثالاً يحتذى لمختلف الشركات والمنشآت الوطنية العاملة في القطاع الخاص، ووصل عدد المواطنين العاملين في شركة بابكو على سبيل المثال 1790 موظفاً من أصل 2486 موظفاً بالشركة بشكل عام حسب إحصاءات العام 2018.

وتهتم الهيئة الوطنية للنفط والغاز بتوظيف العنصر النسائي وتمكينه من تبوؤ مناصب عليا في مختلف الأقسام الإدارية والفنية بالقطاع. وتدعم تطوير التعليم، ودعم الطلبة في المجالات التي تحتاجها الهيئة، حيث تدعم شركة بابكو عشرات الطلبة كل عام في مختلف مجالات التعليم العالي داخل مملكة البحرين وخارجها لتأهيلهم للعمل بالهيئة والشركات التابعة لها.

ويحق للبحرين أن تفخر بأن الإنجازات التي تحققت في القطاع النفطي طوال السنوات الماضية كانت بسواعد بحرينية ذات كفاءة عالية، ما ساهم في تبوئها مكانة رفيعة بين شركات النفط والغاز العالمية، والقيام بدورها الرائد والإيجابي في دعم الاقتصاد الوطني للبحرين والإسهام في التنمية الصناعية للبلاد.