للفضاءات سياق
د.عبدالقادر المرزوقي
إشكالية الفكر والعمل
حوار يدور بين الفكر والعمل، ولكنه حوار صامت في أغلب الأحـيان وهامس في أحيان أخرى، والولوج في هذه الإشكالية قد تفتح إشكاليات أخرى، يتفق معها جمع ويختلف آخـر. أطرح هذه الإشكالية في هذا العمود المتواضع علني أستفز استفزازا إيجابيا تلك النخبة التي ما انفكت تسهم بجهودها العلمية لفتح آفاق المعرفة لأجيالنا الحاضرة والقادمة.
هذا المهاد النظري يقود إلى سؤال جوهري، يشكل مدخلا لمناقشة هذه الفكرة في مستوياتها الأولى، فيقول السؤال هل الفكر منتج (بكسر التاء) للعمل أم أنه العكس العمل هو منتج للفكر؟ وسؤال آخر كيف يتبين لنا آثار هذه الانعكاسات على كل منهم؟
أحسب أن الرؤية الفكرية هي مجموعة من خبرات عملية وإرهاصات لنظرة تحيط بحيثيات قد تكون أيديولوجية أو اجتماعية فـي سياق الكون المجتمعي، وعليه فإن الفصل بين الفكر والعمل قد يبدو فيه شيء من التعسف العبثي، فإذا كان ذلك كذلك فكيف لنا أن نستقرئ توظيف الفكر في الحياة العملية بمفاصلهـا الاجتماعية والسـياسية والاقتصادية التي من شأنها أن تكون ترجمة للفكر وصاحب الفكر في سلوكه المعرفي والإنساني، وهي الفكرة والمبدأ ذاته التي لا بد أن تصدر من الأديب شعرا أو رواية أو نقدا.
أعتقد والرأي للمتلقي أن الرؤية الفكرية يجب ألا تكون مجرد ترف فكري تحمل أوزارهـا الأوراق دون ملامسة التطبيق، ولعل هذا يقودنا إلى التفريق بين المفكر المنتج للأفكار وبين المفكر في تعامله مع الأفكار، إذ أن المفكر يصدر في أفكاره من خلال الظواهر المتشابكة اجتماعيا وسياسيا في صيرورتها المتجددة والمتفاعلة في محيطها الإنساني والمعرفي لتشكل وهجا حياتيا يؤسس نهجا واعيا لبناء الفكر الإنساني.
أما اشتغال المفكر في تعامله مـع الأفكار فهو يرمي فيما يرمي إليه إلى ترجمة الأفكار إلى واقع عملي وربطها بالظواهـر الحياتية في ملامستها للوجود الإنساني كما هي الأعمال الفكرية لبعض من يشتغل في هذا المنحى الفكري من أدباء العرب.